في الوقت الذي ظهر فيه مصطلح" الطبطبة" شهيراً هذه الأيام وجدنا كثيرين يقومون بإهدائه لبعضهم بعضها، وربما التندر به أيضاً، فهناك من وضعه مع صورة لشخص عزيز وهناك من وضعتها مع صورة لعلب المكياج وآخر مع وجبة عشاء وحتى حساب مختص باللغة العربية والنحو والصرف علق "لقيت الطبطبة وهي صوت حركة الماء".

هذا الاهتمام والبحث عن معاني الطبطبة التي يختصرها معنى الاحتواء يبدو مبالغاً به خاصة إذا وجدنا محلات بيع الهدايا والورد ومشاهد السنابات تعج بالهدايا الثمينة، ومع ذلك الجميع يردد الشكوى من عدم وجود الاهتمام، فهل كل ما نشاهده هو حقيقة أم أن الناس أغفلت ما هو أهم وأبعد من الهدايا؟!

يبدو لي المسألة تكمن في قول الشاعر:

عندي هدايا بس ماعندي أحباب *** أعطوني الأحباب واخذوا الهدايا

وإلا ما هو التفسير المنطقي لعدم إحساس الناس بالطبطبة أو الاحتواء مع كل هذه المظاهر.

كتب أنطون تشيخوف في قصته القصيرة "الشقاء" عن "إيوانا بوتاباف" وهو سائق يائس أراد أن يحكي للركاب عن ابنه الذي مات قبل أيام، كيف مات ابنه، وماذا قال قبل موته، وبماذا شعر عندما ذهب للمستشفى ليجمع ملابسه بعد الجنازة، ويقص قصته لكل من يركب معه حتى أنه كان يتنازل عن بضعة نقود كي يركب معه أي شخص ليروي له موت ابنه حينما لم يجد من يستمع له تذكر مهرته الصغيرة التي كان يطعمها دائماً فذهب إليها وقص عليها ما في قلبه وأخبرها بكل ما لديه فمضغت الطعام وأنصتت له.

كم هو مؤلم ألا تجد من ينصت إليك.

معاني الحب والرحمة والشفقة ليست في المال إنما في الإنصات، الاحتواء الحقيقي، جعل لنا الله أذنين اثنتين ولساناً واحداً مع ذلك نتكلم أكثر مما نستمع.

أعتقد أكبر هدية يمكن أن تقدم لشخص قبل أي شيء "تطبطب عليه بأُذنيك وبقلبك وبعقلك".