أما العنوان الثاني فهو الأكثر جذباً للانتباه فهو (العقاب فن ومهارة)، والذي يتحدث عن كيفية وضع عقاب غير مؤذٍ لنفسية الطفل ولا يجعله يشعر أن ما تم تجاهه هو بسبب كره والديه له، ومحاولة منهما للتخلص منه، إذ تقول المستشارة إنه عليك إشراك طفلك في كل ما يخصه وجعله محور اهتمامك حتى في طريقة معاقبتك له، إذ إنه في حال كان هو من اختار طريقة العقاب التي يتعرض لها في حال قيامه بأي من الأخطاء التي تم تنبيهه للابتعاد عنها، فسيكون هذا السبب محفزاً قوياً لبناء شخصيته على الإقدام لخوض التجربة والشعور بالقوة في تقبل نتائج تجاربه مستقبلاً، ناهيك بأن هذا العقاب في وقته الحالي لن يكون مؤذياً له، وسيجعله شريكاً في إصلاح أخطائه، وزراعة الرقابة الذاتية لديه منذ الصغر، لأنه لم يشعر أنه عدواً لنفسه أو لمن يحبه، كما يحدث مع بعض الأطفال الذين يسعون لجلد الذات اعتقاداً منهم أنهم كريهون أينما حلوا وارتحلوا.
أما العنوان الثالث فيخص الجميع، وهو (عقلاء العاطفة)، وكيف أن لكل منا عقلا وعاطفة، وأي منها علينا اتباعه وكيف نفرق بين العاطفة والعقل، وكيف نجمع بينهما بالقدر المعتدل الذي لا يغلب جزءاً على جزء، ولا يجعلنا مضطربين عاطفياً أو عقلانيين حد التجمد في المشاعر.
ما أريد قوله إن هذه العناوين قد تكون ظاهرة للبعض أنها متفرقة وتتحدث عن مواضيع مختلفة، وقد تكون المستشارة غير مخططة للترابط بينها، ولكنني أعتقد لو أن والدي مثلاً كانا (عاقلي العاطفة) منذ لحظة قرارهما بالارتباط ببعضهما البعض، ومنذ أن بدأت معي شقاوة الأطفال كان والداي يعيان أن (العقاب فن ومهارة) فبالتأكيد أنه لن يأتي يوم وتوسوس لي نفسي قائلة: (والداي من منهما على صواب؟) لأن حبهما لي وحنانهما يجعلانني دائماً أعمى عن أخطائهما، وأعتقد أنهما أفضل أب وأم على مستوى العالم، وستجدني دائماً أستبدل عنوان الدورة ليصبح (والداي كل منهما على صواب).