يومنا الوطني درة الأيام وتاج يزين أفراحنا، فهذا اليوم بعد العيدين هو ثالث أعيادنا وتاريخ أمجادنا، وكيف لا وهو يوم توحيد المملكة على يد الملك الفذ ذي العزم والحزم والحكمة، الملك عبدالعزيز آل سعود، الذي توفرت له مع الحنكة التلقائية والفراسة العربية الأصيلة في فكره وسياساته روح الإنجاز والإصلاح، في وقت كانت ترزح فيه الجزيرة العربية تحت وطأة الجهل والخرافات والأفكار المظلمة، فكانت أجندته إرساء العدل والعلم، وإخراج البلاد من الجهل والجهالة.

وهكذا كان، فقد ضرب ذلك الرجل العظيم المهاب موعداً مع الإصلاح والنهوض بشعبه إلى مدارج الحضارة، رغم كل الصعوبات، ولعلي أذكر واحدة منها ألا وهي مجلس الشورى الذي أنشئ قبل حوالي المئة عام بتاريخ 17 -1 -1346 هجري 1927 ميلادي، وكان مقره في مكة المكرمة، وكان ذلك إجراء متقدما على كثير من الدول في ذلك الوقت.

وقد أنعم الله على هذا الوطن، علي يد هذا الفارس وعلى نيته الطيبة باكتشاف البترول، وبعدما كان كثير من أرجاء الوطن قبل تحريره وتوحيده يعتمد على بعض الهبات والمعونات من هنا وهناك، أصبح الوطن من أوائل الدول المانحة لرفع معاناة الفقر والحاجة في العالم، ولتحفيز اقتصاد بعض الدول الصديقة، وخاصة العربية والإسلامية، فقد بلغت المعونات حوالي 47 مليار دولار، صرفت على حوالي 4000 مشروع إنساني وخيري، استفادت منها 155 دولة.

وتوالت عطاءات الخير في كل مجال ومنها لجان خاصة بدعم شعب فلسطين، وأخيرها وليس آخرها ما أمر به الملك سلمان من إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة، ذلك المركز الذي خرج من رحم الرحمة والإنسانية، فلم يقبع أبدا تحت عباءة الانتماءات، بل كانت أيقونته أن رحاب الخير هي للإنسان وليس للمكان، لم يمنعه من العطاء جنس ولا عرق، همه إزالة ما تتعرض له تلك الدول وشعوبها. من معاناة وكوارث سواء أكانت طبيعية أو من صنع هواة الاضطهاد والإجرام.

ولا أدل على ذلك مثلا من عمل مركز الملك سلمان في اليمن، والذي لم يفرق بين شماله وجنوبه، كما أقيمت مشاريع تنموية في عدة مناطق هناك، وستشمل المشاريع اليمن كله، بعد تحريره من بين أيدي الانقلابيين.

كما امتدت عطاءات هذا المركز إلى أفغانستان والسودان ولبنان، وأين ما كانت الحاجة تجد جسرا ينقل الغذاء والدواء، وبعض لوازم الحياة الأخرى كالخيام والبطانيات. جزى الله خيراً ملك الإيثار والجود، سلمان الإنسان الكريم الذي يملك قلبا طيباً يسع عالماً بأسره. وطالما الحديث عن العطاء والجود، فلا بد وللأمانة من الحديث عن ولي العهد المتميز محمد بن سلمان، صاحب اليد العليا سيد المكارم جزيل العطاء، وعن ذلك فحدث ولا حرج، وقد سبق أن أشرت إلى بعض خصال سموه المجيدة، وخاصة الكرم، وذلك في مقالين سابقين متتاليين، بعنوان محمد بن سلمان رجل استثنائي، ولكن أشعر أن ما كتبت لم يوف سموه حقه، فكثر هم الذين يتحدثون عن كرم سموه، وأنه إذا أعطى أجزل، ولا يتوقف كرمه على أحد بعينه، بل ولا يقنع سموه بأن يعطيك على قدر، بل هو موجة كرم مرسلة تفيض بلا حدود.

هذه هي أخلاق الفرسان النبلاء، جابري عثرات الكرام، ولا شك أن لسموه أيادي بيضاء على كثيرين، وإقالة عثرات من جار عليهم الزمن، فالشكر والامتنان هو أقل ما يجب في حق هذا الرجل المبدع الاستثنائي في فكره وقيادته وكرمه. كما أن كثيرا من عطاءاته لا يعلمها إلا الله والمكلفون بالأمر، هذا غير مؤسسة مسك الخيرية، وكذا متابعة سموه الحثيثة لأعمال مركز الملك سلمان للإغاثة، وحرصه على أن تمتد يد الخير والإغاثة لكل من يستحقها، وما خفي كان أعظم.

جزى الله سموه كل خير، وأبقى الله عطاءه دائماً، وجعل كل ما يفعله من معروف في خزائن حسناته، وفي جميل كرمه وإحسان معروفه.

هذا الوطن العظيم وهذا الشعب النبيل ما برحا بين يدي هاتين القامتين الكريمتين «فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون»، أدام الله راية هذا الوطن خفاقة بالمجد والعز والأمن والأمان.

وعاش الملك للعلم والوطن.