نوهنا بمقالنا السابق (مستقبل عن بُعد) عن شجاعة وزارة التعليم ببدء العام الدراسي وعدم تأجيله، حرصاً على أهمية التعليم، وإيماناً بأنه أحد أركان (التقدم) ولا يمكن الاستغناء عنه، ويجب التكيف مع الظروف الراهنة لبناء مجتمع متعلم مثمر.

وقد نوهنا سابقاً عن بعض المعوقات المتوقعة، ومنها توفر وسرعة وتكلفة الإنترنت الذي هو عصب (التعليم عن بعد)، ولا يمكن الاستمرار من دونه.. وقد صُدم أولياء الأمور حينما قررت وزارة التعليم فجأة أن الأسبوع الأول للتسجيل فقط، وذلك بسبب الضغط الرهيب على المنصة وصعوبة التسجيل والدعم الفني (الضعيف)، وعدم ظهور منصة مدرستي في تطبيق توكلنا الذي تم ربطها به، وليت الوزارة بدأت التسجيل والتجارب منذ أسابيع، لرصد الملاحظات وتسيير الأمور بدلا من التفاجؤ والارتباك الحاصل، ناهيك عن الارتفاع الضخم بأسعار الأجهزة الحاسوبية، حيث إن الأسعار تضاعفت بشكل ملحوظ، وكان من الأولى التنسيق مع وزارة التجارة وهيئة الاتصالات لتقوية الإنترنت، ومحاولة إيصاله لكل مناطق المملكة ووضع مبادرات لتخفيض الأسعار، وتوزيع شرائح مجاناً لغير الميسورين، وحينها تبادر سؤال إلى ذهني، ماذا كانت تفعل الوزارة الموقرة بالستة أشهر السابقة، وهل كان نوماً طويلاً بالعسل؟.

فكرت وأعياني التفكير فالموضوع بعيداً عن (تقُعُر) المثقفين هو عبارة عن (مثلث رقمي)، منصة إلكترونية وأجهزة حاسوبية وإنترنت، فهل عجزنا مع هذه الطاقات والقدرات البشرية عن التخطيط والتنسيق بين الوزارات المختلفة خلال ستة أشهر من (الإجازة المطولة) للبدء بعام دراسي ناجح!.

نعلم ونؤمن أن حكومة خادم الحرمين الشريفين استثمرت الغالي والنفيس من أجل أن يحصل المواطن السعودي على تعليم عال وعلى جودة حياة في كل المجالات، وقد رأينا ذلك في مئات الآلاف من المبتعثين داخليا وخارجيا في أرقى جامعات العالم، ولكن لا أستطيع وصف ما حدث من وزارة التعليم إلا كمن خرج للصيد، فظفر بـ (جريبيع) صغير بدلاً من ظبي رشيق. أتمنى أن نحل مواضيع تعليمنا بسرعة وجدية أكبر، وأن نهتم بمبدأ تكافؤ الفرص بالتعليم، وأرجو ألا نكرر مقولة (كاتيا راسم) ذات يوم (أذكر أن كلهم أرادوا أن يصبحوا أطباء أو رواد فضاء في صغرهم، يا إلهي، من أين خرج لنا كل هؤلاء اللصوص والقتلة) !!