نشر الزميل عبدالله الشهري مراسل مجموعة MBC في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، صورة لكاريكاتير (أجنبي) قديم يظهر فيه مجموعة من الجيران الذين تفصل بينهم جدران بيوتهم، وكل منهم لا يرى الآخر، ولكن كلا منهم يحمل بيديه سلة مهملات يلقي بها في فناء جاره، والجار يحمل سلة مهملاته من المهملات التي رماها جاره ليلقي بها في فناء الجار الآخر، والجار الآخر يقوم بما قام به الجار الأول، وهكذا حتى تمر تلك النفايات على جميع بيوت الجيران ليلقي بها كل منهم خارج أسوار منزله وهو لا يعلم أنها تعود إلى فنائه من جاره الآخر.

وكانت النفايات التي يقوم هؤلاء الجيران بإعادة تدويرها والتي كل منهم يلقي بها على الآخر، عبارة عن رسائل تحمل شعارات لمواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة التي نستخدمها يوميا، في إشارة إلى أننا نقوم بإعادة إرسال أو إعادة تغريد أو إعادة توجيه أو.... أو..... لما يصل إلى داخل جدران هواتفنا، لنرمي بها في فناء جيراننا الافتراضيين على هذه الشبكات الاجتماعية.

وطلب الزميل عبدالله من متابعيه كتابة تعليق يناسب هذا الكاريكاتير، وقال، إنه تلقى تعليقات ساخرة، ومنها المثل الدارج في الجنوب (صبه رده)، في تشبيه بليغ لطريقة تعاملنا مع وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن كان هناك تعليق على هذا الكاريكاتير يقول: «إعادة تدوير نفايات الأخلاق»، فهل هذا هو ما نقوم به بالفعل؟

إذ إنك قد تجد هاتفك المحمول بلا حول ولا قوة له، قد امتلأ بوجوه أناس حتى قد يكونوا يسكنون معنا في المنطقة نفسها، وقد ظهرت لهم مقاطع تدمي قلوبهم في لحظتها، ولكننا تبادلناها على سبيل السخرية والتهريج، والهمز واللمز، وإعلاء للنعرات القبلية والطائفية والمذهبية. فما شأن جوالي ثم جوال جاري الافتراضي الذي قمت بإعادة تدوير هذه الرسالة له، بشخص قد أرسل «قفص مانجو» من الرياض مع شخص لم يحتمل لذة طعم هذه الأمانة ليأكل منها، وهاجت وماجت مواقع التواصل لهذا الشخص الذي لم تصله إلا بقايا المانجو، وما شأن جوالي بمئات القصص المشابهة بهذه القصة والتي تمر به يوميا، وكان الأحرى بها ألا تخرج من بين اثنين كمقاطع تصوير أنثى تقود سيارتها مثلا، وتجدها بعد ساعات وقد قادت سيارتها في جميع أنحاء العالم، وبالتأكيد فإن هذا الشيء بغير إذنها.

نظرة للسماء: حينما شبه الله الغيبة «التي قد نراها هينة» بأن يأكل المغتاب لحم أخيه ميتا، فهذا دليل على حفاظ الدين على مكارم الأخلاق التي زرعت في البشر حول العالم بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والثقافية، فهل قمنا بتجاهل مكارم الأخلاق لنهتم بـ»إعادة تدوير نفايات الأخلاق»؟!