لأن الغريق يتعلق بقشة يزداد شغف العامة لمعرفة نتائج الأبحاث عن كوفيد19 أي بارقة أمل، أي تطعيمات أو حتى توليفة عطار تقضي عليه.

هكذا يتناقل العامة فيما بينهم اسم أي علاج يتم الحديث عنه في الأخبار أو في الصحف أو المواقع العلمية. بداية من نبأ عزل الفيروس وبدء إجراء الأبحاث عليه ففهم بعض العامة أنه تم التوصل لعلاج!

وحينما اُستخدم علاج الملاريا الكلوروكين والهيدروكسي كلوروكوين ظنه البعض الدواء المعجزة منقذ البشرية، وكثر بيعه ولمع نجمه، وعرفه القاصي والداني وتداول اسمه العالم أجمع، حتى إنني خفت من أن يقدم الناس على استخدامه من تلقاء أنفسهم إن ساورهم الشك في أنفسهم وظنوا أن كورونا تسلل إلى أجسادهم، ولكنه لم يوقف الوباء ولم يقلل الوفيات وعليه ما عليه من الملاحظات.

وظهر دواء فيروس المناعة المكتسب (لوبينافير وريتونافير)، وكذلك ريبافيرين والذي يُستخدم لعلاج الالتهاب الكبدي الفيروسي سي، وتم استخدامه من قبل في علاج السارس الصيني عام 2003، ظنه الناس الدواء الأفضل بعد نشر اسمه في كثير من المواقع والمجلات العلمية واعتمدته بعض المراكز الطبية، الأمر المحزن في الموضوع هو أنه لا أحد يدرك من غير ذوي الاختصاص أن كل هذه العلاجات هي محاولات للسيطرة على المرض وتقليل نشاطه وقائمة على نتائج بعض المراكز الطبية ونتائج الأبحاث العلمية، وليس هناك علاج فعلي لفيروس كوفيد19 حتى الآن، وإنما علاجات داعمة لتحسين الوظائف التنفسية وتقليل المضاعفات.

ومؤخرا سطع اسم الديكساميثازون وشاع ذكره وانقسم الناس إلى قسمين قسم متهكم حيث يعلم أن الديكساميثازون هو نوع من الكورتيزون وإذا قلت الحيلة ولم تفد العلاجات اُستخدم لتقليل المضاعفات، وهو يُستخدم عادة في حالات الأمراض الرئوية الحادة (acut lung injury)، وهذا ليس بجديد ويُستخدم للمرضى الذين يحتاجون إلى دعم تنفسي والحالات الحرجة لتقليل المضاعفات التنفسية وليس للتخلص من الفيروس، وجزء من الناس ظن أنه علاج سيخلص العالم من كورونا وسيعيش العالم بلا قيود ولا حجر يتصافحون ويتنزهون ويسافرون بلا قلق كما كانوا من قبل. ولتجنب هذا اللغط أرى أن الناس ليسوا معنيين بأسماء العلاجات، كل ما يهمهم هو إنتاج علاج ناجح أو لقاح نافع يحتمون به، وعلى سبيل المثال رغم كثرة الأمراض السرطانية لا يعرف أسماء الأدوية الكيماوية إلا ذوو الاختصاص، أخشى ما أخشاه هو أن يسيء بعض الناس استخدام العلاج أو يعتقدون أنه عصا موسى فيعيدون سيرتهم الأولى.

التوعية الصحية شيء والتعليم الطبي شيء مختلف، كل ما علينا فعله للناس هو توعيتهم وإخبارهم بالطبع أن هناك أبحاثا دائمة والبروتوكولات العلاجية قابلة للتغيير حسب نتائج الدراسات والأبحاث والنتائج السريرية للمراكز الطبية، وحسب المعايير العالمية المتعارف عليها، وما زال البحث جاريا عن عصا موسى حتى تاريخه. كل ما يجب معرفته في الوقت الحالي أنه خير للجميع ألا يصابون بالمرض، لأنه ليس هناك علاج ناجح مثبت مئة بالمئة، وكي لا يصاب يغلق الباب ويأخذ بالأسباب.