تشهد منطقة جازان، وعلى الأخص مناطقها الساحلية ومحافظاتها الشمالية هذه الأيام اشتداد موسم الغبرة الصيفية، التي تبدأ مبكرا مع ساعات الصباح وتستمر أحيانا حتى ساعات الليل المتأخرة، مسببة معاناة صحية لكثيرين ممن يشتكون من أمراض الحساسية والربو، ومتسببة كذلك بزيادة عدد الحوادث المرورية نتيجة ضعف الرؤية، ولتراكم الرمال التي تزحف على الطرقات وتغطي جدران المنازل.

وعلى الرغم من الصعوبات التي يسببها موسم الغبرة لقاطني المنطقة، إلا أنه يحمل مع ذلك بعض البشرى للمزارعين الذين يتوارثون شعار «إذا زبرت فجرت»، وتعني إذا اشتد موسم الغبار جاء بعده موسم أمطار غزيرة.

وكرر أهالي قرى مركزي عتود والشقيق بالدرب شكواهم المعتادة مع بداية انطلاق موسم الغبرة كل عام، حيث تغطي الرمال الزاحفة جدران منازلهم وطرق قراهم مثل ماضي والعرق ومنشبة والسميرات وأبوالعشر وسمرة الجد والمحرق والمزيرعة والكرشة والرصاص وخبت بن جبران والهجنبة.

رياح موسمية

أوضح خبير منازل وحسابات موسم الغبرة الدكتور علي جمال الدين هيجان أن «الغبرة رياح موسمية شديدة تهب من بداية يونيو وتتحرك بسرعة شديدة من الغرب إلى الشرق معظم أيام الصيف وبداية فصل الخريف، وتتسبب في زحف الرمال وحجب الرؤية غالباً، وكما هو معروف عند كبار السن والمزارعين أنها تستمر حوالي 3 أشهر، إلا أنها في بعض الأعوام لا تستمر إلى نهاية موسمها، إذ تأتي الأمطار لتنهي الغبرة ويستبشر المزارعون خيراً، حيث يحل فصل الخريف بعد موسم الغبرة مباشرة ويزرع الناس ويستوي الزرع على سوقه ليحصدوا ثماره من الذرة والدخن والجلجلان المعروف بالسمسم».

ويشير إلى أن «موسم الغبرة يتكون من 7 منازل، كل منزلة 13 يوماً عدا المنزلة الأخيرة 14 يوما، وهذه المنازل هي النثرة والطفرة والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك».

ويكمل «ما زلت أذكر حين كنا صغارا كيف كان يعاني الناس خلال موسم الغبرة بسبب شدة الغبار وارتفاع درجة الحرارة، وعدم وجود الكهرباء والمكيفات والثلاجات، ولم تكن المساكن محكمة الإغلاق لحاجتها إلى التهوية، مع ذلك كان الناس يمارسون حياتهم الطبيعية، فيحرثون الأرض ويشتغلون بالتجارة ويرعون المواشي ويتنقلون من مكان إلى آخر».

22 عقدة

يؤكد رئيس مرصد الأرصاد الجوية بمنطقة جازان محمد قناعي أن «بداية الغبرة في المنطقة تكون في يونيو من كل عام، وتنتهي في 8 أغسطس، وأحيانا تتأخر بدايتها حتى 15 يونيو، وتنتهي في 15 سبتمبر، وهي تستمر في كلا الحالتين 3 أشهر، يكون خلالها فترات توقف أحيانا».

وأضاف «يتم التعرف على توقعات الغبرة بواسطة أجهزة الرادارات والأقمار الصناعية المتوفرة في الهيئة العامة للأرصاد، وتكون سرعة الرياح في موسم الغبرة 22 عقدة أي أكثر من 40 كلم / في الساعة».

زحف الرمال

يقول مديني عتودي لـ«الوطن»، وهو من سكان قرية منشبة «تنعدم الرؤية أثناء هبوب الرياح الموسمية «الغبرة» في فصل الصيف، مع ارتفاع في درجة الحرارة، وسرعان ما تتراكم الرمال الزاحفة على الطرقات وداخل القرى وعلى جدران منازلنا»،

ويضيف «ما زلنا نلهث خلف المواعيد الوهمية من جهات الاختصاص ونطمع في حلول سريعة توقف زحف الرمال، ومنها التشجير، والاستفادة من مياه سيول وادي بيض بعمل قنوات مائية تنقل الماء المهدر ليستفاد منه في زراعة الأراضي، مع بناء مصدات للرمال».

زيادة التصحر

يكشف المواطن أحمد المطمي من أهالي قرية المحرق أن «وجود عدد من مؤسسات نهل الرمال التي تعمل شمال وشمال شرق القرية، ولا تبعد عنها أكثر من 600 متر، زاد من متاعب الغبرة والرمال الزاحفة، خصوصاً أن بعضها يعمل خارج الوادي بين الأشجار، حيث تزيل الأشجار وتزيد التصحر، وقد أبلغنا الزراعة بذلك، وبيّنا الأضرار الجسيمة التي يسببها للمواطنين كانتشار الربو والحساسية، ناهيك عن أن الطريق المؤدي من الشقيق إلى قرى المحرق -الرصاصة، تطمره الرمال بشكل كبير مع هبوب موسم الغبار، وينقطع تماماً بسبب تراكم الرمال الزاحفة فيه».

وتابع «تلعب عدة عوامل أدوارا مؤثرة في كثافة الغبار وكثرة الأتربة وانتشار التصحر، وهي عوامل يقف الإنسان خلفها، مثل الاعتداء على الأراضي البيضاء، والاحتطاب الجائر الذي يقود إلى قطع الأشجار الخضراء، وقطع الأشجار من الفحامين بغرض التجارة بالفحم، وعدم حماية الغابات الطبيعية من قبل الجهات المسؤولة».

بدوره، أوضح مدير مركز الهلال الأحمر بالدرب ماجد السبعان «يشل موسم الغبرة في الغالب الحركة المرورية نهارا، ويرفع معدلاتها ليلا، وهذا يضطرنا إلى تكثيف استعداداتنا، والتأهب للتعامل مع حوادث الطرق».

بشرى خير

على الرغم من الشكاوى من موسم الغبرة، إلا أن الكاتب عايل الأمير يرى أن هناك فئة تترقب هذا الموسم وتنتظر قدومه بشغف، وقال «يستبشر كبار السن في المنطقة خيراً بحلول موسم الغبرة وخاصة المزارعين ومربي الماشية منهم، ويرونه إشارة وبشرى خير لأنه يسبق هطول الأمطار الغزيرة التي تسهم في نبات العشب للماشية وفلاحة الأراضي التي يعتمد عليها السكان للحصول على قوت يومهم».

ويذكر «يسهم الغبار كذلك في تلقيح الأشجار، ويكون مقدمة لموسم أمطار غزيرة تعقبه، ولهذا كان أهل المنطقة يرددون (الغبرة يا تزبر يا تفجر) أو (إذا زبرت فجرت) وغيرها من الأقوال، بمعنى أنه إذا «زبرت» أي استمرت الغبرة موسمها الكامل كان نفعها للأرض والزرع أنها تقتل الحشرات الضارة بالنبات، وتخصب النبات والتربة، وإذا فجرت أي جاءت العشايا على المرتفعات، والأمطار والسيول في الأودية، وحولتها العقوم إلى الأراضي الزراعية كان نفعها كبيرا، حيث يكثر الزرع».

منازل الغبرة

النثرة

الطفرة

الجبهة

الزبرة

الصرفة

العواء

السماك

أضرار الغبرة

صحية

اجتماعية

حوادث مرورية

زحف الرمال

تلقح النباتات

تقتل الحشرات الضارة

تخصب النبات والتربة