ارتبط هذا الوقت من كل عام بازدحام المكتبات ومحلات بيع الزي المدرسي ومحلات القرطاسية وغيرها، تجهيزا لعودة الطلاب للمدارس التي كان من المفترض أن تفتح أبوابها لتلاميذها الأحد القادم، لكن عودة أبنائنا هذا العام ستكون بشكل مختلف، حيث سيكون دخولهم لمدارسهم عبر بوابات افتراضية، بعد أن اضطر المسؤولون لقفل أبواب المدارس للمحافظة على سلامة أبنائنا، فهل الدراسة عن بعد تعتبر خيارا ناجحا يساهم في السيطرة على الجائحة؟

التعليم عن بعد كان هو خيارنا الوحيد عندما ضرب فايروس «كوفيد 19» العالم وعبث بكل شيء فيه، كان خياراً جديداً على التعليم الرسمي وغير مخطط له. قرار أُجبرنا عليه للسلامة العامة، ولمواجهة الفايروس ومحاصرته، ومع ذلك يجب أن يكون لنا وقفات شكر لمسؤولينا ومعلمينا وتلاميذنا على إنجاح الخيار الصعب إلى حد كبير خلال الفصل الدراسي الثاني من العام المنصرم رغم حداثة عمر التجربة.

حرص الدولة على توفير التعليم لأبنائها مع اتخاذ إجراءات احترازية عالية جداً، سيجعل من بداية عامنا الدراسي الحالي بداية مختلفة، بداية خطط لها وعمل من أجلها الكثير مما سيجعلها - إن شاء الله - أكثر نجاحا وقدرة على استيعاب متطلبات الظروف ومرونة التعامل معها، وذلك من خلال العمل الدؤوب والمتكامل، وبالتعاون بين الوزارات والهيئات (وزارة التعليم، ووزارة الصحة، ووزارة الإعلام، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وغيرها)، عمل متواصل خلال الأشهر الماضية خرج لنا بخطط ومنصات وقنوات (عين)، ومنصة (مدرستي)، وتطبيق (الروضة الافتراضية)، وإصدار دليل إرشادي لعودة الدراسة في الجامعات، وتطبيقات أخرى تم إطلاقها، ستسهل علينا الكثير وتجعلنا نتعامل مع التعليم عن بعد بطريقة أكثر سهولة واحترافية.

الأمر لم ولن يتوقف عند ذلك، فحرص المسؤولين تعدى هذا إلى تخصيص أوقات مختلفة للمراحل الدراسية كلها، بما يتناسب مع ظروف الأهل، وكذلك دعم الأسر ذات الدخل المحدود بتوفير أجهزة إلكترونية لمتابعة العملية التعليمية.

بعد كل هذا الجهد والعمل الجبار، يتبادر إلى ذهني سؤال، بعد زوال محاذير الجائحة، هل من الأفضل إغلاق أبواب التعليم الافتراضية، أم أن إبقاءها مفتوحة سينقلنا إلى قفزات تليق بنا كدولة وتسهل علينا كشعب؟

أعتقد أن المزج بين التعليم التقليدي والافتراضي سيمنحنا الكثير ويعود علينا بإيجابيات كثيرة، منها على سبيل المثال مراعاة ظروف من يحتاج إلى السفر لعمل أو علاج أو أي سبب يضطره إلى الابتعاد عن المدينة التي يدرس فيها أبناؤه، فالسماح لأولادهم بمتابعة دروسهم عن بعد سيكون له أثر كبير عند الطالب ووالديه.

كذلك لو فكرنا في إضفاء بعض المرونة لنيل شهادات الدراسات العليا وإمكانية اعتمادها من جامعات عرفت بمصداقيتها، وذلك عن طريق التعليم الافتراضي.

كثيرة هي أبواب التيسير التي ستدخل لنا عبر البوابات الافتراضية، فليتها تبقى مفتوحة بعد مرور الجائحة، خاصة أن المملكة العربية السعودية بمؤسساتها والعاملين وبوعي الناس بمتغيرات العصر والظروف، قادرة على أن تصنع من هذا العالم الافتراضي أجمل واقع قد يعاش.