يتعرض تاريخ الجسد لثورته الثالثة بعد انقلاب السنين الخمسين الماضية، حين انتهى عصر المشدات وكل ما يعوق الحركة، وبروز ثورة العري التي بدأت مع بريجيت باردو في الستينيات، لتصل البشرية في نهاية السبعينيات إلى زمن التوب موديل اللاتي كن من قبل مجرد عارضات، يعرضن من أجل بيع المجوهرات أو العطور.

الجسد المثالي

شكل موضوع الحصول على الجسد المثالي، ليس فقط بحسب مقاييس الجمال الدقيقة بل أيضا بحسب هواماته ورغباته. موضوعة عميقة وشائكة جدا، تطرحها وتقاربها منى فياض في كتابها «فخ الجسد»، تسأل المرأة وهي تبحث عن «الجسد المثالي»، هل المرأة محبوبة لأنها جميلة أم هي جميلة لأنها محبوبة؟ تركض المرأة كل الوقت، بسبب صعوبة الإجابة من أجل الحصول على الجسد المثالي. جسد منحوت، جسد مرسوم ومصور ومغنٍ ومحتفى به. ثم توضح فياض: أسطورة الجمال الأزلية لا تني عن التحول والتغير بالرغم من أزليتها تلك، فتتنقل من السمنة إلى النحافة، ومن الممتلئ والرخو إلى العضلي المشدود. لكنها تمتدح الليونة والطراوة ونحول الخصر في كل حين.

تغير المعايير

تتغير معايير وقوانين الجمال عبر المساحة والزمن. يشير الكتاب، إلى أن المرأة العربية الجميلة ذات بطن أحيانا أو (لحيمة)، وأحيانا هيفاء، وأحيانا أخرى سمينة. وقد يتم في حقبة تفضيل الثديين العظيمين، وأحيانا الجامدين وأحيانا المستديرين. لحم مكتنز زهري في أحيان (سمينة وملحمة)، أو ذات قامة ضامرة ممشوقة (غصن البان أو عود الخيزران). ويستشهد الكتاب بمحاولة صلاح الدين المنجد تتبع تغير معايير الجمال في الحضارة الإسلامية عبر القرون. حيث وجد أن التفضيل ذهب من النساء المدهنات لمصلحة النساء المتناسقات بشكل جيد (المجدولات) الرشيقات الممشوقات. وتحول الذوق عن البطون ذات الثنيات المتعددة التي كانت تتسبب ببهجة الرجال وتلذذهم في ما قبل الإسلام والتي فقدت تأثيرها لصالح البطون المشدودة والملساء في العصور: الأموية والعباسية والعثمانية.

وكان يمكن تشبيه المرأة ما قبل الإسلام بالبقرة والغزالة، بالقمر أو الشمس. سقطت هذه العودة إلى الطبيعة، وتم تفضيل المرأة لما هي عليه وعادت قوانين الجمال إلى أصولها الإنسانية، يستغرب الجاحظ متسائلا: أليست العين الإنسانية أجمل من عين غزال أو بقرة؟ ألا يوجد فرق جذري بينهما؟

مقومات الجمال

يضعنا الكتاب أمام حقيقة يكاد يجمع عليها الكل، وهي أنه نظرة سريعة من حولنا تكفي كي نجد أن مفهوم الجمال موضوع خاضع للتحول المستمر، وأنه يتغير بتغير المجتمعات والحقب. يستحيل علينا أن نجد جميلا ما تجده شعوب أخرى أنه غير جميل. ثم تثير الكاتبة تساؤلات عن «لا نفهم جيدا كيف أن تشويه أقدام النساء في الصين، أو مط الرقبة أو الشفة السفلى أو إحداث جروح وندوب في الوجه عند بعض الشعوب الإفريقية أو بعض القبائل الأخرى، يعد من مقومات الجمال. ولا نفهم أيضا كيف أن شد الجسد كان من مقومات الجمال حتى فترة قريبة، أو الوشم الذي كانت بعض الجدات ما زلن يستخدمنه حتى وقت قريب من أجل إضافة مسحة جمالية على وجوههن، أو أن زرع الأقراط في اللسان أو السرة أو الثديين يمكن أن يكون جميلا.

الجسد السياسي

بين الولادة والموت تتشكل الحياة عبر هذا الجسد الأخرس، هكذا تدخل الكاتبة لتفاصيل الكتاب لافتة إلى أن «الغائب عن مواضيع الكتابة، موضع الرغبة والشقاء، والكتابة رغبة، وكل كتابة نابعة من الجسد، وهذا الكتاب هو قراءة خاصة في أحوال الجسد وفي كل ما كتب عنه. ثم تتناول تاريخ الجسد ما بين الجسد المتغير، واللحم المحروق وعين الفنان، وسوسيولوجية صورة الجسد، وأثر العلاقات الاجتماعية، والجسد الأيروسي والخواف التاريخي، والجراحات التجميلية وقطع الغيار، والجسد المتألم، والجسد الصامت أو الجسد المعوق، والجسد الرياضي. وفي فصل الجسد السياسي تتعرض لصحة الرؤساء والديكور الإعلامي، مستشهدة بالرئيس كلينتون، والأميرة ديانا كمثال أنثوي.

منى فياض

- سياسية لبنانية وأكاديمية

- ولدت عام 1950

- دكتوراه في علم النفس من جامعة باريس

- تدرس علم النفس في الجامعة اللبنانية ببيروت

الجراحة التجميلية

نوعان من التدخل لتغيير صورة الجسد

- تدخل طبي لحل مشكلة تتعلق بالإعاقات أو اضطرابات وظيفية.

- تشمل أعضاء الحس:

عين، أذن، جلد، شعر ثدي، أنف، فم، عظام، أوعية دموية، القلب، الأعصاب، الأطراف.

تدخل يطال الجسد من أجل تعديلات أو محو آثار الزمن أو التخلص من عيب أو اتباع موضة