(1)

يقال في أدبيات التغيير: (من لم يتجدد؛ يتبدد. ومن لم يتقدم؛ يتقادم. ومن لم يتطور؛ يتدهور) ينطبق هذا الأمر على الأشخاص وعلى المنظمات وحتى على الدول، والتاريخ خير شاهد.

(2)

في مجلسٍ يقع على ضفاف وادي حنيفة الشهير، وفي مزارع ضاربة في عمق التاريخ، وفي أجواء عابقة بشعر العرب وآثارهم ومآثرهم، بدءا من الأعشى بن قيس ومرورا بالأخيضريين والدول السعودية الثلاث. تقف ديوانية آل حسين التاريخية كشاهد حي على هذا الماضي التليد والعريق والمجيد.

(3)

هذه الديوانية، والتي مزجت معالم التاريخ العميق، مع تطورات الحاضر الجميل، بمستقبل المملكة المشرق، تأتي لتقدم للصوالين والأندية الثقافية والمجالس العائلية أن التماشي والتفاعل مع أجواء التغيير يجب أن يقوم على أسس ديناميكية ومرنة وسريعة، وإلا فالاضمحلال والنسيان هما النتيجة القادمة لا محالة.

(4)

ديوانية آل حسين التاريخية، مجلس ثقافي أدبي مهتم بالعلم والثقافة والمسؤولية المجتمعية وما يلحقها من أعمال تطوعية وإنسانية وخيرية. وقد كان لي الشرف بأن كنت أحد المتطوعين بالعمل فيه أيام دراستي الأكاديمية. واليوم «وبحكم عملي» أقف بعيدا نوعا ما، لأشاهد الديوانية بعين المتابع والمراقب. فأعجب من قدرتها ومرونتها على التعامل مع التغيرات التي لحقت بالقطاع الثالث في المملكة، ولذلك لا أستغرب منهم التقدم دائما بخطوة أو خطوتين للأمام. فمؤخرا، أسسوا مركز قنطرة الثقافي ليكون الذراع البحثية المساعدة للباحثين والمهتمين بتاريخ منطقة منفوحة والعارض ككل. وكذلك أسسوا فرق كشافة للشباب والفتيات تعمل تحت مظلة جمعية الكشافة السعودية العربية. أخيرا، وليس آخرا أوجدوا لهم موقع قدم في منصة العمل التطوعي الذي تقوده وزارة الموارد البشرية حيث قدموا فيه عددا من الأعمال المجتمعية والبيئية الرائعة.

(5)

الدين والوطن والإيجابية؛ هي الإطارات التي وضعت هذه الديوانية أقدامها بداخلها، ولذلك لا تحدها حدود في مسائل الشراكات مع الجهات، سواء كانت حكومية أو قطاعا خاصا أو غير ربحي. ومؤخرا، وبحسب ما علمت، فإنها قدمت نفسها للتلفزيون السعودي كلوكيشن تصويريا ليسجل بين نخيلها ومواقعها الأثرية والطينية قصص الكفاح الذي قاده رجال الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، من أجل أن تكون هذه القصص مرجعا لبطولة الرجال الأفذاذ الذين أقاموا هذه الرياض والواحات وسط الصحاري القاحلة.

(6)

وأنت تتجول بين ممرات الطين في ديوانية آل حسين التاريخية، يأخذك التاريخ ليتجول بك في الأرجاء. فهناك فوق ذلك التل، وقف تركي بن عبدالله على جواده ممتشقا سيفه الأجرب، مقاتلا شرسا أمام حاميات الترك وقلاعهم. وعندما تتحرك قليلا لتدخل مساجد الطين التي أعمارها تقارب المئة والخمسين عاما، تستقبلك صورة محمد بن عبدالوهاب وهو يتدارس تعاليم وممارسات الشريعة السمحاء مع طلابه وتلاميذه. وأسفل تلك النخلة، خلف ذلك الوادي المتسع، جلس ابن غنام وابن بشر ليدونا تاريخ هذه الأراضي ويكتبانه ويوثقانه.

(7)

همسة في أذن المجالس والصوالين والنوادي الأدبية، أيها السادة، رجاء انزلوا للناس، وافهموا طريقة الحياة، ونوعوا منتجاتكم، وتلمسوا التغيرات المحيطة بكم. وتذكروا: أن «من لم يتجدد؛ يتبدد. ومن لم يتقدم؛ يتقادم. ومن لم يتطور؛ يتدهور».