من الحرص الدائم أقوم بالاحتفاظ بكل حدث مهم وأدونه ولأن هذا الموقف يخدم أغراضا عدة ورسائل إيجابية ومحفزة آثرت نشره.

كان قد كلفني والدي (شيخ قبائل آل ختارش) بإنابته بالحضور لمكتب الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز أمير منطقة عسير بدلا عنه لظرف مرضي ولكبر سنه، حيث تجاوز التسعين من العمر - أطال الله في عمره‐ ولأمر من الأهمية بمكان كان يريد الأمير معالجته من باب شغفه الكبير بالإصلاح قبل وأثناء تولي الإمارة، وغادرت المكان لكن بكلمات بقيت عالقة في الذهن، ولأن الأمير قال: (انقلوا عني). فسأنقل لكم كلمات مهمة للغاية جديرة بالنقل ومن المهم أن تبقى في داخل كل إنسان لكي يعبر من خلالها إلى قلوب الناس، خاصة وأنها انطلقت من موقع قيادي ومن صاحب قرار ولنستنتج من خلالها أن الماضي ما هو إلا مرحلة أساس نصنع منه مستقبلا متين الجذور.

ولأن الجملة القصيرة إذا وضعها المتحدث في مكانها الصحيح رسخت في ذهن المتلقي وخاصة أنها جاءت ببساطة وبراعة الأسلوب وقدرة الأمير على رؤية الأشياء من زوايا عدة، والاحترافية العالية في مدخل الحديث، حيث بدأ بتوجيه السؤال لنا بعد المقدمة والدخول لصلب الموضوع فقال - وهو يستشهد على حديثه لنا: هذا الرجل العظيم (وأشار بيده لصورة الإمام عبد العزيز- رحمه الله - التي تزين صدر المكتب) كيف بدأ في وضع قواعده الصلبة وشيد أركان هذه البلاد؟. ثم جاوب بنفسه في الحال فقال: انطلق من مرتكزات كانت عظيمة وسامية، لقد بدأ الإصلاح من الصفر، والتضحية وبذل الجهد والعرق، ومواصلة الجهد والسهر، حتى أصبحت السعودية قوية لها ثقلها الكبير بين دول العالم، نشأ هذا الإمام على حب الإصلاح وشاب عليه ولقي ربه عليه، ثم أتبع الإجابة بتوجيه مباشر وبدأ فيه بنفسه كطبيعة أي قائد فقال: فالمطلوب مني ومنكم أن نقوم بالدور نفسه من مكان مسؤولياتنا وحل المشكلات بين قبائلكم وأن ننشر الألفة والمحبة والتعاون والإصلاح، فقد كانت هذه بعض صفات المؤسس التي جعلت الرجال الأوفياء يلتفون من حوله، ثم أودع في قلوبنا أجمل العبارات وأجمل الصور عن موقف قادة بلادنا الذين بذلوا الجهد والتخطيط فوق القفار الظامئة حتى أصبحت حدائق ورياضا وفي حالة من الرخاء والهناء والأمن.

• وقبل أن ننصرف قال كلمات جميلة أسعدت أرواحنا غازل فيها الأمير محايل، وامتدح بإعجاب أهلها وبقي صداها يرن في عقولنا ونحن نغادر المكان (المكتب) الذي تشع أركانه بالطاقة العملية، فلا وجود فيه للخمول والكسل والفراغ بقول: (لو كانت محايل بنتاً لخطبتها) كدليل على شعوره نحو محبة أهلها وإنها تعيش في داخله كبقية محافظات المنطقة، وسوف تبقى هذه الجملة المذهبة كوقود لنا عندما يتسلل الكسل إلى نفوسنا، وكانت حافزا لنا لنحث الخطى في ميدان التنافس نحو المزيد لخدمة بلادنا، ومن أجل هذا الحب العظيم سيزداد رصيد العطاء وستبقى محايل تحفظ لك الحب.

وأختم بأبيات نحو محايل قالها ابن المحافظة الشاعر الختارشي الزوعاني:

• تحيا محايل أرض العز والشيم

• تلك التي حبها يجري بكل دم.

• تلك التي زفت الفرسان في ألق

• نحو الخلود وحازت أرفع القيم

• تحيا ديار رجال العزم من ملكت

• أسمى الشموخ بهذا العزم والهمم.