لم تترك المملكة شيئا للصدفة وهي تخطط لوضع رؤية 2030 التي أسست بها لاقتصاد متنوع واعد تبحر به نحو مستقبل مشرق يعزز وجودها وتأثيرها على الخارطة الإقليمية والدولية، حيث وضعت مبادرات وبرامج لتنمية وتنويع الاقتصاد، وأن يكون ذلك في ظل استقرار مالي واقتصادي والذي يعتبر الركيزة الأساسية للنمو الاقتصادي المستدام من خلال التركيز على 5 ركائز أساسية تضمن استدامة تلك الخطط والبرامج، وجعل مرحلة التحول الاقتصادي التي تتبناها الحكومة تسير بوتيرة ثابتة بغض النظر عن المتغيرات والمستجدات على المسارين المحلي والدولي.

وكشف تعامل المملكة مع أزمتي تراجع أسعار النفط وتداعيات فيروس كورونا المستجد خلال الشهور الست الماضية تأثير حزمة الإصلاحات التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2015 بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومدى نجاح تلك الركائز في تأمين اقتصادها من تقلبات عصفت خلال 2020 وستعصف بالاقتصاد العالمي وتقربه من كساد وصفته منظمات دولية بأنه قد يصبح الأسوأ منذ "الكساد الكبير" في الثلاثينيات من القرن الماضي.

(1) عراب الفرص الواعدة

في ظل تلاطم الأوضاع الاقتصادية على الساحة الدولية، برز صندوق الاستثمارات العامة كعراب للفرص الواعدة حيث اقتنص الصندوق فرصا استثمارية مهمة، وذلك بالتزامن مع هبوط أسعار الشركات العملاقة بسبب جائحة كورونا.

ومنذ إعادة هيكلة الصندوق ورئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمجلس إدارته في 2016، يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه الرئيسة المتمثلة في تعظيم قيمة أصوله، وإطلاق قطاعات جديدة.

استثمارات متنوعة

خلال العام الجاري، أعاد صندوق الاستثمارات العامة رسم خارطة استثماراته لزيادة إسهاماته في تنويع وتقوية الموارد غير النفطية للمملكة، مقتنصا عدة فرصا ذهبية تجاوزت الـ 37 مليار ريال متمثلة في تراجع قيم أصول عالمية واسعة جراء تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، حيث ينظر إلى تحسن قريب لأوضاع الشركات الخاسرة حاليا، بل أوسع من ذلك تجاه تحرك السوق والاقتصاد العالمي في المدى القريب بعد انقشاع غيوم كورونا.

كما مثلت الصفقة بين "شركة أرامكو السعودية" وصندوق الاستثمارات العامة، التي استحوذت "أرامكو" بمقتضاها على حصة 70% في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، فائدة مشتركة لجميع الأطراف، ونقلة نوعية لثلاثة من أهم الكيانات الاقتصادية في المملكة.

(2) آخر برميل نفط يخرج من السعودية

رغم أن المملكة اتخذت خطوات جادة لتخفيض الاعتماد على النفط والبحث في فرص استثمارية بمجالات أخرى، إلا أن الاحتياطي الهائل في أراضيها يؤمنها من تقلبات الاقتصاد العالمي، ولا غرابة في ذلك لكون القاسم المشترك في كافة التقارير الدولية المتعلقة بالنفط تؤكد أن آخر برميل نفط بالعالم سيخرج من حقول السعودية، وستظل الرياض مصدراً موثوقاً للنفط للسنوات المقبلة.

وتمتلك السعودية موارد واحتياطيات من النفط مذهلة وتضعها بكل ثقة في موقع رائد عالميا لا ينافَس. وفي يناير 2019 ذكرت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية "قبل فصلها إلى وزارتين لاحقا" أن احتياطيات النفط المثبتة بلغت 263.2 مليار برميل بنهاية عام 2017، أي بارتفاع عن رقم 261 مليار برميل المستخدم منذ نحو ثلاثة عقود.

الرابح الأكبر

في مايو الماضي، أكد الخبير في فورين بوليسي جيسون بوردوف، أن السعودية هي الرابح الأكبر في أزمة انهيار أسعار النفط، ووصف 2020 بعام أزمةٍ حقيقيةٍ بالنسبة إلى الدول المنتجة للبترول. وأضاف أنه على الرغم من أن عام 2020م سوف يُذكَر باعتباره عام الأزمة الحقيقية بالنسبة إلى الدول البترولية؛ فإن دولة واحدة، على الأقل، من المُرجّح أن تخرج من أزمة وباء كورونا وهي تتمتع بقدر أكبر من القوة على الجانبين الاقتصادي والجيوسياسي؛ وهي: المملكة العربية السعودية، مبينا أن السعودية برهنت على أن إمكاناتها المالية قادرةٌ على مواجهة عاصفة مثل هذه.

(3) بصمة دولية في مجال الغاز الطبيعي

تهدف السعودية إلى تصدير ما يصل إلى 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز يومياً بحلول عام 2030، كجزء من استراتيجيتها لتعزيز البصمة الدولية لأعمالها في مجال الغاز الطبيعي. والسعودية بهذه الخطوة ستحقق مصدراً إضافياً وتنويعاً جيداً في الإيرادات العامة، خاصة بالنسبة إلى الغاز الذي يعتبر وقوداً أكثر نظافة مقارنة ببقية أنواع الوقود الأحفوري.

حقل الجافورة العملاق

وفي 20 فبراير الماضي، عقدت اللجنة العليا للمواد الهيدروكربونية اجتماعا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، واطلعت على خطط تطوير حقل الجافورة العملاق في المنطقة الشرقية الذي يعد أكبر حقل للغاز غير المصاحب غير التقليدي يتم اكتشافه في المملكة بطول 170 كيلو مترا وعرض مائة كيلو متر، ويقدر حجم موارد الغاز في مكمنه بنحو 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز الرطب الذي يحتوي على سوائل الغاز في الصناعات البتروكيماوية والمكثفات ذات القيمة العالية.

وأثنى ولي العهد على جهود الشركة الوطنية "أرامكو السعودية" في تطوير الحقل، بحجم استثمارات يصل إلى 110 مليارات دولار "412 مليار ريال" ستؤدي مراحل تطويره إلى تزايد إنتاج الحقل من الغاز تدريجيا ليصل في حال اكتمال تطويره إلى 2.2 تريليون قدم مكعبة عام 2036 تمثل نحو 25% من الإنتاج الحالي.

تصدير الغاز

أعلن وزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن المملكة تستهدف تصدير الغاز، وأشار، في كلمته أمام مؤتمر سابك 2020، في 20 فبراير الماضي، إلى التوجه لإنتاج الطاقة الكهربائية في السعودية باستخدام الغاز ومصادر الطاقة المتجددة كالرياح، في إطار خطط التنوع بعيداً عن النفط، وأيضاً التزاماً بالمعايير البيئية ومواجهة التغير المناخي.

(4) ثروة معدنية تريليونية لبناء اقتصاد واعد

تتجاوز قيمة المخزون الجيولوجي من المعادن في المملكة 4.9 تريليونات ريال، وهو أحد الموارد التي تزخر بها في مختلف المواد الأولية، كالفوسفات والحديد الخام والبوكسايت والذهب والزنك والنحاس والمعادن الصناعية.

وصرّح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2016، بأن السعودية لم تستغل من المعادن سوى أقل من 5% وبطريقة غير صحيحة، كما كشف عن وجود احتياطي في بلاده من اليورانيوم، يمثل ما نسبته 6% من إجمالي احتياطيات العالم، وهي ثروة كبيرة غير مستغلة. كما تتوفر ثروات معدنية مهمة في البلد من الذهب والفضة والنحاس، ومعادن أخرى لم تُستغل منها إلا نسبة ضئيلة لا تتعدى 5%.

وقد وافق مجلس الوزراء في يونيو 2020، على نظام الاستثمار التعديني، يشتمل على 63 مادة، ومن المنتظر أن يحقق في المستقبل القريب نقلة نوعية لقطاع التعدين والصناعة المعدنية في المملكة.

طفرة في إنتاج المعادن

حققت المملكة طفرة في إنتاج المعادن خلال العام 2019؛ ولا سيما بإنتاج الذهب والنحاس والزنك، لتسجل أعلى مستوياتها في السنوات الأخيرة. وقفز إنتاج المملكة من الذهب خلال العام الماضي، وسجل أعلى مستوى على الإطلاق، خلال فترة الرصد في التقرير من عام 2003 إلى 2019.

وواصل إنتاج الذهب في السعودية الارتفاع بنهاية عام 2019 للعام السادس على التوالي، مرتفعاً بنحو 5% على أساس سنوي، وبزيادة تعادل 588 كيلوجراماً عن إنتاج العام السابق. وبلغ إنتاج السعودية من الذهب 12.35 ألف كيلوجرام في عام 2019، مرتفعاً عن إنتاج العام السابق والبالغ 11.77 ألف كيلوجرام (11.77 طنا). وأنتجت المملكة 46.49 ألف كيلوجرام (46.49 طنا) من الذهب آخر 5 سنوات، في الفترة من 2015 إلى 2019.

وتضاعف إنتاج السعودية من الذهب في آخر 5 سنوات عن الفترة المماثلة التي تسبقها؛ إذ بلغ إنتاج المملكة في الفترة من 2010 إلى 2014 نحو 23.25 ألف كيلوجرام؛ مما يعني أن الزيادة في الإنتاج بالسنوات الخمسة الماضية بلغت 99.93%.

ووصلت الطفرة في إنتاج السعودية من المعادن إلى الفضة في عام 2019، إذ واصل الإنتاج في الصعود للعام الرابع على التوالي.

وارتفع إنتاج المملكة من الفضة في عام 2019 بنسبة 4.99% على أساس سنوي، محققاً أعلى مستوياته في آخر 8 سنوات.

وعلى جانب إنتاج السعودية من النحاس، عاود الصعود مرة أخرى خلال عام 2019 على أساس سنوي. وبلغ الإنتاج 63.36 طنا في العام الماضي، مقابل 60.34 طنا في العام 2018، بزيادة 5%.

(5) الطاقة المتجددة محرك قوي لإنعاش الاقتصاد

كشفت مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة عن ارتفاع فرص نجاح القطاع في أن يكون محركا قويا لإنعاش الاقتصاد السعودي، ما يوفر فرص عمل جديدة وآمنة. وفي مطلع العام الجاري تم إطلاق أربعة مشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية باستطاعة إجمالية تصل إلى 1200 ميجاوات، في خطوة طموحة لتنويع مصادرها من الطاقة وتوفير بدائل عن إنتاج الكهرباء من مشتقات الوقود الأحفوري.

وقد استثمرت السعودية ما قيمته 500 مليون دولار في قدرات الطاقة المتجددة في 2019 لتحقق بذلك نموا قدره 53% على أساس سنوي، وفقا لأهم تقرير سنوي للأمم المتحدة عن الطاقة المتجددة.

وتهدف المملكة إلى إنتاج 10 جيجاوات من الطاقة الكهربائية اعتمادًا على طاقة الرياح بحلول العام 2025، ويتوقع أن يخلق ذلك أكثر من 7500 وظيفة جديدة ويضيف أكثر من 15 مليار دولار أمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ويترافق هذا التحول نحو الطاقة المتجددة بنقلة نحو تنويع الاقتصاد السعودي أيضًا، والابتعاد عن الاعتماد شبه الكلي على النفط والغاز، مع تعزيز القدرة على تلبية الطلب الداخلي والتطلع نحو تصدير الطاقة المتجددة في المستقبل الأبعد.

تطور الاستثمارات واحتياطيات الطاقة وقطاع التعدين

صفقات صندوق الاستثمارات العامة بالنصف الأول 2020

37 مليارا حصصا اقتنصها صندوق الاستثمارات في 26 شركة

%4.4 قيمة الصندوق من الثروات السيادية الأخرى في العالم البالغة 8.23 تريليونات دولار

%6.3 مساهمة الصندوق في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنهاية العام الجاري

50 مليار ريال المساهمة في المحتوى المحلي بشكل مباشر

30 مبادرة يتضمنها برنامج الصندوق من 2018 إلى 2020

1.5 تريليون ريال القيمة المستهدفة لأصوله بنهاية 2020

20 ألف وظيفة محلية مباشرة و256 ألف وظيفة بناء

تطور احتياطي النفط

267.03 مليار برميل احتياطيات المملكة النفطية في 2018

السعودية تملك ثاني أعلى حصة عالميا

%17.8 من الاحتياطي العالمي البالغ نحو 1.5 تريليون برميل

%0.3 (766 مليون برميل) ارتفاع الاحتياطيات خلال 2018

السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، وثالث أكبر منتج للخام بعد الولايات المتحدة وروسيا، حيث تنتج نحو 9.81 ملايين برميل يوميا.

مخزون الغاز الطبيعي

9.2 تريليونات متر مكعب مخزونات البلاد من الغاز الطبيعي

562.5 مليار ريال استثمارات يجذبها برنامج تطوير الغاز في أرامكو خلال العقد المقبل

23 مليار قدم مكعبة قياسية يومياً ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي من 14 مليار قدم مكعبة يومياً

325.1 تريليون قدم مكعبة قياسية إجمالي احتياطيات الغاز الثابتة في المملكة اعتبارا من نهاية عام 2017

6 مراكز تتقدمها السعودية بين كبار منتجي الغاز بحلول 2030

السعودية في المركز التاسع عالميا من حيث إنتاج الغاز الطبيعي بنحو 112.1 مليار متر مكعب

%2.9 من الإنتاج العالمي في العام ذاته البالغ نحو 3.87 تريليونات متر مكعب

قطاع التعدين

240 مليار ريال توقعات مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي في 2030 مقابل 64 مليارا حاليا

37 مليار ريال انخفاض الواردات في 2030

200 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة يولدها بحلول عام 2030

4.9 تريليونات ريال قيمة المخزون الجيولوجي من المعادن في المملكة

%20 مساهمة الثروة المعدنية في الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 11% حاليا

%3 المُستغل من الثروة المعدنية حاليا

12.35 ألف كيلوجرام إنتاج السعودية من الذهب في عام 2019

5.59 أطنان إنتاج المملكة من الفضة في عام 2019 بارتفاع نسبته 4.99%

63.36 طنا إنتاج السعودية من النحاس في العام الماضي مقابل 60.34 طنا في العام 2018، بزيادة 5%.

استثمارات السعودية في الطاقة المتجددة

27 جيجاوات إنتاج السعودية من الطاقة النظيفة بحلول 2024 منها 20 جيجاوات طاقة شمسية و7 جيجاوات طاقة رياح

500 مليون دولار استثمارات في قدرات الطاقة المتجددة في 2019

%53 نموا على أساس سنوي

السعودية في الموقع الرابع بين دول منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا

10 جيجاوات من الطاقة الكهربائية سيتم إنتاجها اعتمادًا على طاقة الرياح بحلول 2025

7500 وظيفة جديدة يتوقع أن يخلق ذلك المشروع

56 مليارا تضيفها طاقة الرياح للناتج المحلي

200 جيجاوات من طاقة الرياح يمكن إنتاجها من شواطئ المملكة

400 ميجاوات طاقة أول مزرعة رياح في السعودية والأكبر في الشرق الأوسط

إقامة مشروع الفيصلية للطاقة الشمسية بقدرة 2600 ميجاوات.

4800 ميجاوات حجم مشاريع الطاقة المتجددة

60 ألف ميجاوات المستهدف من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.

4 مشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية باستطاعة إجمالية تصل إلى 1200 ميجاوات

5 ركائز أمنت سلامة الاقتصاد

1- الفرص الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة

2- احتياطيات النفط

3- المخزون الهائل من الغاز

4- قطاع التعدين والثروة المعدنية

5- مشاريع الطاقة المتجددة الطموحة