تعقيبا على مقال سابق في هذه الزاوية بعنوان «سبب كافٍ لإلغاء نظام الكفالة»، الذي كان يتحدث عن حالة إنسانية لأحد العمال الذين شاءت الأقدار ألا يعيش «زي الناس» بسبب أنه لم يكن على «مزاج» الشركة الكفيلة له، فتركته دون راتب أو مستحقات لمدة تقارب العام. وبعد الحديث مع أحد المتخصصين بشؤون هيئة حقوق الإنسان بخصوص هذا الموضوع، وفي حال ثبت أن هناك قصورا لدى الشركة أو الجهة الحكومية المنوط بها التحرك لصد هذا التعدي على إنسانية هذا الشخص أو غيره، فماذا يجب على هيئة حقوق الإنسان أن تقوم به؟.

قال المتخصص إن هيئة حقوق الإنسان هي جهة تقدم الرأي والمشورة فيما يخص حقوق الإنسان، وهذا يعني أنه ليس من عملها إيقاع العقوبات المباشرة على المتجاوزين عليها. وأكمل: لو كشف فريق حقوق الإنسان عن تجاوزات ضد العمال الذين يعملون في المطاعم مثلا بأنهم لا يتمتعون بيوم الإجازة الأسبوعي، الذي يكفله لهم النظام، فليست هناك عقوبة تستطيع هيئة حقوق الإنسان إيقاعها مباشرة على الجهة الحكومية التي قصرت في أداء التفتيش الدوري الذي يكفل لكل عامل حقه والتعامل معه بما يحفظ كرامته وإنسانيته، بل عليها الرفع بالتوصيات، لحل المشكلة، والتباحث مع الجهات المختصة من أجل تسهيل الإجراءات، وفي النهاية هيئة حقوق الإنسان ليس من شأنها إيقاف هذا التعدي فورا بفرض عقوبات محددة سلفا.

وبمثال واقعي، تقول المتحدثة الرسمية باسم هيئة حقوق الإنسان نورة ‏الحقباني، إن هناك بعض أوجه القصور فيما يتعلق بالعناية بذوي الإعاقة بشكل أفضل عند سفرهم أو ممارستهم حياتهم اليومية، فلو اطلعنا على ما حصل لاحقا بعد ملاحظة أوجه القصور تلك، فلن تجد أنه عوقبت شركات الطيران أو وسائل النقل أو حتى الجهات الخدمية بعقوبات مفروضة من هيئة حقوق الإنسان، بل ستتم التوصية والتباحث والمتابعة، وفور زوال هذا السبب فلن يكون هناك ملف لهذا المسؤول الذي قصر في أداء واجباته تجاه حفظ كرامة الإنسان أو تلك الجهة سواء كانت خاصة أو عامة أو حتى حكومية.

ما أريد قوله، وباختصار شديد، لو أن المسؤولين في أية جهة على سبيل المثال يعلمون أن جهتهم هذه لها نطاقات يتم تصنيفها من قبل هيئة حقوق الإنسان، فتكون هناك نطاقات خضراء وصفراء وبرتقالية وحمراء وسوداء مثلا، ويتم تصنيفها كل شهر أو كل ثلاثة أشهر مثلا على حسب المخالفات المرتكبة تحت إدارتهم ضد حقوق الإنسان، وتدخل هذه النطاقات في تقييم تمديد فترة عمل هذا المسؤول في منصبه من عدمها، وقد تصل للإعفاء أو الفصل أو حتى التحويل للتحقيق، بناء على تقارير هذه الزيارة وما يتبعها من زيارات لاحقة - فسيكون لذلك مردود كبير على العناية بحقوق الإنسان والحفاظ عليها. وكيف لا يكون ذلك والمواطن السعودي يعامل بأعلى درجات الإنسانية، فتجد في أوروبا وأمريكا مثلا خلال فترة جائحة كورونا أن مواطنيهم قد تم «نطلهم» على جنبات الشوارع، وحكومتنا توفر لرعاياها وسائل الإجلاء والمساعدة خارجيا، وتمنح العلاج المجاني للمواطن والمقيم، وحتى المخالف أنظمة الإقامة، وهذا يعكس توجه القيادة العليا للمحافظة الحقيقية على كل ما يكفل للإنسان إنسانيته، ولكن بعض الجهات التنفيذية والخدمية، وحتى بعض المؤسسات والأفراد، قد لا يردعهم إلا اعتماد جدول «جزاءات مخالفات حقوق الإنسان».