منذ أن أشرقت عليها شمس البدايات وهي تبحث عن ملاذ لها. شاسعة مترامية الأطراف .. تضاريسها المادية والمعنوية معقدة ومتنافرة. فجزء منها يباري جار عجوز مختلف عن الجار الآخر الذي تنتمي إليه بقية تضاريس تلك الأرض، ومن هذه التركيبة ستبدأ العديد من تفاصيل قصتنا المليئة بالمتناقضات.

هذه الأرض مشوهة الهوية، فهي تمشي بتعثر وترنح لا تدري لأي جار ترتمي. فإن ذهبت للجار الأول الذي ينعم بمساحات شاسعة من الحرية وجدت نفسها أنها متخلفة قرونا عدة عنه بما تحويه من سياسات قمعية. وإن ذهبت للجار الآخر فهي تمتلك مشروعا توسعيا ترغب في تنفيذه في أراضيها بيد أنها تصدم بقوى عدة لدى هذا الجار يجهض حلمها.

استمرت بالضياع وملأت الدنيا بضجيج لا يؤثر، مطالبة أقرانها بالانفتاح وهي من داخلها نموذج لتكميم الأفواه بشكل دموي ومرعب لكل من أراد أن يطلق العنان لصوته أو حتى تفكيره.

وفي قضية القضايا ألهبت الحناجر بشعارات زائفة نحو عدو أوهمت الناس بعدائها له، وهي تمارس كل سبل التعامل التجاري والتعاون العسكري والتطبيع معه. في المقابل خونت كل من يفعل فعلها بمشهد مسرحي ساذج وبتصنع مبتذل لأدوار بطولة لا تليق بها ولا بمواقفها.

هي أرض تتهم الجميع بالتدخل في شؤونها وهي تمارس الفضول باحتراف على الآخرين. ولم تترك شاردة أو واردة لدى من كان قدره يجاورها بالتدخل بشكل سافر، بل ذهبت لما هو أبعد من ذلك بوجود عسكري لها خارج محيطها.

نشازها استمر بالحديث عن اقتصادات الغير، بينما عملتها تهوى لتلامس حدود الحضيض، وحركتها الاقتصادية تتراجع بشكل مخيف وملفت يهرع من كانت تحوم في عقله أي فكرة استثمارية.

تظاهرت أنها تدعم الحقوقيين وعنابرها مكتظة بالمعتقلين. في صورة صارخة لأكبر سلسلة اعتقالات وقمع للحريات تخجل منها زوايا الزنزانات. تدعي أنها ملاذ المظلومين وأمانهم وهي في الأصل حاضنة لسمومهم وأفكارهم التدميرية لأوطانهم.

رفعت للسذج شعارها الديني الشكلي، ومارست جميع السلوكيات التي تتنافى مع ذلك. مما جعل القطيع من الإمعات تلهث أفواههم في إيجاد منافذ تبريرية لها ولتناقضاتها. حيث ادعت الإسلامية وتجد أن الحل في العلمانية. كذبت باسم الدين تحت غلاف «العدالة والتنمية» فلاهي التي أطلقت العنان لحرية مواطنيها، ولا هي التي عدلت في داخلها قبل أن تبحث عن ذلك في محيطها الخارجي.

تردد بأن نظامها الجمهوري يكفل الحقوق لجميع الكتل السياسية في حين أنها تمارس كل أشكال الاستبداد السياسي والاستفراد بالسلطة وإقصاء منافسيها. زعمت بثقلها السياسي وقدرة تأثيرها ومواقفها الحدية تجاه بعض القضايا والشخصيات وماهي إلا أكاذيب كان الوقت كفيلا بكشفها، وهي تظهر خاضعة وبإذعان للقوى الدولية، وبشكل ينتهك من شخصيتها المصنوعة.

تبرأت من كل مفاهيم حسن الجوار بل سعت لزعزعة ثقل ذلك القُطر المجاور لها بالوجود العسكري والدعم المسلح والوقوف خلف العديد من الأعمال التخريبية تحت غطاء مسميات مضللة. رفضت الاعتراف بحكومات لها ثقلها ومكونها السياسي وهي في الأصل لم تعترف بحقوق شعبها ومطالبهم، بل صادرت أصواتهم وغيبت منابر حرياتهم وأضعفتهم اقتصاديا وحقوقيا.

أوهمت الآخرين أنها تتعرض لمؤامرة وأنها مستهدفة بينما هي تحيك أقذر المؤامرات تجاه الآخرين.

هي أحد أبرز الأكاذيب في القرن الـ 21 .. احفظوا هذه القصة جيدا واحكوها لأجيال قادمة ليعرفوا أن المتضادات بأبشع صورها قد تحضر على شكل:

(ت) تركت كل تناقضاتها وصدرت أجندتها للخارج

(ر) ركيزة أساسية في سياساتها حجب كل صوت مختلف

(ك) كتلة تحتضن في بؤرتها من يعادي وطنه

(ي) ينتابها امتعاض مع كل نجاح عربي

(ا) ازدواجية معايير وضبابية في المواقف