يسود مواقع التواصل الاجتماعي بعد كل حدث وفي كل وقت استهجان وامتعاض الناس مما يسمون "مشاهير السوشال ميديا"، الذين أصبحوا الحديث الدائم في كل مكان وزمان.

هذه الفئة التي استغلت التوسع التقني - وباعتقادي أنها ثغرة - لأن يظهروا تفاهاتهم ويصبحوا تحت لفت الأنظار، فصاروا حينها مشاهير يشار إليهم بالبنان وتضاعفت أعداد مشاهداتهم بالملايين!

ماذا قدموا لنا؟ وهذا السؤال يزعجهم كثيرا، فيجيبون بأنهم يقدمون "يومياتهم"، هذه الإجابة فريدة نوعا ما وعصرية ونضعها في حدود محتوى لمن لا محتوى له، زاحموا أهل الفكر والثقافة - وللأسف وقد أكرر أسفي كثيرا في هذه المقالة - هم أشبه بالبالون الممتلئ بالهواء أو بوصف أعمق بالهراء، والورقة الوحيدة لكل جهة رسمية أو غير ذلك كممثلين لهم - أيضا للأسف.

هؤلاء "الدعائيون" - وصدق الإعلامي عضوان الأحمري عندما أطلق عليهم هذا الوصف - باعتقادي لا يُلامون أبدا في إكمال المسير، لأنهم فوجئوا بحالهم متغيرا من اللا شيء لشيء أكبر من واقعهم وإدراكهم وأيضا قدرتهم!

عزيزي المشاهد لهم، اسأل نفسك ماذا يستفاد من هؤلاء؟ وما الذي يجعلك من ضمن أعداد متابعيهم الذين يعتقدون أنك "تابع لهم"؟ ستجد أنك مجيب لأسئلتك بـ"لا شيء" سوى إضاعة الوقت لمشاهدة "فراغهم وتفاهاتهم".

لا يجب أن نطالب هؤلاء "المشاهير" بالتوقف، وهذا أمر فيه استحالة، يجب أن تكون التوعية منهم حاضرة ونتوقف عن متابعتهم، وعند ذلك بكل تأكيد وأجزم أنهم سيعودون مجهولين كما كانوا في سابق عهدهم وللموقع اللائق لهم.

متابعتهم وإعطاؤهم الاهتمام بالمشاهدة والتفاعل معهم لن يعود علينا بمخرجات فكرية وثقافية وعلمية وأدبية وربما "أخلاقية"، فلنتوقَّفْ عن دعمهم بالمشاهدة وإزالتهم من قوائمنا واستبدال المفيد بهم، فهناك كثر غيبوا بسببهم.

لا أبالغ عندما أقول إن الأطفال اليوم في خطر، عندما يجعل أحد المشاهير - وللأسف - قدوة له في كل فعل وكل كلمة يقولها هذا المشهور، وبناء على ذلك لن يكون لهذا الطفل معيار محدد للنجاح والفشل، والحسن والسيء، والصحيح والخطأ، بل معياره الوحيد الذي يتربى عليه هو المشهور بكل ما فيه.

في المقابل آمل من الجهات المسؤولة عنهم تسليط عين الرقيب بشدة عليهم، والحد من تصرفاتهم السلبية التي أصبحت عادة عند بعضِ متابعيهم باعتبارهم "قدوةً" للأسف.