لم يعد الاهتمام بالمظهر الخارجي بما يشتمل عليه من لياقة بدنية حكراً على الشباب والشابات، والمراهقين والمراهقات، بل بات كبار السن ينافسون بقوة في هذا المجال، ولعل هذا ما تؤكده كثرة حضورهم في أندية اللياقة البدنية، وكذلك ممارستهم لرياضات الجري أو المشي أو حتى ركوب الدراجات في الميادين والملاعب والمسارات التي كثرت وانتشرت في سائر المدن والمراكز.

وفي تغير ملحوظ لم يعد اهتمام الكبار بالمظهر الخارجي مرتبطا فقط بالمناسبات الاجتماعية، بل بات ممارسة يومية، وإدراكاً عميقاً لأهمية هذا المظهر الذي يترك الانطباع الأول عن الشخص لدى الناس، وكثيراً ما يكون انعكاسا للشخصية ويعزز الثقة بالنفس ويظهر قيم الإنسان وأخلاقه، كما يبدي جماله، والناس يميلون عادة إلى الجمال.

وكثيراً ما يلعب حسن المظهر والعناية به أدوارا مهمة في إبراز شخصية الإنسان وأفكاره، وكثيراً ما يتم الربط بين مظهر الإنسان وجوهره، وكثيراً ما يربط كذلك بين مظهره وعمله، فالمظهر الخارجي قد يساعد في الحصول على وظيفة، وحتى على تحسين الراتب، وكثير من الشركات باتت تركز على حسن مظهر موظفيها لتصعيدهم في سلم المناصب والرواتب.

مفتاح السلوك

يعزز المظهر الخارجي من نظرة الإنسان إلى نفسه، فيجلعها أكثر إيجابية أو أشد سلبية، ويرى المستشار التربوي ماجد المالكي أن نظرة الإنسان إلى نفسه باتت مفتاح سلوكه في الحياة، وهي من أهم ما يحدد الصحة النفسية للإنسان، فشعوره بأنه ليس مجرد عابر سبيل أو متفرج في هذه الدّنيا يمنحه التفاؤل ويدفعه إلى الإحساس بدوره الفعال وأهميته في حياة الآخرين، كما أن صورة الإنسان عن ذاته يكونها منذ نعومة أظفاره، وهي تكبر معه إيجابية كانت أو سلبية لتتبلور فيما بعد وتنعكس بوضوح على مختلف علاقاته الشخصية والعائلية والعملية والاجتماعية.

واهتمام الإنسان بذاته يعزز ثقته، ويقول المالكي لـ«الوطن» «الإنسان الواثق من نفسه وغير المتردد في قراراته يتحكم بمصيره، ويعد نفسه قادراً على إحداث فارق في حياته وحياة الآخرين، مهما كان شكله أو عمره أو انتماؤه أو مستواه العلمي، ففي عدد من الأحيان، نتفاجأ بإنسان لا تتطابق صفاته الجمالية مثلاً مع المعايير العامّة «المُعترف بها»، لكنّه يكون مرتاحاً للغاية مع جسده ومتصالحاً مع صورته ولا يخجل من تضاريس أو تكاوين أو تجاعيد أو وزن زائد.. فيما نرى آخر أكثر «مطابقةً للمعايير» لكنّه خجول ومنزوٍ وغير راضٍ عن شكله ووضعه، ذلك أن الأول ينظر إلى ذاته بإيجابية ويرى النصف الملآن من الكوب، فيما يركز الثاني على السيئات والأخطاء، التي قد تكون واضحة، أو حتى وهمية أو مبالغا فيها وموجودة فقط في خياله ونظرته بازدراء إلى ذاته».

ويميز المالكي بين حب الذات والتصالح معها وبين الغرور المطلق، ويقول«حبّ الذّات ناتج عن قناعة داخلية وتصالح مع الذّات ونظرة إيجابيّة، فيما الغرور ناتج عن جهل وقلّة دراية ورفض النّقد وإن كان بنّاءً».

ويضيف «المتصالح مع ذاته، هو شخص قادر على اتّخاذ قرارات سليمة، ويعرف ما يريد ويسعى للوصول إلى هدفه، وينتقي علاقاته المبنية على أسس متينة، وينجح في حياته العملية والاجتماعية والشخصية، لأنّه إيجابي وطموح، أما الشّخص الذي يتمتّع بصورة سلبيّة عن ذاته فيبحث عن أشخاص أكثر ضعفًا منه لمحاولة فرض سيطرته عليهم أو على العكس، يبحث عن أشخاص يهمشونه أكثر ويسيئون إليه معنويا، إذ ينقل الصورة التي عاشها طوال حياته من خلال علاقات عمل متدنية وانعدام الطموح وعدم الرغبة أو القدرة على التقدم في الحياة».

إهمال الذات

ذكرت المستشارة الأسرية نهى آل فريان أن وعي الكبار وتقديرهم لذاتهم بات أمرا ملحوظا ومحمودا، وقالت «نلاحظ بوضوح انحسار إهمال الذات لدى الكبار، نتيجة تمتعهم بوعي لتقدير ذواتهم وعدم تهميشها والتعايش مع تغيرات المجتمع، حتى إن كانوا متعلقين بأزمانهم ومعتقداتهم فيها، كما أصبح الكبير سنا يتنافس حتى في الملابس وزيارة العيادات التجميلية مع الشباب، فقد بات تحسين المظهر الخارجي مقبولا ومطلوباً، خلاف الماضي بسبب الخوف والمعتقدات الخاطئة والقناعات المختلفة عنها كما في الوقت الحالي».

حرص على الجمال

يؤكد وليد القحطاني، وهو رجل أربعيني أن صحة الإنسان من الأمور الأساسية التي لا يجب إهمالها، وأن الحفاظ على لياقة الجسم مطلوبة حتى في سن متقدم من العمر، وقال «الاهتمام بممارسة الرياضة والأكل الصحي يساعد الجسم في الحفاظ على المعدلات الحيوية لأعضائه، مما يكسبه صحة ممتازة وجسما رياضيا ينعكس على مظهره الخارجي، ويقدمه للآخرين بمظهر لائق ومحبب ومريح للعين».

تشير هناء طوله وهي خمسيينة إلى أن كل امرأة تحب أن تشعر بالجمال في كل مراحل حياتها، بمعنى أنها يجب أن تكون حريصة على الاهتمام بمظهرها الخارجي لينعكس على نفسها، ويزيدها سعادة وحبورا على الرغم من تقدم السن بها وظهور آثاره عليها، فلا تظهر تجاعيد السنين إذا كانت هناك ابتسامة جميلة على شفاه لامعة وملابس أنيقة على قوام رشيق.

وقالت: في وسط زحام الانشغالات لا بد أن تعيش المرأة وتستمتع بكل تفاصيلها وتخبر نفسها أنها جميلة وقادرة على أن تواكب الأصغر سنا في الأناقة والجمال والتعايش مع غزو خطوط الوجه، والجمال لا يقتصر هنا على المظهر الخارجي وحده بل يشمل حتى الداخل، فكلاهما مرتبطان ارتباطا وثيقا، وتستطيع السيدة الاختيار في إظهار جمالها بطرقها المعينة، عبر التصالح مع النفس ومشاركة الآخرين مشاعر الود والحب والبعد عن الكلام الجارح والسلبي، وعبر مراعاة الصحة الغذائية والرياضة والرعاية الجسدية والنظافة الشخصية واختيار الملابس المناسبة والاهتمام بتفاصيل البشرة والشعر.

أهمية المظهر الخارجي:

- إبراز شخصية الإنسان وأفكاره

- يربط بين الإنسان وجوهره

- يساعد الشخص في تقبل الآخرين له

- يعزز الفرص الوظيفية والترقي فيها

- يزيد ثقة الإنسان بنفسه

- يمنحه مزيدا من التفاؤل

- يشعره بقدرة أكبر على التحكم في قراراته

- يعزز فرصه في توسيع علاقاته اجتماعيا