الدولة السعودية كانت دوماً رهاناً على صناعة كثير من المستحيلات، ومما لا شك فيه أن ما أُنجز ولا لا يزال قيد الإنجاز، يجعل من ذكرى اليوم الوطني فرصةً أكثر من مجرد احتفالية، إذ إنها رصدٌ لوطن كان دوماً يعني ولا يزال وسيبقى يمثّل إرثاً ومفهوماً للعمل والإصرار، وهي مفاهيم ستنتقل على الدوام في أذهان الشعب السعودي من جيلٍ إلى آخر، إذ يُتوارث هذا الحب لهذه الأرض من جيلٍ لآخر يخلفه، وهو ليس حب بالكلمات بقدر ما هو رغبة جامحة في نفوسنا نحن السعوديين بألا نتوقف أبداً، وألا تتوقف مطلقاً عجلة التحسين والتطوير والتعظيم لمواردنا، وقدراتنا، ورؤيتنا، وثقتنا بأن الانتقال بهذا الوطن إلى حيث تتزاوج التكنولوجيا الحديثة بأصالة ومعايير حياتنا هو أمرٌ ممكنٌ جداً، وبأن عجلة التنمية ماضيةٌ، وقطار التطوير لن يتوقف طالما كان في هذا الوطن شعبٌ يدرك أهمية بقاء واستمرار وتطوير هذه الدولة، ويبذل الغالي والنفيس من أجل هذا الهدف، إدراكاً منه أن من لا وطن له، لا يمكن أن تقبله أرض بديلة عن وطنه، ولهذا نحن اليوم وغداً مصممون كسعوديين على أن نواصل احتضان وطننا لكي يحتضننا على الدوام.

اليوم، أهلنا في محافظات المملكة من الشمال إلى الجنوب، ومن الغرب إلى الشرق، مدعوون جميعهم وفي اليوم الوطني الذي يمثل هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا لإعلاء قيمة هذا الكيان السياسي أكثر وأكثر، ففي ذلك ضمانة لاستمرار الحياة على هذه الأرض بكرامة تفتقدها اليوم كثير من دول العالم.

يومنا الوطني بالمملكة هو فرصة متجددة لمراقبة أدائنا الوطني السنوي، وهل نحن كسعوديين بالفعل بذلنا في عامنا المنصرم ما كان يجب أن نبذله للتعبير عن صدق حبنا وولائنا لهذا البلد؟ في كل عام، وفي كل مرة تظلّنا هذه المناسبة العزيزة، علينا أن نراجع مع أنفسنا كشف حساب الأعمال التي تمكنّا من إنجازها في قطاعاتنا التي ننتمي إليها.

علينا أن ندرك أننا لا يمكن أن نضطلع بمهام لخدمة هذا الوطن في كل الاتجاهات، فهذه ليست مسؤوليتنا الحقيقية، وإنما يجب أن نكون جنوداً أوفياء، حيث ننتمي في وظائفنا وأعمالنا الحكومية والخاصة، والتي يجب أن ننظر إليها كجزء أساسي من هذه المعادلة الوطنية الراسخة في ضمائرنا.

كلُ عامٍ ومملكتنا وقيادتنا وأهلنا في مدن المملكة بخير، كل عام والسعودية بخير.