اعتدنا كأجيال سعودية متعاقبة، أن يحتل شعار أرامكو السعودية وعلامتها التجارية كأكبر شركة ربحية في العالم، موقعاً مرموقاً على واجهات المشاريع العملاقة المحلية والدولية كمصافي النفط والمدن الصناعية، ومنصاتها البرية في صحارينا القفار الغزيرة بنعمة النفط، وحفاراتها البحرية التي تطرز خليجنا العربي كاللؤلؤ المنثور، وانتهاء بمقارها ومكاتبها التي تتربع شامخة على تلال مدينة الظهران، وذلك ما ظل يمثّل مصدر فخرٍ لنا كسعوديين منذ تأسيس هذا الكيان العالمي قبل نحو تسعة عقود.

اليوم؛ على شاشات العالم نشاهد بكل فخر عملاق الطاقة العالمية والصناعة الوطنية يدخل لأول مرة مضمار سباقات الفورمولا 1 كراعية لهذه الفعالية الرياضية التي يشد لها الرياضيون الرحال من أقاصي الدنيا لحضور سباقاتها، وقد يتساءل البعض.. لماذا تدخل أرامكو السعودية هذا المعترك وهي "ابنة النفط البارة"؟ وما علاقة أرامكو السعودية برياضة السيارات؟ ولماذا ستتوسع الشركة في رعاية مسابقات فورمولا 1 قادمة بل وسيتجاوز الأمر بأن يكون السباق باسم "سباق أرامكو الجائزة الكبرى" بدلاً من سباق الجائزة الكبرى للمجر أو إسبانيا مثلاً؟

وجميع تلك الأسئلة وغيرها يرتبط بما أشرت إليه أعلاه بوصف أرامكو السعودية أكبر شركة ربحية على مستوى العالم، وبناء على ذلك فإن وضع الشركة في المسار التسويقي للعلامة التجارية من أبجديات الاستثمار، إذ إن الشركة أصبحت مدرجة حالياً في سوق الأسهم السعودية، ولديها أنشطة كبيرة في أسواق البتروكيميائيات والتجزئة، حيث أصبحت مورداً مهماً لزيوت الأساس والتشحيم، وإضافة لأبحاثها المعروفة في تطوير تقنيات المحركات والطاقة النظيفة، وذلك يعني أن تدخل حلبة المنافسة مع شركات الطاقة الدولية التي تستثمر في هذه المجالات، وجميعنا شاهد شعارات كثير من تلك الشركات في الفعاليات الرياضية سواء لسباقات الفورمولا 1 أو كرة القدم وغيرها.

وبما أن رياضة سباقات الفورمولا 1 تحظى بمشاهدات عالية، فذلك مجال تعرّض تسويقي مهم لأي شركة لديها منتج استهلاكي، وبالإضافة لكون هذه الرياضة من الأكثر مشاهدة فإنها تمثّل ما سيكون عليه مستقبل قطاع النقل من حيث المحركات، والتقنيات المستخدمة، والمواد المتطورة والبيانات الضخمة والتي ترفع تنافسية الفرق المتسابقة. أما خارج حلبة السباق فالكثير مما نشاهده في السيارات التي يمتلكها الأفراد من تقنية، ومعايير للسلامة، وكفاءة المحركات، والاستدامة هو بطبيعة الأمر وليد سيارات الفورمولا 1 المتطورة.

ولو عدنا بالذاكرة إلى الخلف قليلاً سنتذكر ما قامت به أرامكو السعودية عبر مركز أبحاثها بتطوير أنظمة وقود ومحركات متطورة تستخدم البنزين والديزل، حيث يتمثّل هدفها في تعزيز تطوير واستخدام أنظمة محركات وقود تعتمد على النفط وتتسم بالكفاءة والاستدامة والاقتصاد في التكاليف، كما يعمل في مراكز الشركة البحثية التي تنتشر حول العالم، أكثر من 80 خبيرًا، بما في ذلك مهندسو السيارات، ومهندسون كيميائيون، وعلماء في مجال الوقود، من بينهم كفاءات وطنية، يتعاونون مع كبريات شركات تصنيع محركات السيارات، إذ إن أرامكو السعودية تعمل على تصاميم جديدة لمحركات الاحتراق الداخلي وتطوير تقنيات رائدة في قطاع النقل.

الرعاية التي أعتبرها نيشان شرف على صدر أرامكو السعودية تؤكد دورها في حماية البيئة، وأن دورها يتجاوز غرس الشتلات بـ"الملايين" إلى التزامها الجاد بتخفيف الانبعاثات الكربونية، حيث تزامنت هذه الرعاية مع الوقت الذي تعهدت فيه فورمولا 1 بتقديم سيارات سباق لا يصدر منها أيّ انبعاثات كربونية بحلول 2050م، كما أن الفورمولا 1 تأتي في طليعة ابتكار تقنيات السيارات، وتوفر منصة عالمية تدعم الحد الأقصى لمحركات الاحتراق الداخلي والتقنيات التي تقلل من الانبعاثات. وتتماشى هذه الجهود مع أبحاث الشركة الخاصة بتطوير أنواع وقود ومحركات احتراق داخلي أكثر كفاءة.

ومنذ أن بدأت إرهاصات اكتتاب أرامكو السعودية أصبح لزاماً على الشركة التعريف بعلامتها التجارية واستهداف فئات من الجماهير للتعريف بهويتها التجارية، فوقع الاختيار على ذروة سنام رياضة السيارات "فورمولا 1" والتي لديها جمهور عالمي يضم 500 مليون مهتم، معززين بتلك الرعاية زيادة الوعي بعلامة أرامكو السعودية التجارية وجهودنا البحثية بين عشاق السيارات والجمهور العالمي لفورمولا 1 ككل، وهذه فرصة ذهبية لتعريف العالم أكثر بعلامة تجارية عالمية ومفخرة وطنية على كلّ الصُعد ونفاخر بها كأبناء الوطن ما بناه أجدادنا من لبنات هذه الشركة خلال 85 عاماً حتى وصلت أرامكو السعودية إلى هذا المستوى من النجاح.

إن دخول أرامكو السعودية هذا المعترك يعزز من صورتها الذهنية وينسجم مع رؤية الشركة التوسعية، سواء من ناحية المشاريع الدولية أو المحلية، أو الشراكات الممتدة لتصبح الشركة التي لا تغيب الشمس عن مشاريعها، كما يعزز هذا الاتجاه خطط الشركة بالقرب من زبائنها من الأفراد عبر مشاريعها الجديدة التي أوشكت على تدشينها مثل محطات وقود تابعة لأرامكو السعودية تستهدف المستهلكين الأفراد، وتقدم لهم خدمات فريدة تعتمد على التقنية الحديثة والخدمة الذاتية لعملائها.