خلص عدد من الباحثين والمهتمين بتاريخ التعليم في المملكة، إلى أن التعليم عن بعد الذي نفذته وزارة التعليم ضمن الإجراءات الاحترازية من انتشار فيروس كورونا هذا العام، نجح في تسجيل أحد أهم المسارات والمحطات في خارطة التعليم في المملكة.

وقادت تجربة التعليم عن بعد المهتمين بالتعليم إلى استحضار المحطات التاريخية التي مر بها التعليم في المملكة، مع كل حديث عن الحركة التعليمية في المملكة تبرز حكاية بوادر التعليم في المملكة، والقلق المجتمعي الذي صاحب المدارس النظامية لارتباط تعليم البنين ذهنيًا بصورة التجنيد الإجباري التي خلفها «العهد العثماني».

ومنذ بداية انطلاق التعليم النظامي في العهد السعودي، واجه القائمون على التعليم ممانعة مجتمعية، لكن القيادة الحكيمة واجهت تلك الصورة الظلامية للعلم، حيث أعلن الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمة الله- حزمة قرارات قادت إلى التغيير المجتمعي، ومن بينها البدء بتعليم أبنائه وأسرته، وأسس مدارس أطلق عليها مسمى «معهد الأنجال» ليكون قدوة للشعب ومحفزًا على التعليم الحكومي.

وتورد مصادر تاريخية أن مدير عام المعاهد العلمية السابق، الشيخ عبدالعزيز المسند -رحمه الله- ذكًّر بموقف المجتمع الممانع من تأسيس أول مدرسة نظامية، وهي مدرسة «دار التوحيد» في مدينة الطائف، وأشار إلى حضور عدد من أعيان الحجاز إلى الملك المؤسس يطلبون منه العدول عن قراره، معتبرين قيام المدرسة الحكومية نكبة حلَّت بهم، وذلك لمعاصرتهم للمدارس العسكرية التي كانت تأخذ الطلاب إلى المجهول بعد التحاقهم بالدراسة النظامية.

التعليم الملكي

كانت بداية تعليم الإناث في المملكة صعبة ومعقدة، وقد تأخرت عن تعليم البنين الحكومي بنحو 6 عقود، بسبب الرفض المجتمعي لتعليم البنات، واعتبار المجتمع أن خروج الفتاة إلى التعليم يفتح باب المجهول الذي لا تحمد عواقبه، وصل بهم إلى حد مقاطعة من يسمح لبناته بالتعلم، ومقاطعة المناصرين لهم، حتى جاء الملك سعود -رحمه الله– والذي يمكن وصفه بأنه رائد الحركة التعليمية في المملكة، وأحدث نقطة التحول اللافتة في تاريخ التعليم في المملكة، بافتتاح «معهد الكريمات بالرياض» لبناته وكريماته داخل أسوار قصره، وتحت أنظاره، لتكون حافزًا ومشجعًا للأهالي.

القصور للتعلم

لم تنته قصة التعليم في القصور الملكية بمعهد «الكريمات» بقصر المربع بالرياض، بل شكلت البداية، يذكر الرحالة والمؤرخ السعودي محمد ناصر العبودي، الأمين السابق للجامعة الإسلامية في سرده لتاريخ تأسيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أنه عندما اعتذرت وزارة المالية عام 1380 عن عدم وجود ميزانية تكفي للصرف على إنشاء الجامعة، أمر الملك سعود أن تُنشأ الجامعة في القصور الملكية السبعة، التي تقع على ضفاف وادي العقيق المبارك، والذي كان يعد موقعًا حيويًا يطل على الوادي المبارك الذي يجري بمياه الأمطار 10 أشهر من كل عام.

قصور جدة للمعارف

ما إن تنتهي حكاية تمثل مادة لمؤرخي التعليم العربي، إلا وتبدأ أخرى، فعند قيام وزارة المعارف بالمملكة، وما صاحب ذلك من صرف ميزانية الوزارة الناشئة على المباني المدرسية، علم الملك سعود بما واجهته الوزارة بمحافظة جدة من ضيق في تنفيذ خطتها السنوية، وتوقفها عن فتح المدارس، ولذا أمر أيضا بإخلاء سبعة قصور ملكية أخرى بمحافظة جدة لصالح المعارف، وأمر أن يُبنى بدلا منها قصر خزام ليحل محلها في استقبال الوفود وإبرام الاتفاقات الدولية.

الذهب للطلاب

ينقل المؤرخ الكويتي عبدالعزيز العويد في معرض سرده لرواد التعليم في العالم العربي، أن وزارة المالية السعودية اعتذرت عام 1373هـ عن صرف مكافآت الطلاب في المعاهد العلمية بريالات الفضة لقلة هذه العملة في ذلك الوقت، ولم يقبل الملك سعود انقطاع مكافآت الطلاب، وأمر بصرفها من الذهب الخالص تقديرًا للعلم وأهله.

ويقول العويد أثناء توثيقه لما سماهم سدنة العلم ورواد التعليم في قصة أخرى تؤرخ تاريخ التعليم في المملكة: «اعتذر المؤرخ حمد الجاسر عندما كان مسؤول التعليم في منطقة القصيم عن فتح مدارس لعدم وجود كادر كاف من المعلمين والعاملين فيها لأبناء القرى، فرد عليه الملك سعود افتح في كل قرية مدرسة، واسند لإمام المسجد إدارتها وللمؤذن الخدمة فيها».

المشهد الإعلامي

بحسب عدد من المؤرخين الذين رصدوا مسيرة تعليم البنات في المملكة، فإن الإذاعة والتلفزيون ساهما في ستينيات القرن الهجري الماضي في تخوّف مجتمع نجد المحافظ من التعليم الإنثوي، وذلك بشكل غير مقصود، عبر الدفع المتوالي بمشاعر الخطر المستمرة من خروج المرأة للتعليم، حيث أبدى المجتمع السعودي تحفظات جدية حيال تعليم الفتاة، لما رأى حال الفتاة في بعض الدول العربية، وما اعتراها من تبرج وتنكر لتعاليم الدين، والتمرد على الأعراف والتقاليد المجتمعية بعد تعلمها على حد زعمه.

غريب التعليم

نشأ عدد من المدارس التي شكلت بصمة في تاريخ التعليم السعودي، في ظروف استثنائية دفعت قادة المملكة لتطويع المستحيل من أجل قيام النهضة التعليمية في المملكة.

01 عندما قرر الملك عبدالعزيز إنشاء مدرسة «دار التوحيد»، وهي أول مدرسة نظامية في مدينة الطائف توجه إليه شيوخ القبائل يستجدونه ألا يفعل، وأن يتراجع عن قراره بفتح المدرسة لقرب عهدهم بالمدارس العسكرية التي تحرمهم من أبنائهم بعد دخولهم إليها.

02 فتح الملك سعود مدارس لتعليم البنات، وخصص لها مبنى داخل أسوار قصره وتحت نظره، وأسند لمفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- أمر الإشراف عليها، لتتحول الممانعة إلى قبول مجتمعي لتعليم البنات.

03 «مدرسة المسعى» أو «الرحمانية» اكتسبت شهرة تاريخية لوجود مبناها وسط الساعين بين الصفا والمروة، حيث يقع مبناها في المسعى، وتضم فصولا دراسية يدرس بها نحو 50 طالبًا في الحرم بمكة في بدايات التعليم الحكومي، وزارها الملك عبدالعزيز بموقعها في المسعى عام 1354هـ، وأطلق عليها اسم والده الإمام عبدالرحمن، وأصبحت من ذلك الوقت تسمى «المدرسة الرحمانية».

04 مدرسة «تحضير البعثات» بمكة المكرمة، أسست عام 1356، وأخذت تخرج وتبعث بالطلاب للدراسة بالخارج، وتوقفت عن إيفاد المبتعثين بسبب الحرب العالمية الثانية.

05 «المدرسة الأميرية» أول مبنى مدرسي حكومي في الأحساء في العهد السعودي 1356، بعد عقود من التعليم في هذه المدرسة تم تحويلها إلى متحف «بيت الثقافة» في عام 1434 لتكون أحد شواهد عقود من التعليم، وقد درس فيها عدد من الأمراء والوزراء، من بينهم الأمير خالد الفيصل، والوزيران غازي القصيبي، وعلي النعيمي.

06 «مدرسة الصحراء» في قرية المسيجيد التابعة لمنطقة المدينة المنورة، بدأت عملها من غرفة في مقهى شعبي يقدم المشروبات الساخنة لمرتاديه.

07 «ثانوية طيبة»، بالمدينة المنورة عام 1362/‏ 1942، في المدينة المنورة، تخرج منها 11 وزيرًا سعوديًا، وتضم بين جنباتها متحفًا يؤرخ التعليم السعودي.

08 المدرسة الوزيرية، أسسها عبدالله السليمان، أول وزير سعودي بمحافظة الخرج في الخمسينيات وبداية الستينيات الهجرية، ثم أسس مدرسة أخرى بنفس الاسم بحي الكندرة بمحافظة جدة.

09 مدرسة دار الحنان، أسستها الأميرة عفت الثنيان، حرم الملك فيصل عام 1375هـ، وكانت في بداية أمرها دارًا لرعاية الفتيات اليتيمات ثم مدرسة نظامية للبنات، واستمر العطاء العلمي وصولا إلى جامعة «عفت» للبنات.

10مدرسة دار التوحيد، رفضت مجتمعيًا، واعتبرت نكبة لمن حولها، واستمرت حتى تحولت لجامعة شرعية بمكة المكرمة.

11جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، بنيت في بدايتها كجامعة أهلية بأحد القصور التابعة لوزير المالية عبدالله السليمان، وانتهت بجامعة باسم المؤسس.

محطات تعليم البنات المملكة

1 المساجد

2 الكتاتيب

3 التعليم بالمنازل

4 المدارس النظامية

5 التعليم عن بعد

تواريخ هامة

1344 إنشاء مديرية للمعارف

1345إنشاء المعاهد العلمية لإعداد المعلمين

1354 إنشاء مدارس الأمراء

1373وزارة المعارف

1380 رئاسة تعليم البنات

1381 كليات إعداد المعلمين

خارطة التعليم

- 1343كتاتيب.

- 1351 مدرسة نظامية.

- 1390 مدرسة تعليم البنات.

- 1411 التعليم بالمختبرات.

- 1420 التعليم الرقمي بالحاسب.

- 1440 التعليم بالطباعة ثلاثية الأبعاد والبرمجة.

- 1441 التعليم الرقمي عن بعد.