في السنوات الماضية كان التحقيق مع المرأة المتهمة بقضية ما، والموقوفة على ذمة التحقيق ليس بالأمر السهل أبداً على ضباط التحقيق وخاصة في القضايا الجنائية، لذلك كان يتم الاستعانة بالكوادر النسائية اللاتي يعملن في السجون النسائية، أو مؤسسات رعاية الفتيات، أو وحدات الحماية الاجتماعية حسب نوع كل قضية، ورغم ذلك تكون هناك بعض الصعوبات أثناء التحقيق، والتحفظ على بعض الحقائق من المتهمة وارد، ما يزيد من وقت التحقيق وإعادته أحياناً مع الاستعانة باستمرار بالأخصائيات الاجتماعيات أو النفسيات لمساعدتهم في الوقوف على حقيقة بعض القضايا ذات الجانب الجنائي والأخلاقي، لذا كانت الأخصائية المرافقة مع «المتهمة» هي الوسيط ما بين المُحقق والمتهمة، وهذا ما يُثقل من مهمة المحقق على فترة زمنية طويلة، وقد عشت وشاركت في تجارب كثيرة لقضايا مختلفة مع ضباط تحقيق أكفاء وذوي مهارة وخبرة لا يستهان بهما، ولكن حاجتهم لوجود مساعدات لهم في القضايا النسائية كانت مطلبا هاما جداً، حيث إن سيكولوجية المرأة سواء أكانت ذات ميول انحرافية أو إجرامية تحتاج لمهارة في التعرف عليها بوقتٍ قياسي، ما يساعد على الوصول للحقيقة بسهولة، وطالبت سابقاً (خلال سنوات عملي السابقة في مجال الحماية الاجتماعية) بأهمية وجود أخصائية نفسية من ذوات الخبرة والمهارة في مجال قضايا العنف الأسري مع محققي النيابة أثناء التحقيق في (قضايا العنف الجنسي ضد الأطفال بالذات)، حيث إن تعرض الأطفال لتجربة التحقيق مع المتهم بدون وجود أخصائي نفسي، أو أحد المقربين منه يؤثر في الوقوف على حقيقة الجُرم بسهولة، لذلك نستبشر خيراً بتعيين نساء بمرتبة «ملازم تحقيق» على سلك الأعضاء في النيابة العامة، فالأمر الملكي يحمل مؤشرات إيجابية عظيمة، منها أولاً (ثقة قيادتنا الرشيدة في كفاءة المرأة ودخولها هذا المجال القضائي في النيابة العامة، ما يدعم من قدرتها ومكانتها في خدمة الوطن). ثانياً: حاجة الكثير من القضايا النسائية الجنائية بالذات، لمحققات ذوات كفاءة ومهارة في التعامل مع إجراءات التحقيق بدون وسيط، وبدون تحفظ في تلك القضايا الحساسة التي تحتاج لمهارات في لغة الجسد وغيرها من المهارات التي نأمل وجودها فعلاً في المحققات القادمات، باعتبار أنهن يحملن الصفة القضائية، ويشغلن وظيفة «محقق جنائي»، وسيمارسن التحقيق في الجرائم كالقتل والخطف والاغتصاب والابتزاز وتهريب المخدرات وغيرها من الجرائم. وأتمنى أخيراً من النائب العام الشيخ سعود المعجب مشكوراً فتح المجال للمختصات الاجتماعيات أو النفسيات لحضور التحقيق للقضايا النسائية وقضايا الأطفال، والتي يتم التحقيق فيها لدى النيابة العامة، وليس تحت مظلة المؤسسات الإصلاحية، حيث إن دورهن هام وداعم في احتواء مثل تلك القضايا مع المحققات.