في مقال الأسبوع الماضي كتبت عن احتياج المناطق الطرفية وتغطية احتياجها بالمستشفيات المركزية، ولا يمكن أن تُذكر المستشفيات المركزية دون المرور بالمستشفيات الجامعية، حيث الإمكانيات الضخمة والكوادر الأكاديمية المتميزة والأسرة الوافرة، وعندها سألت نفسي كم مستشفى جامعيا لدينا؟ فوجدت أن لدينا قرابة 6 مستشفيات جامعية، حيث التدريب الأفضل والأبحاث الأكثر والكوادر الأكاديمية المتخصصة.

درست وتدربت في المستشفى الجامعي لكلية الطب بجامعة المؤسس بجدة، ومن حسن حظ دفعتنا في ذلك الوقت أننا كنّا أول دفعة تتدرب في المستشفى الجامعي الجديد، أحسسنا وكأننا انتقلنا من شقة إلى قصر، كنّا نتوه في الممرات المتشعبة حتى أتقنا المعرفة، ما زلت أستعيد متعة الانتقال وتفاصيل الدهشة. ومنذ ذلك الوقت لم تُنشأ الكثير من المستشفيات الجامعية بالرغم من تزايد كليات الطب حتى بلغت قرابة 27 كلية طب حكومية، ولم تتجاوز المستشفيات الجامعية الستة. هناك تفاوت كبير بين العددين، كل طالب طب يحتاج أن يتدرب في مستشفى مخصص للتدريب، حتى المريض عند دخوله للمستشفى الجامعي يقر بمعرفته بأنه مستشفى جامعي وتعليمي، وأنه من الممكن أن يدرس حالته طلبة كلية الطب، كلنا تعلمنا هكذا، لذلك لا يتذمر المريض، لأنه في نهاية الأمر من يعالجه هو الاستشاري الأكاديمي، طالب الطب يأخذ الحالة ويدرسها ويفحص المريض سريرياً ولا دور له في العلاج. في المستشفى الجامعي يشعر طالب الطب أن البيت بيته وأن الكل يعرف احتياجاته ويساعده للحصول عليها، لأنه في آخر المطاف هو مستشفى تعليمي وكل ما فيه مسخرٌ لتخريج أطباء وكوادر طبية متميزة.

لماذا تعثرت مشاريع عدد من المستشفيات الجامعية لدينا؟ هل المشكلة في توفير الكوادر الأكاديمية؟ لا أعتقد، فهناك العديد من الأطباء والأكاديميين السعوديين وبتخصصات رائدة في كثير من المستشفيات وبمجرد الإعلان عن الاحتياج لأطباء أكاديميين سيتقدم الكثيرون، حقيقة لا أعرف لماذا تعثر افتتاح أو استكمال بعض المستشفيات الجامعية هل هو نقصٌ في العدة أم العتاد، المستشفيات الجامعية ستضمن جودة التدريب لخريجي كلية الطب والتمريض والعلوم الطبية وستقلل من الضغط على المستشفيات المركزية في المنطقة.

بالرغم من وجود تعاون بين وزارة التعليم ووزارة الصحة، بحيث يتم تدريب خريجي كليات الطب والتمريض التي ليس لها مستشفيات جامعية في مستشفيات وزارة الصحة المجاورة، إلا أن هذه المستشفيات مكتظة بما فيه الكفاية والأمر ليس ذلك فقط بل أحياناً كثيرة يتذمر المرضى من الطلبة، لأن المرضى يدركون أنهم ليسوا في مستشفى تعليمي، ولم يوقعوا إقراراً بأنه مستشفى تعليمي، كما هو الحال في المستشفيات الجامعية التعليمية مما يقلل من فرص التدريب.

تزايد عدد كليات الطب مع قلة المستشفيات الجامعية مؤشر جيد وغير جيد في الوقت ذاته. جيد لأنه يبشر بازدياد عدد الكوادر الطبية السعودية، وغير جيد لأننا لا نعرف ماذا سيحل بمستقبلهم المهني! فأين سيتدرب خريجو هذه الكليات!

وماذا عن جودة تدريبهم وإعدادهم؟ وهل ستتوفر لهم مقاعد كافية في برامج الزمالات الطبية المختلفة؟

نحتاج قراءة جادة للوضع وتدارك الأمر قبل تفاقمه.