اختتم قادة دول مجموعة العشرين (G20) أعمال اجتماعات الدورة الخامسة عشرة لقمة المجموعة الافتراضية، التي عقدت في 21 و22 نوفمبر، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي قال، في كلمته الختامية: «نجحنا في تقديم رسالة تبعث الاطمئنان والأمل لمواطنينا وجميع الشعوب حول العالم من خلال بيان القادة الختامي لهذه القمة».

كانت استضافة المملكة القمة فرصة ليرى العالم حراكنا ونتاجنا الحضاري، وتفاعلنا مع المتغيرات حولنا، وحسن قيادتنا وتنظيمنا فاعليات الدورة على مدى عام كامل.

استفدنا كشعب أننا فرحنا بكفاءات وقدرات في شبابنا، تبهر القريب والبعيد، وتجعلنا نؤمن أننا متى ما راهنا عليهم كسبنا الرهان وتصدرنا المشهد. قيادتنا الدورة الـ15 أشبه بدورة تدريبية لمختلف الموارد والأفكار، وخشبة مسرح عرض عليها كل شيء جميل، ومضمار للركض نجري فيه كلنا، لنخبر العالم كله من نحن.

استضافة مثل هذه القمم أجمل فرصة ليتعرف علينا العالم عن قرب دون تزييف أو تشويه، أن يرانا كما نحن، ويؤمن بقدرة الإنسان السعودي وكفاءته في إحداث أثر وصناعة مختلف يبهر ويمتع.

ويبقى السؤال: ماذا بعد «G20»؟، كلنا قرأ التوصيات التي حددت ملامح العالم بالمرحلة القادمة، بناء على ما أفرزته وأوصت به اللجان العاملة، وتم إقراره في بيان ختامي به أكثر من 28 نقطة، تغطي جميع احتياجات العالم في شتى القضايا والموضوعات، وتبث رسالة طمأنينة للمجتمعات بأن الدول الكبيرة على قدر المسؤولية في سن تشريعات تحفظ للنظام العالمي الرخاء والأمان الاجتماعي، والاقتصادي بالذات. ولكن ما يهمني الآن هو أثر «G20» علينا في الداخل، وكيف نستثمرها كما يجب!!. لابد من مشروع وطني شامل، نستثمر فيه كل ما أفرزته هذه الدورة، من خبرات وطاقات بشرية ومعلومات متراكمة، نصوغها في قالب احترافي، ونضخها في الجسد الوطني، أفرادا ومؤسسات، لتتجدد الخلايا والرؤى والأفكار، ونصل معا للقمة التي لا تليق إلا بنا وبوطننا الشامخ. أيضا ليتنا نستلهم من «G20»، وننشئ فاعلية مشابهة لها نطلق عليها مسمى «k13»، ونعني بهذا المختصر «مناطق المملكة الـ13»، وتكون الفاعلية أشبه بكرنفال محلي تنموي بروح وفكر عالمي.

تكون هذه الفاعلية مصنعا للخبرات والتجارب، ودورة تدريبية لاكتشاف وتطوير قدرات الإنسان السعودي، وحث المناطق على صناعة مبتكر تنموي قادر على مواكبة التحولات المتسارعة في بلادنا، مترجما «رؤية 2030» كقاعدة أساسية يشيد عليها «k13».

نحن بحاجة لحوار تنموي تقوده المناطق، ويشمل القرى والمحافظات، ننطلق من خلاله لمجتمعات حضارية متجددة، تركن لأصالة الماضي، وتستعد للمستقبل من خلال حاضرها الزاهر.

ستكون «k13» فرصة لكل منطقة لتظهر مكنونها، وتبرز قدراتها، وتقدم أبناءها لبقية المناطق، وتكون المحصلة وطن يزهو بقدرات أبنائه، ويحقق تطلعاتهم، ويستوعب حراكهم في تجمع تنموي يستطيع البناء والنمو المتسارع وفق ما تفرضه المصلحة العامة.

نبدع كثيرا في تقديم أنفسنا للخارج، ونجيد إظهار أجمل ما لدينا من فكر مستقل وسابق لعصره، يجعل العالم يلتفت إلينا ويهتم بنا، ويلحق بنا أحيانا، لنصل معه لكلمة سواء منجزا وحلا.

التنمية المحلية هي رئة الوطن، ومن خلالها يعمر كل شيء ويشيد، ومتى ما استطعنا توظيف ما نملك استطعنا تملك كل شيء، ووضع الأمور في نصابها، لأننا نملك قيادة لا تفرق بين منطقة ومنطقة بل تفتح الباب على مصراعيه للكل، عدلا ومساواة، وتدعو القطاع الخاص الربحي وغير الربحي إلى المشاركة والبذل في البناء السعودي المتحضر.

تنظيم مثل هذه القمم العالمية وقيادة تفاصيلها يمنحنا القدرة على تنظيم كل شيء وترتيبه فكرا وواقعا حقيقيا، يخرج من الأوراق والشاشات، ونجده أمامنا نفرح به ويفرح بنا.

هي فكرة أحببت طرحها، لما لمسته من تفاعلات وحوارات على هامش الدورة في أثناء فعالياتها خلال عامها المنصرم، وكل مشروع يبدأ بفكرة، ورأي هنا ورأي هناك يجعل كل أمرنا في مساره الصحيح.