ماذا نعني بالوطن..؟ هل هو تلك المساحة من الأرض ذات الحدود الجغرافية المرسومة على الخارطة السياسية العالمية التي تعتبر حقا مشروعا للدول لتمارس فيها سيادتها، وبالتالي تتمتع وحدها ويتمتع شعبها بحق الانتفاع بما في هذه الأرض من موارد وخيرات، لتكون أوطاناً ذات بصمات مختلفة بهويات سياسية واقتصادية واجتماعية تعطي لكل منها شخصيته التي تميزه عن الآخر..؟

أم هو تلك المشاعر التي تسكن القلوب تجاه أرض يسكنونها، وقيادات تحكمها ومجتمع كامل تتشارك معه هذه الأرض..؟

العقل، والقواعد والنظريات العلمية تأخذ بالتعريف الأول الذي يمكن لنا أن ننقله حرفيا كما فعلت أنا من أستاذنا قوقل الذكي المثقف المطلع، أما القلب.. فلو سألناه لوجدنا لكل شعب إجابة مختلفة تعتمد على مدى امتنانه لوطنه وقيادته وحجم الحب الذي نما في القلوب بسقيا عطاء تروي به الأوطان حاجات ورغبات شعوبها، وبالأمان الذي يحفظ لتلك المجتمعات البشرية نضارة اطمئنانها ويحافظ عليها من سوس الخوف الذي يأكل روح الولاء والانتماء.

ويبقى السؤال كيف نختبر حبنا لأوطاننا.. والإجابة سنجدها في تفاعل تلك الأوطان بقياداتها وشعوبها مع ما يحيط بهم من أزمات، وكيف تهب جميعها لأجل نصرة كيان واحد والمحافظة عليه من كل التداعيات حواليه، ذلك هو أكثر ما نقيس من خلاله حب الوطن داخلنا، فتعامل بعض الشعوب والقيادات معنا أفرادا ومؤسسات، هو ما يكشف معادن الأوطان النفيسة والأخرى الرخيصة، من خلال ذلك تبحث الشعوب في الدول حواليها فتعرف كم هي محظوظة أو العكس في الوطن الذي تسكنه ويسكنها.

في يومنا الوطني دعونا نتأمل بعمق علاقتنا مع بلادنا منذ بداية تأسيسها إلى يومنا هذا.. كيف كانت علاقة أجدادنا مع قيادتهم وأرضهم، وماذا ورث عنهم آباؤنا من مشاعر ورغبة في العطاء لهذه الأرض بقيادتها، وكيف نعيش الآن وما هو شكل العلاقة بيننا كوطن وقيادة وشعب، خاصة في زمن نواجه فيه أكبر مشكلة مرت على الكرة الأرضية خلال قرن أو أكثر.

لا يمكن أن نتكلم عن علاقة السعودي بوطنه وقيادته دون أن نبدأ بالرمز الخالد الذي يعني لنا الكثير، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ملك أحببناه رغم أننا لم نعش عصره ولكنا تشربنا عشق سيرته، فعندما يذكر يملؤنا الزهو به قائدا وحاكما ومنجزا ومؤسسا لوطن لا نبيعه بأوطان العالم بأسرها، لأننا نراه العالم كله، هذا القائد حمل على عاتقه مع أجدادنا مسؤولية توحيد هذه الأرض، وبناء البنى التحتية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تضمن لنا بعد الله دولة شامخة شابة لا تهرم ولا تشيخ، ووطنا مرنا تبقى أسسه وثوابته وهويته ثابتة رغم المتغيرات التي يتأقلم معها، دون أن يفقد ملامحه وهويته المعروفة عند العالم أجمع، بعد حقبة التأسيس جاءت مرحلة البناء والعمل، وهي حقبة زمنية عاشها آباؤنا مع ملوكنا الذين نجد لكل منهم بصمة واضحة صنعتنا بأمر الله كدولة ذات سيادة وقوة وحضور مهيب محترم، دولة لها كلمتها ومواقفها وثقلها في العالم.

والآن نحن مع أولادنا نعيش عهد الحزم والعزم الذي يمسك بزمام أموره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، زمن التحولات والتغيرات التي بها بعد الله نواكب مستجدات التغير العالمي، دون أن نفقد الملامح الإسلامية الثابتة والهوية السعودية الأصيلة، التي بها نحن نقفز قفزات عالية نحو الصدارة العالمية على كل الأصعدة.

يومنا الوطني يأتي هذا العام وجائحة كورونا ما زالت حاضرة، جائحة تعتبر أصعب وأخطر أزمة مرت على الكرة الأرضية منذ قرون، هذه الجائحة هي الضارة النافعة التي جعلتنا نرى فعلا لا قولا قيمة المواطن السعودي عند قيادته وكيف أنه المهم والأهم..

امتناننا وولاؤنا لقيادتنا وشعبنا سنترجمها مواقف، لا أقول من خلال الحب النقي والعطاء الصادق واللحمة الوطنية والمحافظة على الهوية، وعدم السماح لأي تأثير خارجي أن يفرق شملنا ويؤثر على استقرارنا، وبالتباهي بالسعودية والسعودي، وبإنجازاتنا كحكومة وشعب، ونجعلها تصل إلى العالم كله من خلال تواجدنا المشرف في كل المجالات.

ومن هنا، من وطني المملكة العربية السعودية، وفي هذا اليوم نقول نحن كشعب: دام عزك يا وطن، وكل عام وأنت لنا نبض وروح وأمن وأمان، ولقيادتنا نقول: أدام الله عزمكم ووجودكم، ونحن في هذا اليوم نجدد العهد والوعد لكم بالولاء والسمع والطاعة، ولشعبنا: أدام الله علينا نعمة الحب والسلام واللحمة الوطنية.