تحكي النكتة: أنّ لصاً قوياً أتى إلى أحد البيوت وسرق المجوهرات، وقام بضرب جميع أفراد العائلة وأشبعهم لطماً ورفساً ولكماً، وأثناء خروجه انتبه إلى وجود رجلٍ نائمٍ في الداخل.

فسأل الأم: من هذا؟

قالت: هذا أخي

فقام بإيقاظه، وأشبعه ضرباً ورفساً ولكماً!.

فقالوا له: قد سرقتنا وضربتنا، فما يحوجك إلى ضربه وقد كان نائماً؟!.

فقال اللص: فعلت ذلك لأجل ألا يتفلسف «يهايط» عليكم لاحقاً ويصفكم بالجُبن، ويقول لكم لو كنت مستيقظاً لربطت اللص وفعلت به كذا وكذا.

أقول: أتمنى لو ألتقي بهذا اللص الافتراضي وأقبّل رأسه، لأنه أعطى درساً للمتفلسفين والمنظّرين.

أتفهم إلى حد ما أن «يهايط» الإنسان بشيء فعله تاماً أو ناقصاً، لكن ما أستغربه هو «الهياط» على أمور لم يفعلها أو على أفعال الآخرين دون أن يجربها، وبالتالي فإنّ اللوم غير المبرر هو أحد أشكال «الهياط»!

كثيرون في مجتمعاتنا عندما يسمعون عن مشكلة ما، فإنهم يلومون الضحية أو الحلقة الأضعف بأنه لم يُحسن التصرف، وربما لو كانوا مكانه لصاروا أعجز منه:

- ترك عمله، فاتهموه بالتقصير وما عرفوا حال شركته السيئة التي كان يعمل بها، ولو أنّ أحدهم صار مكانه لضاق ذرعاً.

- تطلّقت، فاعتقد بعض نظيراتها أنها لا تحسن العشرة الزوجية، وربما أنّ زوجها سكّير أو عربيد أو بخيل، فلا تطيق إحداهن البقاء مع زوج مثله.

- ركبته الديون، فلاموه ولم يساعدوه، وما علموا أنّ ديونه لعلاج أمه.

إلقاء اللوم على الضحية من وسائل إراحة الضمير لعدم القدرة أو عدم الرغبة في مساعدتها، كأن يشاهد الرجل تحرشاً بإمرأة ويعجز عن الدفاع عنها، فيلومها حينئذٍ على طريقة مشيها أو لباسها أو حتى خروجها من منزلها (وما علم حاجتها)، أو أن يعجز الناس عن إنصاف المسكين المقهور الذي احتال عليه هامورٌ وأكل ماله، فيحتجون عليه بأنّ (القانون لا يحمي المغفلين).

ومضة:

إذا أردت أن تشكو همك فاجعل الشكوى لله، فإن كان ولا بد فتجنب الحاسد، فإنه يحسدك على زهرة يجدها عندك بين أكوام الشوك، وتجنب الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وتجنب «المهايط»، فإنه يجعل مصيبتك مصيبتين، فأما الأولى: فالمصيبة الأصل، وأما الثانية: فيوهمك بأنك «حمار» لا تستطيع أن تتعامل مع المصائب كما يستطيعها هو!.

فإن طاح جَمَلُك يوماً ما لا قدر الله، فادع الله ألا يطيح بين سكاكين «المهايطية».