بدأت المقاهي والكافيهات في المملكة، تنحو منحى سبقتها إليه مقاهي بعض العواصم العربية، حيث لم تعد مكانًا لتجمع العامة بقصد تبادل الحديث وتناول المشروبات، وأحيانًا قطع الحلوى، بل صارت مقاصد يمكنها أن تلعب دورًا أكثر تاثيرًا في تشكيل الثقافة، حيث بدأ بعضها يخصص رفوفًا للكتب، وأماكن خاصة للقراءة داخل المقهى أو الكافيه، فيما تدور حوارات كثيرة في جنبات بعض المقاهي الأخرى تتناول الثقافة والأدب والقراءة، وباتت مطرحًا مقبولًا لتلاقح الأفكار والتقاء المهتمين.

ومع عدم الإقبال على القراءة وتفشي وسائل التكنولوجيا، تلعب المقاهي دورًا محفزًا، إذ أن الاهتمام بالقراءة يمكن أن ينتقل بالعدوى، ويثير الرغبة في المطالعة ويحفز عليها، كما أن الدخول في حوارات ثقافية ينعش الاهتمام بها.

تاريخيًا، لعبت المقاهي في بعض الدول العربية مثل مصر وسورية والعراق ولبنان أدوارًا اجتماعيًا وثقافية، فشهدت مقاهي دمشق مساحات للحكواتي الذي يروي السير الشعبية والملاحم، مثل سيرة بني هلال، وقصص أبي زيد الهلالي، والأميرة ذات الهمة، والظاهر بيبرس، أما في مصر، حيث تعود جذور المقاهي إلى القرن الـ16، فقد اكتسبت عدد من المقاهي شهرة واسعة، ومنها مقاهي «ريش»، و«الحرية»، و«الحرافيش»، و«زهرة البستان»، و«الزهراء»، و«المشايخ»، و«الفيشاوي»، و«متاتيا»، و«البورصة»، وغيرها.

شبه بين القهوة والكتاب

مع الإقرار بأن الكتاب والقراءة من أهم مصادر المعرفة في حياة الإنسان، جنحت بعض المقاهي والكافيهات التي تعد من الأماكن الجاذبة التي تستهوي الجميع، وتلتئم فيها الفئات العمرية المختلفة من الجنسين بنين وبنات يقضون فيها عدة ساعات حتى أصبح الجلوس فيها وارتشاف القهوة جزءًا من حياتهم اليومية، وعمد بعض ملاك تلك الكافيهات إلى توفير مكتبة، وتخصيص أماكن للقراءة داخلها، وساهموا في نشر ثقافة القراءة وتعزيزها في نفوس الرواد، وأجمع كثير من رواد المقاهي والكافيهات على مباركة تلك الخطوة، حيث يقول الشاب فيصل البسام: «هناك علاقة ممتعة بين القهوة والأدب والشعر العربي، فهي مفتاح النهار، كما وصفها الراحل محمود درويش يومًا».

وأشار قائلًا: «القهوة لا تُشرب على عَجلٍ»، وهي هنا تشبه الكتاب الذي لا يقرأ عَجلٍ، بل يحتاج إلى نفس طويل، من أجل استيعابه والاستمتاع به، وكُثر هم الذين يتطلعون إلى افتتاح صباحاتهم بتناول فنجان قهوتهم المفضلة، مع «وجبة معرفية دسمة»، تلك التي يجدونها بين أروقة عدد من مقاهي الكتب في وطننا الحبيب، والتي استطاعت أن تقدم مزيجًا خاصًا يجمع بين رائحة القهوة ورائحة الكتب، عبر ما توفره في أروقتها من كتب متنوعة تغطي مجالات واسعة».

وأضاف: «المملكة في رؤيتها الجديدة 2030 بقيادة ولي العهد تستهدف جودة الحياة، وكذلك تعزيز الثقافة ودعم الفنون، وجاء التوجه الجديد لمقاهي الكتب ليستجيب لهذا التوجه، ويزيد من جرعته».

وتابع: «أتطلع من وزارة الثقافة إلى إطلاق إستراتيجية وطنية للقراءة، يكون من بين أهدافها إنشاء ركن للقراءة في المقاهي بالمراكز التجارية الخاصة، وبالأماكن التجارية العامة، وكذلك المبادرة إلى خلق المبادرات وتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لتشجيع الأفراد وجذبهم إلى ممارسة القراءة بالمقاهي، التي تعد مركز تواجد الفئات المختلفة للمجتمع، مما يجعل الفرصة مؤكدة لتنمية عادة القراءة لديهم».

ولفت إلى أنه «من المعروف أن لهذه المبادرات دورًا بارزًا في تعزيز ثقافة القراءة، من خلال إسهامها في توفير جو عام يساعد ويحفز عليها»، موضحًا: «تأتي أهمية توافر الكتب في أماكن التجمعات لتحفيز الرغبة في القراءة، لأن وجود هذا الركن سيثير فضول مرتادي المقاهي، فيدخلون للإطلاع على هذا العالم الساحر، وبرأيي فإن «مكتبات المقاهي» تسهم في توفير فرص القراءة بجميع الأوقات، وتخلق ظاهرة ثقافية جديدة في المجتمع السعودي، وتجعل استغلال كل الأوقات في القراءة عادة يومية بشكل متنامٍ، مما يجعل انتشار أركان الكتب والمكتبات في المقاهي مكونًا رئيسًا في إنشائها، ويجعل من مقاهي المراكز التجارية أحد روافد الحراك الثقافي والفكري، وليست لقضاء أوقات الفراغ بعيدًا عن نمطية المكتبات العامة ومكتبات المؤسسات التعليمية والثقافية».

مؤكداً أن «مستقبل المقاهي الثقافية سيكون زاهرًا، وسنكون أمام أفكار إبداعية جديدة في مجال ربط الكتاب بتفاصيل الحياة والنزهة اليومية، التي تعادل في مضمونها المفاهيمي احتساء كوب قهوة أو شاي على ضفاف شاطئ، أو في مكان مبتكر ومصمم لكي يخاطب الغريزة المحبة للجمال في عقل ووجدان الإنسان».

إقبال رائع

تقول الكاتبة والمؤلفة منيرة الخميري إن الأندية الأدبية كيانات ثقافية تقوم على تعزيز الفعل الثقافي، وإثراء نمط حياة الفرد والتشجيع على الاستثمار في المعرفة والثقافة كأساس في التقدم والرقي الإنساني والاجتماعي، مشيرة إلى أن لديها نشاطات متنوعة، وأضافت: «سأتحدث عن تجربة قريبة كانت في اليوم الوطني 90 مع نادي القصيم الأدبي، حيث كان من ضمن خطة لجنة التنمية السياحية في عنيزة بقسمهِ النسائي إطلاق مبادرة بعنوان«نقرأ للوطن»، هدفها تعزيز ثقافة القراءة عن تفاصيل منجزنا الوطني والتحول الحضاري الكبير والنقلات التنموية الهائلة».

وأوضحت: «تواصلت مع رئيس نادي القصيم الأدبي، الدكتور حمد السويلم، الذي رحب وأبدى تعاونًا معنا في تنفيذ المبادرة، ودعم كل ما من شأنه تعزيز الفعل الثقافي في المحافظة، ودعمَ النادي المبادرة بالكتب الوطنية والأدبية، وأُقيمت بالكافيهات، وفي بهو الفنادق، ولاقت إقبالًا رائعًا من محبي الثقافة والقراءة، ومن فئة الشباب تحديدًا». وأضافت: «هناك توجه جميل من بعض الكافيهات يتمثل في وضع بعض الكتب بزاوية من الكافيه، وبعضها احتوت على مكتبات تحمل على أرففها أنواعًا متنوعة وعديدة من كتب الأدب والفلسفة والعلوم والطب والروايات والشعر، وهذا تنوع يغري عشاق القراءة»، وتابعت: «للقهوة حضور طاغٍ في عالم الفكر والأدب والفلسفة، ويبدو أن القهوة رفيقٌ ثالث يجمع بين الكتاب وقارئه كونها تزيد من شغف القراءة».

ملتقى يكسر العزوف

يقول الشاب عبدالعزيز الصخيبر، وهو من رواد الكافيهات: «في السنوات الأخيرة، ومع انتشار الكافيهات، وما تقدمه من نكهات مختلفة لأصناف متنوعة من القهوة، أصبحت ملتقى الأصدقاء، ومساحة لتبادل الأحاديت، وما قام به بعضها من وضع مكتبات داخلها أمر جيد، ويشار له بالنبان، فالقراءة عامل مهم في بناء الفكر، خصوصًا أن الكتب تشهد عزوفًا من شريحة كبيرة من الشباب بفعل انشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعي، وخطوتها هذه ستعيد للكتاب وهجه، وقد تسهم في حرص الرواد على اقتناء الكتب.. كل حسب توجهه وميوله».

مكتبة ضخمة

يقول الشاب يوسف النفيسة، مشرف فرع كافيه «متش» بالقصيم وأصحاب مبادرة إنشاء مكتبة ضخمة داخل الكافيه: «إن فكرة إنشاء مكتبة كانت تستهدف رجال الأعمال والطبقة الراقية»، وأشار إلى أنه كان هناك إقبال كبير على قراءة الكتب من الجنسين من رواد الكافيه، الذي يضم مكتبة تحتوي على أكثر من 3 آلاف كتاب من الكتب المختلفة والمتنوعة التي تستهدف القراء.

وعن إمكانية إعارة بعض الكتب للزبائن، قال: «لا يسمح بالإعارة خارج الكافيه، وإنما السماح فقط بقراءتها في الداخل، وهي تضم كتبًا قد يستفيد منها طلاب الجامعة في بعض التخصصات»، وأبدى النفيسة الاستعداد للتعاون مع أي مؤسسة ثقافية في حال كانت عندها الرغبة بتزويد مكتبة الكافيه بالكتب المتنوعة، قالًا: «نتمنى أن يكون هناك إقبال أكثر على المكتبة».

مقاه أدبية

السعـودية

الأبراج تتوافد إليه مجموعة من الأدباء والإعلاميين والرياضيين والفنانين التشكيليين والشعراء الشعبيين.

الحزام يرتاده كتاب شباب في جلسة أسبوعية.

المها يرتاده فنانون تشكيليون.

مصر

الفيشاوي من أقدم المقاهي الشعبية في القاهرة، أنشئ سنة 1797، ويعد معقلًا للأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين، وكتب نجيب محفوط معظم رواياته فيه، وكتب فيه أيضًا إحسان عبدالقدوس، ويوسف إدريس.

الحرافيش ضم ركنًا للكاتب الساخر محمود السعدني، وآخر للشاعر بيرم التونسي، ومكتبة تضم ركنًا لصور كبار الفنانين، بريشة فنان الكاريكاتير السوري حسن أدلبي.

متاتيا ارتادته شخصيات لها أسماء رنانة في التاريخ، بينهم جمال الدين الأفغاني، وأحمد عرابي، وسعد زغلول، وعبدالله النديم، ومحمد عبده، ويعقوب صنوع، ومحمود سامي البارودي.

ريش من أهم مقاهي المثقفين والأدباء في مصر، أنشئ عام 1908، وكانت تعقد فيه جلسات لنجيب محفوظ وندوة أسبوعية له منذ 1962 حتى 1977، وشهد ندوات للعقاد، وتوفيق الحكيم، كان بمثابة الأم للعديد من المشروعات الأدبية والفكرية، مثل فكرة مجلة «الكاتب المصري»، ومجلة «الثقافة الجديدة»، ارتاده الشاعر أمل دنقل، وأحمد فؤاد نجم، وارتاده جمال عبدالناصر، وصدام حسين، وعبدالفتاح إسماعيل.. وأنشئت فيه أول نقابة للموسيقيين في مصر.

العراق

الزهاوي سمي باسم الزهاوي الشاعر جميل صدقي، تحول إلى منتدى للأدباء والمفكرين، وفيه دبج الزهاوي ردوده الشهيرة على أعمال وآراء عباس محمود العقاد.

سورية

اللونا بارك سمي لاحقا بـ«الرشيد»، كان مسرحًا صيفيًّا يقدم أيضًا الأفلام السينمائية، وتحول مسرحه إلى منبر للحفلات الخطابية السياسية والانتخابية.

الفاروق.

الزهور.

الأزبكية.

الهافانا.


المغرب

المقهى الأدبي استضاف وجوهًا ثقافية مهمة مثل الشاعر محمد الأشعري، والفنانة ثريا جبران، والروائي بنسالم حميش.

طلة.

القصر الذهبي.

لاكوميدي.

الياقوت.


السودان

المحطة الوسطى يعد كجامعة شعبية مفتوحة، ارتاده الأديب مبارك إبراهيم.

شناكة من أبرز رواده الفنانان إبراهيم الكاشف، وحسن عطية، والصحفي رحمي محمد سليمان.

ليبيا

الأرورا ارتاده كتاب كبار مثل الراحل محمد أحمد الزوي، وأحمد الحريري، والفنان بشير كاجيجي، ومحمود الهتكي.

العرودي من أشهر رواده الشاعر أحمد رفيق المهدوي الملقب بشاعر الوطن، وكان له كرسي ثابت في المقهى.

المنتدى الإذاعي ملتقى الشعراء والأدباء والفنانين، والإعلاميين.

الغزالة يلتقي فيه أدباء ونقاد، ومنهم الشاعر والكاتب الحبيب الأمين، والكاتب الصحفي زياد العيساوي، والكاتب محمد سحيم، والكاتب الصحفي عاطف الأطرش.

الجزائر

الرمانةارتاده مثقفون ومناضلون، منهم الكاتب محمد ديب.

جمعية الجاحظية الثقافي رعاه الروائي الجزائري الراحل الطاهر وطار.

تونس

العياري كان يجلس فيه أمير شعراء تونس محمد الشاذلي خزندار.

القشاشين.

الهناء.


لبنان

الويمبي.

المودكا.

الكافيه دي باريس.


الأردن

عمون جمع كتابًا وأدباء مثل يحيى القيسي، وهاشم غرايبة، ومفلح العدوان، والشاعر محمد عبيدالله، والناقد السينمائي ناجح حسن.

الشريف الدولي يستقطب أكثر من أديب، بينهم الشاعر والكاتب خيري منصور.

الفينيق أسسته الإعلامية سعاد الدباح، ويقدم أمسيات أسبوعية في مختلف أشكال الإبداع.