مهما كانت الرغبة واضحة وناضجة في كسب الأصدقاء، ومهما كانت التجربة الشخصية عميقة في التعامل مع الآخرين، فإن عملية كسب رضا الناس وامتلاك قلوبهم تظل عملا صعبا لا يجيده إلا قلة من البشر.

هناك من ترك مكانه وغادرنا إلى مكان أو عالم آخر، وبقي أثره، فالكل يحبه ويذكره بالخير ويدعو له، وهناك من لم تستطع الذاكرة أن تحتويه أو أن تضعه في سجل محفوظاتها.

من أخطر الأمور في العلاقات الإنسانية عندما نجعل أهواءنا ورغباتنا الشخصية تسيطر على مواقفنا وتصرفاتنا وأفعالنا. وفي العلاقات الإنسانية يجب ألا نكون خاضعين للنظم والتنظيمات التي قد تكون مصابة بالقصور في أمور كثيرة، أهمها عدم مراعاة البعد الإنساني عند وضع النظام.

من أساسيات التعامل مع الآخرين أن يؤمن كل شخص أنه يريد أن يكون قدوة، وأن يعتقد أن قلوب الآخرين دائما مملوءة بالشكر والعرفان والاحتفاظ بالجميل.

في مجتمعاتنا كثير من الأعراف الجميلة التي ما زالت تؤثر في العلاقات الاجتماعية، وتجعل مجتمعاتنا أفضل من غيرها في التماسك والتقارب الإنساني، ومن الأقوال المأثورة (عندما تكون الأعراف كافية ووافية فمن السهل تطبيق الأنظمة والقوانين).

معظمنا يسعى في قرارة نفسه إلى التقرب من الآخرين وفهمهم والاندماج بهم، وقد يمنع هذه الفطرة الإنسانية بعض المواقف والتصرفات والأمراض التي قد تتسبب في النفور الاجتماعي.

في عصرنا الحديث كثير من وسائل التواصل الاجتماعي التي نستخدمها بإفراط لكن ما زلنا نشعر بفراغ وعزلة اجتماعية، فكيف نتغلب على تلك المشاعر. من الأمور العظيمة أن يكون لك أصدقاء تحرص على مقابلتهم والجلوس معهم. ومن المهم أيضا كسر حاجز الصمت لمن هم حولك في أي موقع، فالحديث الجيد جواز سفر إلى معظم القلوب حتى تلك التي لا نعرفها جيدا.

علينا أيضا ألا نتدخل في تفاصيل حياة الآخرين، وألا نخوض في شؤونهم الخاصة، وأن نحترم خصوصيتهم.

إن معظم الأخطاء التي نقع فيها والقرارات التي نتسرع في اتخاذها كانت بسبب عدم وجود الرأي الحكيم الذي تحتاجه لنشاوره ونناقشه، فيحذرك من مخاطر تلك القرارات، وينبهك إلى الخسائر المحتملة لتلك الأخطاء.

وعلينا ألا ننسى أن حضور المناسبات والمشاركة فيها لها بالغ الأثر في النفوس، ومن أقوى وشائج التواصل والألفة. كذلك زيارة المرضى والأصدقاء وزملاء العمل، وتفقد أحوالهم لها الأثر الأكبر في النفس البشرية.

إن الاستماع لرأي المخالفين والخصوم وعدم التسرع في إطلاق الأحكام ومحاولة التحكم في الحوارات عندما تخرج عن إطارها السليم، يتطلب سعة في البال والصدر، وأن نتذكر الوصية العظيمة لخير البشر (لا تغضب).

مع ظروف الحياة العصرية وتقلباتها قد يكون من الصعب أن تثق بالناس ثقة عمياء، لكن كن حسن الظن بالآخرين، فطنا ذكيا في التعامل معهم.

وأخيرا لنتذكر عندما نبحث عن الصفات الحميدة في الآخرين فسنجدها، وعندما نبحث عن الصفات القبيحة فسنجدها أيضا، وعليه فليكن كل شخص ودودا محبا للآخرين لطيفا معهم، فهذه صفات تدل على سمو صاحبها وسلامة قلبه.