العنوان هذا هو تعليق أحد المشاهدين على ظهور أحد مشاهير «السناب» على قناة روتانا خليجية، إذ كان الأغلب يعرفون «أبو الفدا» بفكاهيته وضحكاته وأسلوبه الساخر، حتى إنه عن طريق الخطأ عمل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب «منشن» لحسابه في تويتر، معتقدًا أنه حساب هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وأخذ هذا الموضوع ببساطته ولطافته المعتادة.

أما في هذا الظهور التليفزيوني فقد أظهر أبو الفدا جزءًا من حياته الواقعية، وأخبر المشاهدين أنه كان يعول أسرته المكونة من 4 فتيات وأمه، ببيعه للبرتقال، ودرس الهندسة في شركة وعدته بالتوظيف فتم فصله بعد الانتهاء من دراسته، ليعود مجددًا إلى نفس «الدوار» ونفس «البرتقال»، وكيف أنه بدأ عالم الـ«سناب شات» بالصدفة، وكيف.. وكيف.. وكيف انتهى به «نقص المال» إلى رفضه من قبل أسرة الفتاة التي أرسل والدته لتخطبها له، وأنه منذ 7 أو 8 سنوات لم ينس هذا الجرح ولا هذه الفتاة، رغم أنها تزوجت «والله يستر عليها».

هذه المقطوعة من حياة أحد مشاهير التواصل الاجتماعي، تذكرني بأحد المقاطع التي انتشرت مؤخرًا للمؤثر «أحمد الشقيري»، والذي تم اختياره كأحد أهم المؤثرين على مستوى العالم العربي، إذ يقول إننا نرى ساعة أو ساعتين من يوم هذا المشهور على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن هل نعلم عما يعيشه خلال الـ22 ساعة المتبقية.

نحن نرى زوجين يعيشان وكأنهما في الجنة، من «الذوق» والأدب والمشاعر الجياشة المتبادلة بينهما والورود، «اللي مقعطه نفسها بينهم»، و.... و.... إلخ، وبعدها بأسبوعين نقرأ أخبار انفصالهما.

للأسف فهذا ما يعرف بالتغذية العكسية لثقافتنا وطريقة عيشنا للحياة بشكل عام، فبمجرد أن نشاهد طبيبة مثلًا، تخرجت ووضعت على حسابها صورة لـ«البالطو» الأبيض وسماعات الطبيب، تجد أغلب الفتيات يتمنين أنهن من نشر هذه الصورة على حساباتهن، إعتقادًا منهن أن هذا البالطو أو حتى هذه السماعة، «رأس المال» في الطب، فلو كان الموضوع كذلك لاشتراها الجميع بما لا يزيد على 300 ريال، أو أقل وأصبحوا جميعًا أطباء..

لكن ماهي الأيام التي مرت بهذه الطبيبة حتى وصلت لهذا اليوم؟ كم ساعة بكت بحرقة؟ وكم دقيقة شعرت بأن أنفاسها لم تعد تجدي من كثرة التوتر الذي ينتظرها قبل إعلان هذه النتيجة أو تلك، وكم من خطوة وكلمة وورقة وكتاب ومجلد تم طيَّها، ونوم بلا أكل أو أكل بلا طعم، أو جوف خال بلا شعور بالجوع، أو جوع بلا قدرة على الأكل، فقط هذا ما لم يخرج على سناب أو تويتر هذه الطبيبة قبل أن تظهر هذه الصورة.

خلاصة القول إننا نبرمج عصبيًا على أن نرى الناس يعيشون حياة وردية عكسنا، وأننا الوحيدون الذين نعاني في حياتنا، وأن زوجاتنا هن القبيحات وأزواجنا هم «عديمو المشاعر»، ولكن لو عدنا لصفاء أذهاننا لعرفنا أن ضحكات أبو الفدا، لم تكن متصلة طوال الـ24 ساعة، وأن حياتنا كما هي حياة أبو الفدا تستحق بعض الجوانب بها أن نقول لها: «فدى يبو الفدا».