تحتشد رفوف المكتبات بكثير من الكتب والمجلات والقصص الموجهة للأطفال مثل مجلات ميكي، وماجد، وباسم، وغيرها، كما تحتشد كذلك بالكتب الموجهة للكبار، والتي تتميز بصعوبة، وقوة مفرداتها، والأفكار التي تتناولها، لكن هناك فجوة لدينا في الكتب التي تناسب فئة المراهقين، فثمة ندرة أو عزوف عن طرقها، لأسباب كثيرة، يتعلق بعضها بالعجز عن التعامل مع هذه الفئة بكل ما تحمله من جموح وتناقضات وتجاذبات.

ومن الطبيعي أن تكون الكتابة للمراهقين أشد حساسية من الكتابة للطفل، فالمراهق يمتلك قدرة أعظم على التمييز، ولديه قدر من التمرد لنسف أي معتقد لا يروقه، ودحض ورفض أي فكرة لا يرى جدوى منها، كما أنه غالبا ما يرفض أسلوب المباشرة في الكتابة له، ويتنكر لمسألة «افعل ولا تفعل»، ولذا فإن الكتابة له تحتاج مهارة وكفاءة وخبرة تضمن له النجاح في التعاطي مع هذه العجينة المتلونة بالتقلبات.

عقبة كبرى

يوضح الكاتب الروائي الدكتور خميس الشوربجي أن فترة المراهقة تشكل مرحلة انتقالية صعبة في حياة الإنسان، بغض النظر عن جنسه، حيث يشعر خلالها بتناقضات عدة، وبشد وجذب بين ما يتمناه وما هو متاح له، وبين ما يطلبه وما يُسمح له بممارسته من الحرية في الاختيار، والتعبير عن رغباته، ومشاعره، وأحاسيسه بصفة عامة.

وقال «هذا التناقض يشكل في حد ذاته العقبة الكبرى في الكتابة للمراهقين، فلو تم التعامل معهم على أنهم ليسوا كباراً بما فيه الكفاية للاطلاع على حوارات، أو أسلوب كتابة معين، لغضبوا وأحجموا عن المتابعة، وبطبيعة الحال لن يقبلوا بمتابعة الكتابات المخصصة للأطفال، فهم يشعرون أنهم ليسوا أطفالاً، كما أنهم يرغبون بشدة في التعامل معهم وفق هذا المنطق».

وحتى يصنف الكتاب على أنه مناسب للمراهقين أم لا، يعدّد الشوربجي المواصفات التي على إثرها يمكن الحكم على مدى مناسبة الكتاب لهذه الفئة، ويقول «أهمها تلك المواصفات محتوى الكتاب، فالكتب الموجه لهذه الفئة العمرية سواء أكانت من فئة الروايات، أو الخيال العلمي، أو التاريخ، أو السير الذاتية يجب أن تساعد المراهق في المقام الأول على اكتشاف ذاته، وتمكنه من بلورة شخصيته المستقلة، وتدله على كيفية التعبير عنها بأسلوب حضاري منظم ومقبول، وأن يحتوي الكتاب على ما يتوافق مع اهتمامات المراهق، ويناقش مشكلاته، وما قد يعرض له في الحياة من صعاب، أو أخطار، ويغرس في نفسه القيم النبيلة والمبادئ السامية، ويعلمه أسس التعامل السليمة في الحياة، كما يبين له الأوجه غير المرغوب فيها من أساليب التعامل بشكل عام».

ويعرج الشوربجي للتحدث عن الأسلوب الذي يفترض اتباعه عند الكتابة للمراهق، ويقول «يجب أن يكون أسلوباً بسيطاً وسهلاً، خاليا من التعقيدات اللفظية وأساليب الكتابة التي تحتاج إلى قارئ متخصص مهذب، وبعيد عما لا يناسب المراهق من أمور مثل الجنس، والغريب من الأفكار، والمعتقدات، أو الفنتازيا المبالغ فيها، وأن يكون مكتوباً بأسلوب جذاب، ومشوق، بعيد عن العنف، وخال من الجريمة».

ويتابع «يجب أن تمتاز الكتابة للمراهق بشفافية الطرح، والتركيز بشكل أكبر على الإيجابيات حتى وإن كانت صغيرة، وكذلك عدم المقارنة ما بين المراهق والشخص الكبير، وإحاطة المراهق في الكتابة بقدر كبير من الحب والاهتمام بدون مبالغة، وعدم التركيز على السلبيات أو تكرار سردها، ومشاركته في اهتماماته والكتابة عن الأمور الخاصة به والتي تشغل فكره مع ضرورة أن يتم تحديد وتخصيص الحدود الواضحة للمراهق في جميع أمور حياته، حتى يتأقلم معها ويعتاد عليها، لتغيير فكر الاعتماد على الوالدين في أمور حياته، وتحقيق قدر من الاستقلالية، والاعتماد على النفس».

تراجع القراءة

يبرر الشوربجي أسباب قلة الكتب التي تناسب المراهقين، بتراجع القراءة بشكل عام، ويعيد ذلك إلى عدم اهتمام أغلب الآباء بالقراءة، مما ينعكس سلباً على الأبناء، ويقول «ثمة غياب لعدد من الثقافات في حياتنا، وهناك تدنٍ للرغبة في المعرفة من أجل الثقافة، وقد يحجم البعض من الكُتّاب عن الكتابة لهذه الفئة العمرية ظناً منهم أن الكتابة للمراهقين تضع قيوداً على أسلوب الكاتب، وتحدّ من انطلاق أفكاره، فقد لا يستطيع إقناعهم بما يكتبه، أو لا يصل إلى قدراتهم وميولهم بالقدر المطلوب، إضافة إلى غياب الحوافز والمشجعات التي ترغّب هؤلاء المراهقين في القراءة، مع ولعهم الشديد بالرياضة، ووسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة بسهولة».

ويضيف «ليس بإمكان أي كاتب أن ينتج كتابة جيدة لهذه الفئة العمرية، فكما أن من يكتب للكبار قد لا يستطيع الكتابة الجيدة للأطفال، والعكس، فالأمر كذلك بالنسبة للمراهقين، فهناك شروط محددة تتوفر فيمن يكتب للمراهقين، منها أن يتسم بالهدوء، والشفافية، وسلاسة الأسلوب، بعيداً عن الفاحش من الألفاظ، والغريب من الأفكار، ولديه فهم كامل ووعي تام بطبيعة واحتياجات هذه المرحلة العمرية، كما تتضمن كتاباته التوجيه والإرشاد بعد الفهم، والوعي لسلوكيات المراهقين واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية، ويعمل من خلال كتاباته على ضبط عواطفهم وتعديل سلوكياتهم وتهذيب أنفسهم، حتى يحافظ عليهم من الانسياق وراء رغباتهم، ونزواتهم».

تطوير الذات

ينوّه الشوربجي إلى أن الكتابة للمراهقين تحتاج إلى مراجعة جيدة من الكاتب لنفسه قبل أن يخوض غمار هذه التجربة، كما تحتاج كذلك إلى تشجيع المراهق على القراءة، وهو تشجيع ينبع من الأسرة أولاً، حيث يتخذ المراهق الوالدين قدوة، ويقول «بناء على هذا، يجب أولاً توعية الآباء بأهمية القراءة بالنسبة لأبنائهم، ولفت أنظار الوالدين إلى ضرورة توفير مكتبة بالبيت، أو ركن خاص بالقراءة يحتوي على كتب ومجلات والحديث مع الأبناء دائماً ودون ملل عن فوائد القراءة، وأهميتها للإنسان بشكل عام، إضافة إلى مكافأة المراهق عن كل كتاب ينتهي من قراءته، ومناقشته في محتواه وتوجيهه ونصيحته في اختيار نوعية ما يمكن أن يقرأه من كتب، واصطحابه لزيارة المكتبات ومعارض الكتاب».

ويرى الشوربجي أن الكتابة للمراهقين هي مرحلة ما بين الكتابة للأطفال، والكتابة للكبار، ويقول «من هذا نفهم أن أنسب المواضيع التي قد تجذب المراهق لقراءتها هي الكتابات عن تطوير الذات، فهي تساعده على إيجاد نفسه، وتحقيق ذاته، وتمكنه من تطوير قدراته، واكتساب المهارات، كما سيكون من المفيد جداً لو اخترنا له من الأدب العربي والتاريخ قصصاً وروايات، وأعدنا كتابتها بطريقة مبسطة تكون قريبة لذهن القارئ الناشئ، أو ما يمكن أن نسميه عمراً المراهق».

الرقي بالذائقة

يرى رئيس نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم أن الأنسب للمراهقين هو ما يكتبه الكبار للكبار، لأنه يعمل على تنمية القدرات، والإمكانات لدى الشاب، وأكبر خطأ يرتكبه بعض الكتاب هو تخليهم عن جزالة اللغة وقوة الأسلوب وعمق التفكير، والميل نحو الكتابة بلغة بسيطة بحجة الاقتراب من ذائقة الناشئة، ويقول «الكاتب مطالب بأن يرقى بهذه الذائقة، لا أن يهبط إليها».

ويتابع «لقد ثبت إقبال الشباب على القراءة، فمن الظلم في نظري أن نتهم الشباب بعدم القراءة، أو العزوف عن الاهتمام بالكتاب، فنحن حين أعلنّا في نادي القصيم الأدبي أثناء الحجر المنزلي عن عزمنا على توزيع الكتب على الراغبين في القراءة كانت فئة الشباب من الجنسين أكثر المتفاعلين، والراغبين في الكتب، فالإشكالية ليست بندرة القراءة، وإنما في تقصيرنا بجعل الكتاب في متناول الشباب، والكتابة ليست ثوباً يفصله الكاتب بحسب عمر القارئ، وإنما هي تجربة إنسانية عميقة يعمل على تقديمها للناس بمختلف أعمارهم، وتتأكد أهمية القراءة بوجود فارق بين الكتاب المقروء، وإمكانات القارئ، بمعنى أن يضيف الكتاب إلى القارئ خبرة جديدة، لهذه الأسباب أرى أن نكتفي بثنائية الكتابة للصغار، والكتابة للكبار، وأن نترك لمن هم بين مجال الاختيار بين كتب الصغار، أو كتب الكبار بحسب إمكاناتهم العقلية، وأهدافهم من القراءة».

الاستناد إلى المراجع

يرى الكاتب الصحفي، عضو جمعية كتاب الرأي نبيل حاتم زارع أنه لا بد أن يكون الكاتب على معرفة بسلوكيات مختلف المراحل العمرية حتى يضمن القارئ بأنه يكتب بناء على تحليلات عملية مستندة إلى مراجع، وليس فقط تخمينات شخصية.

ويقول زارع «بكل تأكيد الكتابة للمراهقين صعبة جداً، لأن من الخطورة أن تضلّل شريحة كبيرة بقصص ووصفات للتعامل مع المراهقين دون معرفة وإلمام علمي صحيح؛ وربما يمارس بعض المراهقين تصرفات خطرة بموجب ما تلقوه من المؤلف في كتابه، أو حتى القارئ العادي من الوالدين قد يتصرف بطريقة غير سليمة تؤدي إلى مشكلة أكبر ولا يعرف كيف يعالجها، ويكون السبب ما هو مكتوب في ذلك الإصدار، فلا بد من المخاطبة على قدر الفئة العمرية، والكاتب المتخصص، والمتمرس يعرف جيداً أن طريقة الشرح والطرح والأسلوب هام جداً حتى يستوعب المراهق ما يقدم له، لأن هذه رسالة إما أن توصلها بطريقة سلسة مهضومة تعم بها الفائدة، وإلا تعد عبارة عن بحث علمي، فلا تستغرب من قلة مبيعاتها».

من جانبهم، يركز مثقفون على أن الكتابة للمراهق تحتاج محتوى مدروسا بعناية، وأن يتسلح من يكتب لهم بتجارب ذاتية مستفيضة عن المراهقة، كأن يكون أبا أو جدا، وأن يكون قادرا على تقديم حلول لمشاكل المراهقين.

كيف يكون الكتاب مناسبا للمراهقين

ـ محتوى الكتاب

ـ ـ يساعد المراهق على اكتشاف ذاته

ـ يمكنه من بلورة شخصيته المستقلة

ـ يدله على كيفية التعبير عن شخصيته

ـ يتوافق مع اهتمامات المراهق

ـ يناقش مشكلاته

أسلوب كتب المراهقين

ـ بسيط وسهل

ـ خال من التعقيدات اللفظية

ـ يبتعد عن الأمور غير المناسبة للمراهق

ـ مكتوب بأسلوب جذاب ومشوق

ـ بعيد عن العنف

ـ خال من الجريمة

روايات تناولت قضايا المراهقين

ـ صدى من مدينة الضباب ـ ناريمان غسان عثمان

ـ شيفرة بلال ـ أحمد خيري العمري

ـ ساق البامبو – سعود السنعوسي

ـ عساكر قوس قزح – أندريا هيراتا

ـ أرواح كليمنجارو – إبراهيم نصر الله

ـ ترانيم في ظل تمارا – محمد عفيفي

ـ صاحب الظل الطويل – جين ويبستر

ـ من حكايات الغول الأحمر الأخير – محمد الدواخلي

ـ فندق الثعالب – محمد المخزنجي

ـ أوسكار والسيدة الوردية – إريك إيمانويل شميت

ـ مرحباً.. هل من أحد هناك؟ – جاستن جاردنر

ـ روايات شيرلوك هولمز

ـ روايات أجاثا كريستي

ـ سلاسل الدكتور أحمد خالد توفيق، ومنها:

1ـ ما وراء الطبيعة

2ـ سافاري

3ـ فانتازيا