كأحد خريجي أي جامعة في العالم أو ما يسمى (الومناي) فإنك قد تشعر بالحنين إلى جامعتك وتبحث عن أخبارها، وهذا جزء من ولائك ومحبتك للجامعة التي قضيت فيها عدة سنوات. والحق يقال لا شيء يعدل الجامعة التي قضيت فيها مرحلة البكالوريس، التي لها مكانة خاصة تميزها عن بقية المراحل الدراسية والدراسات العليا، وربما يرجع ذلك لأنها من أجمل أيام العمر، وغالبا تكون في ريعان شبابك، فهي أيام جميلة ولها نوع من النوستالجيا الخاصة! كنت أطالع ترتيب الجامعات السعودية في الترتيب والتصنيف العالمي، فوجدت (عجبا عجابا). بدأت بتصنيف التايمز الشهير، وجدت مركز جامعة الملك سعود حوالي 501 عالميا، قلت هذا ليس معقولا، هناك خطأ أو أنهم لا يعرفون حق المعرفة جامعة الملك سعود التي هي في مقدمة الجامعات السعودية. ذهبت لـ (توب يونيفرستي رانكنج)، أو تصنيف أعلى الجامعات، فوجدت أن ترتيبها 287. قلت أذهب لتصنيف شنغهاي، يمكن ينصفون الجامعة، فوجدتها 151. قلنا يمكن ما يقدرون الجامعة حق قدرها، فذهبنا إلى تصنيف كيو اس الشهير، فوجدنا مرتبتها 281. أما في تصنيف يو اس نيوز فوجدنا مرتبتها 332!. قلت ربما هناك نوع من البخس لجودة الجامعات السعودية! فراجعت مراتب الجامعات السعودية الأخرى، فوجدت أن جامعة الملك عبدالعزيز حققت نتائج متقدمة تقريبا في كل التصنيفات العالمية السابقة، فهي صاحبة المركز 51 في تصنيف يو اس نيوز، وهي بالمرتبة 201 في تصنيف التايمز/‏‏ بل في تصنيف شنغهاي حققت مركزا متقدما 101، بينما في تصنيف كيو اس 143! حتى جامعات حديثة نسبيا، أعطيت حقها في التصنيفات مثل جامعة الفيصل أعطيت 251 في تصنيف التايمز الشهير، والحق يقال، نسمع كل خير عن جامعة الفيصل في السنوات الأخيرة! وربما شيء جميل للجامعة الحديثة نسبيا أن تتقدم بمئات المراتب في التصنيف العالمي على جامعة مثل جامعة الملك سعود الأعرق في المملكة! كنت في حيرة، وقلت ربما التصنيفات العالمية المتعددة رغم أنها تبدو محايدة، ولها أسس تصنيف موضوعية إلى حد ما، لكن من الممكن أنها لا تعرف جامعة الملك سعود والجامعات المحلية كما نعرفها، فذهبت للتصنيفات المحلية والحكومية منها من باب الموضوعية، وقلت دعنا نرى كفاءة نتاج الجامعات، فعند مراجعة اختبار رخصة ممارسة الطب من هيئة التخصصات الصحية السعودية، نجد هناك تقدما للجامعات الجديدة أو الحديثة نسبياً على جامعة الملك سعود، وهنا الواحد يفخر بجامعة الفيصل، وأيضا كليات الراجحي الأهلية التي حققت مراكز أولى في السنوات الأخيرة! جامعة الملك سعود التي ميزانيتها الأعلى في المملكة ولديها إمكانات أكثر من أي جامعة أخرى، وتاريخ عريق، لكن في المقابل جامعات ميزانياتها وقدراتها لا تعادل ربما جزءًا بسيطا من جامعة الملك سعود، تتقدم عليها عالميا ومحليا! ليس بخساً للجامعات الحديثة، لكن الواحد شاء أم أبى يميل قلبه لجامعته الأم ويتمنى أن تكون بالمقدمة! كتبنا سابقا عن سوء إدارة بعض الجامعات السعودية، وضعف كفاءة ومؤهلات إدارتها لكن جامعة الملك سعود غير ومختلفة! ضعف أداء بعض الجامعات السعودية، هذه مشكلة قد يحلها الوزير ونائبه، لكن ما يهمني حاليا هو الجامعة العزيزة على قلبي، صحيح أتمنى أن تكون كل الجامعات السعودية في المقدمة، لكن أعترف أن ميولي ومحبتي لجامعة الملك سعود، وهذا أقل شيء ممكن يتمناه أيٌ من خريجيها! هل المشكلة في الإدارة أم في الأنظمة أو في الهيئة الأكاديمية والتعليمية؟ سمعت شكوى من البعض عن إدارة الجامعة، وأن البعض يدير الأمور بشكل بيروقراطي صرف لا يتناسب مع المرحلة، خصوصا من يبقى في المنصب لسنين طويلة، لكن في الوقت نفسه أنا كبير بالعمر بما يكفي، لكي لا أحكم على شيء من مجرد سماع وجهة نظر من جهة واحدة، فالأيام تعلمك أن البعض قد يلقي بالمشكلة على الآخر، وربما من يتهم الآخرين يكون هو السبب، والعكس صحيح، فلا يجوز الحكم على الأمور دون سماع كل الأطراف. وهناك البعض الآخر يشكو من حال الدكاترة، وأن الشغف للعمل الأكاديمي الحكومي تغير، والآن تركيزهم على العمل غير الأكاديمي والمهني والاستشارات والإعارات.

والبعض يقول إن جامعة مثل جامعة الملك عبدالعزيز يتم مجاملتها في التصنيفات، والرد بسيط على ذلك وهو (من حصل شيء يستاهله!) بغض النظر إن كانت هناك مجاملة أو لا، فإن جامعة الملك عبدالعزيز اشتغلت على نفسها، وصعب أن تجعل حوالي 5 تصنيفات عالمية مختلفة تجاملك! سأتكلم بكل صراحة بغض النظر عن المشكلة في جامعة الملك سعود، فنحن نريد لها النجاح والرجوع لمكانتها. هذه الجامعة التي خرجت كثيرا من كبار رجال الدولة والوطن الذين خدموا البلد، كانت مصنع رجال الدولة، ولا يتسع المقال حتى لذكر جزء منهم، وكلهم يريدون خدمتها، ونعرف كيف بعض الخريجين حول العالم أدوا لجامعاتهم أعمالا كبيرة وجليلة، ومنهم من تبرع بثروات للجامعة التي تخرج فيها، ومنهم من بنى المراكز والكليات، ونعرف قوة اتحاد وجمعيات الخريجين في الجامعات العالمية، وكيفية تأثيرها وعطائها لجامعاتها الأم! ولكي نضع الأمور في نصابها ونعمل بطريقة علمية ودون القفز على الأسباب لتدهور تصنيفات جامعة الملك سعود، أو وضع الحلول والاقتراحات فإننا نوصي وبشدة بإنشاء لجنة من خريجي الجامعة من المسؤولين الكبار في الدولة، والقطاع الخاص، وفي عدة تخصصات ليدرسوا الوضع في الجامعة، فربما الإدارة تحتاج دعما ومساعدة لتغيير خططها، أو أنظمتها التي كبلتها، أو تحتاج لتغيير بعض المراكز والوجوه التي لا يمكن تغييرها بسبب أنظمة العمل الحالية، أو تغيير المحفزات لأعضاء هيئة التدريس، أو حلول أخرى كثيرة يمكن مناقشتها، ولست مع وصفة واحدة للحل. لا أريد أخذ موقف من أي جهة كانت قبل دراسة الوضع، لاعتقادي أن كل من تخرج من جامعة الملك سعود يحبها ولديه أيام جميلة وذكريات رائعة فيها، وسيحرص على مكانة الجامعة، ويبذل كل جهده لخدمتها حتى لو تخرج منها قبل عقود. لا أريد طرح أسماء، فرجالات الدولة من خريجي جامعة الملك سعود كثر، ربما وزير التعليم نفسه، وهو أحد الخريجين يعرف الكثير منهم، وربما يختار من الأسماء الكثيرة اللامعة، وليس لدي شك أنهم سيسعدون بخدمة جامعتهم الأم، وما يهمنا في الحصيلة، هو أن نرى الجامعة تعود لمجدها.