في عالم يموج بالتغيرات، ويتعرض بين الحين والآخر لموجات محسوبة أو غير محسوبة من الأزمات والصدمات والتحولات، بدت المملكة قادرة على التكيّف المرن مع مختلف المستجدات، منطلقة من رؤية واضحة، ومن ثقة في مسؤولية اتخاذ القرار، متطلعة لتجنب أي اهتزازات على المستويين المتوسط والبعيد.

حين تتضافر الأزمات، وتتحول إلى تهديد جدي لأي عمل اقتصادي مهم، لا يمكن لقيادة حكيمة أن تبقى متفرجة، منتظرة انفراج الأمور من تلقاء نفسها، بل لا بد من أن تتحرك وتتخذ من الإجراءات ما يجنبها التبعات السلبية المترتبة على هذه الأزمات الكاشفة لمدة مرونة الحكومات وقدرتها على التعاطي مع المستجدات بأقل قدر ممكن من الانعكاسات السلبية، ومن هنا يأتي الفهم للإجراءات الأخيرة التي اتخذت، والتي جاءت تلبية لانخفاض حاد في أسواق النفط، وتفشي جائحة كورونا، والتي وصفها وزير المالية محمد الجدعان بأنها إجراءات اقتصادية مؤلمة، لكنها في عرف الجميع كانت ضرورية ولازمة، لتجنب مخاطر أشد، أقلها تجنب دخول المملكة في كساد لمدة طويلة تنعكس بعدم النمو وارتفاع نسب البطالة لأرقام غير مسبوقة، وهذا قد يضرب كل الإنجازات التي تحققت خلال الـ5 سنوات الماضية في مقتل، مثل ارتفاع نسبة تملك المواطنين في الإسكان من 43% إلى 57%. ونمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة 23%.

الأقل حدة

المملكة جزء من هذا العالم، وهي تتأثر بأي تداعيات تطاله، ولكن مرونتها تتمثل في قدرتها على التعاطي مع الأزمات بقرارات وإجراءات تتناسب مع حجم وحدة الأزمة، وبمقارنة الإجراءات السعودية مع ما تم اتخاذه من كبريات نجدها الأقل والأخف ضررا على المواطن، كما أن فهم أبعادها جعل المواطن شريكا فيها، حيث ترمي إلى المحافظة على القوة المالية للدولة ومدخراتها، بما يعيد انطلاق الاقتصاد، ويضمن النمو والتنمية، ويجنب المملكة مخاطر كساد يهدد العالم.

تخفيض طبيعي

جاءت القرارات المالية الأخيرة التي خفضت الإنفاق بحدود 30 مليار ريال في إطارها الطبيعي، وتناولت تخفيض ميزانيات مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى، لتخفيف آثار الجائحة، دون أن تعني إيقاف العمل بهذا المشاريع.

على الرغم من أن القرارات طالت كذلك بدل غلاء المعيشة، فإنها لم تمس الراتب الأساسي للموظف، فبدل الغلاء يعد دعما إضافيا على تلك الرواتب التي لم يطالها أي تغييرات، ويأتي توقيته في ظرف يمر فيه الاقتصاد العالمي في مرحلة تقترب من الكساد.

قرارات

اشتملت القرارات التي اتخذت على إلغاء أو تمديد أو تأجيل بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية وإيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من يونيو ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءاً من الأول من يوليو.

وقد بلغ أثر ما تم إقراره من إجراءات 100 مليار ريال تقريبا مقابل رصد الدولة 177 مليارا لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر جائحة كورونا على القطاع الخاص والمحافظة على رواتب الموظفين فيه، كما راعت القرارات الاقتصادية عدم تأثر الأسر الضمانية والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية بالقرارات، حيث تولي الدولة هذه الفئات جل اهتمامها وتحرص بشدة على ألا تطالهم أي تأثيرات.

إصلاحات مثمرة

كان من الممكن أن تكون المملكة في وضع اقتصادي أصعب مع هذه الأزمة لولا الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها ولي العهد منذ 2015، بما فيها تنويع مصادر الدخل عبر تنمية الإيرادات غير النفطية وتقليل الاعتماد على البترول والتركيز على الاستثمارات وهو ما جنّب البلاد هذه الأيام سيناريو كارثيا كان ممكن أن يصل حد الإفلاس.

على الرغم من الإجراءات المؤلمة، فإن التأكيدات ما تزال تتوالى على الاستمرار في المشاريع دون توقف على الرغم من تخفيض الإنفاق عليها.

تكالب المتاعب

منذ بدء أزمة كورونا سعت الدولة إلى تجنيب المواطن وحتى العاملين من المقيمين في القطاع الخاص أثر التداعيات، لكن الأثر العالمي للأزمة قاد إلى انخفاض الطلب على النفط، مما يعني انخفاض الإيرادات النفطية بشكل كبير ربما يصل حتى الثلث، إضافة لتراجع الصادرات غير النفطية.

كل هذه الأمور مجتمعة، ومع عدم التيقن من حجم الضرر الكبير الذي سيلحق بكل الاقتصاديات حول العالم لطبيعة هذه الأزمة المختلفة جذريا عن غالبية الأزمات والصدمات السابقة، ومع معدلات النمو المحلية التي تأثرت في اقتصادات العالم، كان لا بد من إجراءات حاسمة، تجعل مقدار الضرر أقل.

أهمية الإجراءات

01

تجنب اقتصاد المملكة الكساد

02

عدم السماح لنسب البطالة بالارتفاع

03

الخروج من الأزمة بأقل الأضرار الممكنة

صدمات للاقتصاد

01

انخفاض غير مسبوق في الطلب على النفط

02

انخفاض النشاطات الاقتصادية للحفاظ على روح المواطنين والمقيمين

03

الاحتياجات الطارئة لنفقات غير مخطط لها