في مشهد يتكرر بداية كل عام دراسي، تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع وصور فكاهية تتهكم على طول إجازة المعلم، وتسخر من عطائه وعمله، وتتناول بشكل هزلي له تأثيره السلبي على أدائه لرسالته.

وحذر الأخصائي الاجتماعي عبدالرحمن حسن جان من أن السخرية من المعلم وجعله موضع تندر من قبل المتهكمين ستؤدي إلى نزع هيبة المعلم والتقليل من شأنه لدى الطالب والمجتمع، وتلغي تلك الصورة التي جعلت منه قدوة، وتؤثر على الإقبال على المهنة مستقبلا كونها مهنة سخرية وتنمر، وقد تدفع المعلمين إلى حالة من عدم الاكتراث بعملهم، وهو ما يضعف العملية التعليمية في المجمل.

وطالب جان الإعلام بكل وسائله بالعمل على إبراز دور المعلم في إعداد وتهيئة الطلاب لمستقبل أفضل، والتوعية لتأثير نشر المقاطع المسيئة للمعلم في وسائل التواصل الاجتماعي.

رد بالسخرية

يضيف جان «حين كان المجتمع بدائيا في قديم الزمان كان نمط الأسرة الممتدة هو السائد، فالأسرة تتكون من الزوج وزوجته وأبنائهما وأبناء الأبناء، وكان الذي يقوم على شؤونهم هو الزوج الذي هو رب الأسرة، فيكون الطبيب والمعلم والموجه، وكان ذلك قبل ظهور المؤسسات الطبية والتعليمية وغيرها، بمعنى أنه كان يتحمل العبء الكبير وحده، ويقوم بوظائف تلك المؤسسات، ولكن بعد التطور في شتى مناحي الحياة ومنها التعليم، وبعد تشييد المدارس وإعداد المعلمين والكفاءات الوطنية لتتولى مهام التعليم، خف العبء كثيراً على الأسرة في عملية التعليم البدائية، وقد اهتمت الدولة بالإنسان وعلمته بالمجان، وأنفقت الأموال الطائلة على إنشاء المدارس الحديثة، وشيدت الجامعات، ليتعلم أبناء المجتمع ويتخرجوا أطباء ومهندسين ومعلمين وقضاة وإعلاميين ومحامين وضباط، وهكذا يخدمون وطنهم، وكل هذا بفضل الله ثم بفضل هؤلاء المعلمين، فبدلاً من أن نشكرهم، يكون رد الجميل بالسخرية منهم؟!».

جريمة إلكترونية

يوضح المحامي أحمد الجطيلي أن ما يقوم به بعض مشاهير التواصل من الإساءة للمعلم مرفوض تماماً، ويصل حد التجريم لأنه يحط من قدر المعلم أمام طلابه ويسيء لسمعته ومهنته، ويبطل كل مجهود يقوم به، فضلاً عن وقعه وضرره النفسي على المعلم، وهو يعد نوعا من أنواع التنمر وشكلاً من أشكال الإساءة والإيذاء الموجه من قبل فرد أو مجموعة نحو أفراد أو مجموعة، وقال «هذه ظاهرة حديثة عهد بمجتمعاتنا لا سيما أن تراثنا فيه ما فيه من رفع قدر المعلم، والتنمر والإساءة للمعلم على مواقع التواصل تعد من الجرائم الإكترونية، ومن يقدر تجاوز المسيء في حديثه عن المعلمين والمعلمات إلى حد اعتباره إساءة وتشويه سمعة هو القاضي بعد التحقيق والتدقيق، وفي حال ثبوت ذلك يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن 5 سنوات حسب نظام الجرائم الإلكترونية، فضلا عن التعزير المرسل الذي يوقعه القاضي حسب تقديره للواقعة، وعلى النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية ضد المسيئين والمتنمرين بهذا الشكل، كما أن على وزارة التعليم دورا في حال تعرض منسوبيها للإساءة بإصدار بيان، والتحذير من مثل هذه الإساءات».

إحباط العزيمة

تقول المتخصصة في القيادة التربوية، الدكتورة ضحى عدنان العطاس إن «احترام المعلم وتقدير جهوده أمر مهم وأساسي حتى نعينه على أداء رسالته، ومؤسسات التعليم المختلفة تعد من أهم المؤسسات في أي مجتمع، وإذا أردنا للمجتمع بكل فئاته أن ينمو ويتطور ويصل إلى الرخاء والازدهار فلا بد لنا من إعطاء المعلم حقه في التقدير والاحترام، ونحن الآن في هذا الوقت في أمس الحاجة إلى أن نعيد للمعلم مكانته واحترامه، لأن جيل الشباب والشابات في حاجة ماسة إلى القدوة، والمعلم كان ومن حقه أن يبقى قدوة يُحتذي بها، وللأسف ما يحصل الآن من استهزاء بجهود المعلم أو بالدور الذي يقوم به أو بالإجازة التي يحصل عليها وغيرها من الأمور المرتبطة بالمعلم كل ذلك يعمل على إحباط عزيمته، والتقليل من دور المعلم يؤثر سلبا على الطلاب ويؤثر على سلوكهم حياله، وبالتالي فنحن جميعا مطالبون بأن نعيد للمعلم هيبته ومكانته الاجتماعية، وهذا يحتاج جهد المجتمع بأكمله، وهنا يبرز دور الأهل أيضا تجاه تقدير جهود المعلم، وعدم تداول أي شيء فيه استهزاء أو سخرية منه».

وأوصت العطاس المعلمين في مثل هذه الأوقات بالتغاضي والقيام بواجبهم على أتم وجه وتجاهل ما يحصل من استهزاء، وأن يدركوا الدور والرسالة المنوطة بهم، مشددة على أهمية إقامة حملات توعية على جميع المستويات واستخدام جميع وسائل التواصل الاجتماعي لتوضيح أهمية دور المعلم.

السخرية من المعلمين

* مرفوضة وتصل حد التجريم

* تتضمن الإساءة للمعلم ولمهنته

* توقع الضرر النفسي عليه

* تعد شكلا من أشكال التنمر والإساءة

* للقاضي حق تقدير وصولها مرحلة الإيذاء

* يمكن الحكم على المستهزئ بالسجن 5 سنوات

* للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية بحق المسيئين

* لوزارة التعليم الحق في التحذير من الإساءة لمنسوبيها