نحتفي هذا العام بالذكرى السادسة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- وتوليه مقاليد الحكم والاستمرار في قيادة هذا الوطن العظيم نحو الازدهار والنماء، ونحن نعيش والعالم أجمع ظروفا استثنائية وتحديات في مختلف القطاعات والأجهزة والأنظمة الرسمية وغير الرسمية؛ بسبب جائحة كورونا التي هزت اقتصاد العالم وأنظمته الصحية وكفاءاته السياسية والأخلاقية. خضنا هذا التحدي وما زلنا في غماره متحدين تحت راية الملك سلمان، الذي أعلن عن نهجه في التعامل مع هذه الأزمة بجعل معيار الإنسانية هو المحك الذي تتعامل به المملكة العربية السعودية مع المواطنين والمقيمين على هذه الأرض على حد سواء. فكان تلقي الخدمات الطبية من فحص ورعاية وعلاج يحصل عليها المواطن والمقيم دون تمايز أو تفرقة. ومن قضى في خدمة القطاع الصحي وهو يواجه هذه الأزمة يحصل على ذات التعويض المادي والمعنوي دون اعتبار للجنسية أو الجنس أو المرتبة الوظيفية.

هذه القيم الإنسانية العُظمى التي يتعامل بها الملك العظيم سلمان بن عبدالعزيز ويرسمها نهجا لقيادته ومثلا لمواطنيه وقدوة للعالم أجمع لم تنفك عن الحكمة والشجاعة التي بدأ بها مسيرته قبل أعوام ستة في حكم المملكة العربية السعودية. وقد تجلى هذا في القرار الحكيم باستمرار شعيرة الحج خلال أزمة كورونا مع تطبيق أقصى تدابير الوقاية والسلامة باقتصاره على أعداد محدودة من الحجاج من مختلف الجنسيات من داخل المملكة، والبدء في شعيرة العمرة وفق أعلى الاحترازات المتتالية منذ عدة أسابيع للمعتمرين من داخل وخارج المملكة بما يضمن سلامة قاصدي بيت الله الحرام.

وعلى الرغم من التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا على القطاعات كافة حول العالم وفي المملكة إلا أن قيادتنا الحكيمة برعاية الملك سلمان حرصت على دعم القطاع الصحي والأولوية المالية له، كما حرصت على التخفيف على المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص من الآثار الاقتصادية السلبية بدعمها بما يزيد عن 200 مليار ريال سعودي. فضلا عن حرص المملكة على استقرار سوق النفط العالمي، من خلال استمرار الإمدادات النفطية للمستهلكين. وهي -المملكة- مع حرصها الدائم لاستقرار الاقتصاد العالمي فإنها أيضا تحرص على الاستقرار السياسي في المنطقة من خلال توصيات وتوجيهات ومبادرات الملك سلمان، على تعزيز الوضع الأمني والحرص على مصالح دول الجوار والدول العربية الشقيقة بالذات وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتدعو دائما المجتمع الدولي للوقوف أمام المشروع الإيراني في المنطقة، الذي يهدد عمليات السلام والاستقرار، وينشر الفوضى بدعمه وتبنيه للميليشيات والأحزاب الإرهابية خاصة جماعة الحوثي في اليمن التي وبدعم من إيران تنتهك القوانين الدولية بالصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه المملكة.

منذ بدء تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- أعلن وولي عهده الأمير المجدد محمد بن سلمان عن رؤية المملكة 2030 كخارطة طريق للوطن الطموح، الذي يُراد للمملكة أن تكون عليه. وقد حدثت في المملكة قفزات كبيرة في عدة مجالات غير مسبوقة خلال هذه الأعوام الستة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني، جاءت نتيجة للسير على إستراتيجيات وخطط التحول الوطني التي وضعت حتى العام 2020 وما سيستمر لاحقا وفق آليات التقييم والمراجعة المستمرة التي تنتهجها رؤية المملكة. وقد شكل الحراك في القطاع الثقافي والسياحي والترفيهي والفني وزيادة إشراك القطاع الخاص في مؤشرات التنمية، شكل حراكا كبيرا في تنويع اقتصادات المملكة، واستخدام القوى الناعمة في إيصال صور صحيحة عن الثراء والتنوع الحضاري والاجتماعي والفني فيها وتحسين صورتها للعالم الآخر. كما أولى الملك سلمان وولي عهده -حفظهما الله- من خلال رؤية 2030 المرأة اهتماما خاصا من خلال زيادة تمكين المرأة بتبني عدد من البرامج والقرارات والتشريعات التي تخدم مصالحها في مجال القضاء والحقوق الشخصية أو في الفضاء التنموي والاجتماعي العام، مما ساعد في أن تساهم نساء الوطن في الوقت الحالي -ومستقبلا- في المشاركة التنموية والاقتصادية والتغيير الاجتماعي المتقدم جنبا إلى جنب مع الرجل بثقة ومسؤولية.

إن الذكرى السادسة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود تمر هذا العام، والمملكة تحت قيادته تترأس قمة مجموعة العشرين للمرة الأولى. ومع هذا التزعم الجدير والمشرف للعالم ومع الظروف العصيبة التي عصفت به مع تأثير جائحة كورونا إلا أن الجهود التي بُذلت منذ عقد القمة الاستثنائية الافتراضية في شهر مارس الماضي ومن خلال مجموعات التواصل التي كانت تعمل باستمرار بورش عمل واجتماعات ولقاءات افتراضية مستمرة حتى موعد انعقاد القمة خلال الأيام القادمة، فإن أنظار العالم تتجه نحو المملكة الملهمة للخروج بقرارات ومبادرات تخدم الإنسانية والعالم.

«هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، لقد كان هذا وعد الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز لشعبه عند بدء توليه الحكم قبل ستة أعوام، واليوم ونحن نعبر معه هذه الأعوام بما يحمله من روح الحكمة والإنسانية والريادة التي وعدنا بها، نجدد له البيعة والولاء والعهد على العمل معا على حفظ هذا الوطن وحمايته وازدهاره، وأن نبذل في سبيل وحدته ما نملك، وأن نحرص على أن تكون المملكة العربية السعودية على مصاف الأمم المتقدمة كما يليق بها.