تدعم الدولة مؤسسات القطاع الخاص عبر القطاعات المعنية به، سواء المتصل منها بالعمل وإدارة الموارد البشرية، أو ما يتصل بعلاقة الجهة المستثمرة مع قطاع حكومي معين، وذلك باعتبار أن القطاع الخاص شريك في التنمية الوطنية، بمجالاته ومنشآته المتنوعة في الاستثمار، التي تسهم بصور مختلفة في تحقيق مستهدفاتنا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وعليه فإن التطلع نحو استشعار المستثمرين في القطاع الخاص بمسؤولياتهم نحو الوطن والمواطنين، إنما يُعد من الواجب الوطني والاجتماعي؛ الذي يتطلب منهم تيسير وسائل وممكنات التنمية الوطنية كافة، كشركاء حقيقيين وليسوا كمستثمرين فقط، وذلك ليس من باب رد الجميل للوطن الذي يحتويهم بمقدراته ودعمه المستمر فحسب، أو بما يهيئه لهم من فرص الاستثمار المثمر والدفع اليه، وإنما من باب إتاحة الفرصة لهم، كذلك لإثبات ولائهم وانتمائهم الوطني بأفعال إيجابية، تؤكد أهمية تفاعلهم الإنساني مع الوطن وتحدياته ومع المواطنين وهمومهم.

لا شك أن جميع القطاعات الاقتصادية من العام والخاص، تأثرت من تبعات جائحة كورونا التي ألمت بجميع مقدراتنا كغيرنا من دول العالم، والتي نتج عنها ركود اقتصادي شامل، امتد تأثيره إلى الأفراد والمؤسسات التجارية معاً، لأسباب مختلفة كنتيجة طبيعية مترتبة على تأثر الاقتصاد الوطني بذلك الركود العام، وما تطلبته الجائحة من مجالات إنفاق طارئة وكبيرة؛ استوجبت تعاون المجتمع بكل طيافه في الحد من قوة تأثير الجائحة على مختلف الشرائح، بما يمكنه من وسائل وبما يتملكه من مقدرات، للتخفيف من حدة تأثير الضرر الاجتماعي والاقتصادي الذي طال الجميع دون استثناء؛ وعليه فإن المشاركة في تحمل المسؤولية الاجتماعية، هي من أحد أهم مستهدفات التعليم؛ لكونه شريكا أساسيا في بناء الموارد البشرية، ومسؤول عن نجاحها ومشاركتها بما تسهم به من مقومات التنمية البشرية المطلوبة.

ندرك أن منشآت التعليم الخاص-خاصة المستأجرة منها-، تتحمل هي كذلك دفع إيجارات ونفقات تتكبدها، وعليها التزامات مادية نحو العاملين والمعلمين وغير ذلك من النفقات المفروضة، ولكن لا ننسى كذلك أن البعض منها، فصل الكثير من العاملين على اختلاف مستوياتهم تحت ضغط الظروف الاقتصادية، رغم أنهم استلموا مستحقاتهم من أولياء الأمور المستفيدين من مدارسهم أو جامعاتهم، كما أنهم يتسلمون من إدارة الموارد البشرية الدعم المخصص لتوظيف المواطنين؛ وعليه فإن المتأثر الأكبر كان هم الطلاب/ت، الذين لم يستفيدوا من منشآت المدرسة أو الجامعة بالحضور، بسبب أن التعليم عن بعد كان هو الوسيلة الوحيدة المستخدمة، ورغم قصور إمكانات كثير من المدارس الخاصة في التفاعل مع التعليم عن بعد بالشكل المطلوب المثمر، بما يكفل جودة التعليم في الأداء والمتابعة والتقييم؛ إلا أنه أخذ أقساطه المالية كاملة، رغم أن كثيرا من الأهالي القادرين بذلوا جهودا مضاعفة من قبلهم لمساعدة أبنائهم بطرق مختلفة لتعويض الثغرات التقنية والعجز المعرفي في التواصل عن بعد.

وعلى أثر إعلان وزارة التعليم؛ عدم مسؤوليتها بمطالبة المدارس الخاصة بتخفيض الرسوم الخاصة بالطلاب، بعد إلزام المدارس بالتعليم عن بعد لفترة محددة، وإن التعاقد بين المدارس والأهالي يستند لعقود تجارية بين الطرفين تخضع للعرض والطلب، فإن التساؤل المطروح؛ ألم يكن بإمكان الوزارة مخاطبة، مسؤولي التعليم الأهلي «ودياً» بأهمية تخفيض الرسوم بما يناسب الحالة التعليمية القائمة؟، وأليس أصحاب التعليم الأهلي هم جزء من المواطنين الذين عليهم المشاركة في التخفيف من تأثير الجائحة بما يمكنهم من سُبل ومقدرات؟ وألا تُعد تلك فرصتهم ليثبتوا أنهم شركاء في التنمية وأنهم يستحقون ما يجدونه من دعم رسمي؟ وأليس أصحاب المنشآت المؤجِرة عليهم تخفيض إيجاراتهم بما يناسب الوضع القائم؟، وهل هناك متابعة فعلية دقيقة من مسؤولي التعليم الأهلي لمدى تفاعل معلموهم مع الطلاب/ت، ومدى تمكنهم من الأداء والتفاعل مع التعليم عن بعد؟!

إن للتعليم عن بعد، تبعات والتزامات مختلفة، تقتضي التعاون والتكاتف لإنجاحه بأفضل النتائج، وذلك لن يتحقق إلا بمشاركة جميع الأطراف المستفيدة والمستثمرة والمنظمة للعملية التعليمية، في تحمل مسؤولياتها الاجتماعية نحو الوطن والمواطنين، وقد ظهرت بوادر مبادرات فاعلة من بعض أصحاب التعليم الأهلي بتخفيض الرسوم بنسبة 50%، ولعلها تكون حافزاً لغيرها في الأخذ بها، كما أن توفير التقنية وقوة شبكات الاتصال والإنترنت، مطلوب توفيرها بأسعار مخفضة كجزء من دور هيئة الاتصالات في تحمل مسؤوليتها الوطنية، والمساهمة في تجاوز التحديات بأقل الأضرار وأفضل النتائج.