«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».

حينما ندرك أن الزواج هو أحد آيات الله في هذا الكون، وأنه هو المنظم لوجود الإنسان واستمراريته سنقدر قدسيته، الزواج هو مؤسسة حياتية لها قوانينها وشروطها وأركانها، ولكن جهل البعض قوانين هذه المؤسسة فكانت بيوتهم هشة سقطت مع أول خلاف. تسويق البعض لمهورهن وطلباتهن في زوج المستقبل ظاهرة لو أننا لم نقف في وجهها ستغير أفكار الجيل الحاضر، وربما فكر أجيال قادمة! لم يكن من المعروف أن يُشهر الناس بمهور بناتهم، بل ربما يتم التعبير عنه في صك عقد القران بعبارة: «وعلى الصداق المسمى بيننا»، لإيمانهم بأن العلاقة هي أكبر من أن يحددها ثمن، بالرغم أنه ربما تكون معضلة حينما ترغب الزوجة في خلع الزوج لاستحالة الحياة بينهما، فيدعي الزوج مبلغًا أكبر من الذي أمهره لها، وتضطر الزوجة لدفعه إذا لم تستطع إثبات غير ذلك، ولكن السؤال:

ماهو السقف الأعلى للمهور ومن الذي يحدده، هل هو عرف القبيلة أم طموحات العروس أو أطماع ذويها؟

حينما يكون التباهي بالمهور متداولا على منصات التواصل الإجتماعي، سينشأ سباق محموم لتحقيق لقب الأعلى مهرًا، وكأنه مزاد للفتيات وليس شراكة لها قداستها، وأحيانًا أسأل نفسي ما الذي يجعل رجل يوافق على ذلك؟ أهو أيضًا نوع من التحدي ليثبت بأنه الأكثر قدرة على الدفع! ماذا يعني ذلك؟

هذا يعني أننا مجتمع تتحكم فيه المظاهر والسمعة، ومؤشرًا مخيفًا على مستقبل الأسرة والتي هي نواة المجتمع وأساسه، بالذات مع تزايد معدل الطلاق في المجتمع، فثلث حالات الزواج سنويًا تبوء بالفشل حسب إحدى الإحصائيات.

وصدقت المقولة: «يتم الطلاق اليوم لأتفه الأسباب لأن الزواج يتم لأتفه الأسباب»، فما المتوقع لزواج قام على السمعة والمباهاة، ولم يحكمه الحب والاحترام، الاحترام ليس مالاً، فكل ما تستطيع الحصول عليه بالمال يصبح سلعة، والسلع لا قيمة لها ما دمنا قادرين على دفع سعرها.

حرية كل إنسان يكفلها له القانون، ولكن لا أجد من الحرية تغيير مفاهيم مجتمع نحو رباط مقدس، إذا نظرنا للزواج أنه لمن يدفع أكثر، فبذلك نحن ننفي مفهوم القدسية عن رباط الزوجية.

وضعت القوانين والأنظمة منذ العصور القديمة من أجل استقرار الأسرة، فالأسرة كنظام اجتماعي تقوم على مفاهيم يرتضيها العقل، وتوافق عليها المجتمعات.

يقول كونفوشيوس، وهو أول فيلسوف صيني وضع مذهبًا عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي في المجتمع الصيني: «إن السعادة تسود المجتمع إذا سلك كل فرد سلوكًا صحيحًا كعضو في الأسرة»، وكان يرى أن إصلاح المجتمع غير ممكن دون إصلاح الأفراد ووضع نموذج للأسرة الفاضلة.

ومرت العصور والأسرة هي النواة الأهم في المجتمع، وأولت الشرائع السماوية - كلها- الأسرة جل اهتمامها، ووضعت القوانين التي تصلحها وتحافظ على تماسكها، وفي الإسلام حظي تنظيم حياة الأسرة باهتمام عظيم، ونظم أدق التفاصيل وحفظ حقوق كل فرد، وكان البيت النبوي هو النموذج الأمثل للأسرة الطيبة، ونبي هذه الأمة، صلى الله عليه وسلم، يقول:

«أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة».

نحتاج قدوة فاضلة لهذا الزمن.

@seniordoctor