عاصمتنا الحبيبة أصبحت اليوم مترامية الأطراف، وقد تعدت أطوالها المائة كيلومتر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وبعد أن كانت تحتضن الآلاف من السكان، أصبحت تحتضن الملايين، وكانت المركبات فيها تعد على أصابع اليد، واليوم نعجز عن إحصائها لكثرتها وتنوعها وقد تصل إلى الملايين.

كنت لا أرى في شوارع عاصمتنا الحبيبة ما يلفت النظر مما يلوث البصر، ولم أر فيها رجل نظافة سوى واحدا من الجنسية العمانية أيام السبعينات، يسوق حمارا، وعليه ما يسمى بالوقر ليجمع عليه ما يجد أثناء دورانه في الشوارع الرئيسة (شارع السويلم- شارع الثميري- شارع دخنة ومما هو حول الجامع)، وهذا قليل وقد يأتي المغرب، وهو يدور دون أن يملأ الوقر أو حتى نصفه، ولكن قبل الغروب يذهب بما معه إلى مقبرة شلقا المجاورة لشارع الوزير من الغرب ليكب ما جمعه في جانب منها.

اليوم بعد أن اتسعت وتباعدت أطرافها وتضخم بنيانها وكثر سكانها، وأصبح فيها من هو مسؤول عن النظافة متمثلا بأمانة مدينة الرياض فسنت أنظمة وجب على السكان الالتزام بها كمساهمة في الحفاظ على نظافتها ومناظر شوارعها وبيوتنا، وتلمسا للجمال البصري ومراعاة للذوق العام، غير أنه من المؤسف والمؤلم أن ترى اليوم الوضع فيها سيئا في كثير من شوارعنا وقرب منازلنا، وذلك لانتشار ما يلوث ليس البصر بل الهواء والروح والجسد، وعلاوة على هذا وذاك فتلك الحال تعتبر داخلة ضمن إفساد الذوق العام. ذلك أنك تجد حاويات المخلفات المنزلية في كل شارع ومدخل وممر، منها الكبير ومنها الصغير بل بجوار منازلنا كل هذا من أجل النظافة العامة. وجهود أمانة مدينة الرياض بقيادة أمينها الأمير فيصل العياف تعلو على كل الجهود حرصا على نظافة المكان وصحة الإنسان، ولكن العيب فينا نحن السكان، وكان من الواجب على صاحب كل منزل أن يضع مخلفات منزله داخل أقرب حاوية إليه أو التي تليها، حفاظا على الصحة العامة، ومن ثم على صحة الساكن، ولكن البعض يضع مخلفات منزله جوار بابه من الخارج أو جوار الحاوية وهي خالية تماما.

رأيت هذا مرارا وتكرارا فهل هذه هي النظافة المطلوبة؟، علما أن لا أحد يجهل أضرار تراكم المخلفات المنزلية، وهذا مما يشوه منظر الشارع أمام المارة. وهنا أتوقع أن هذا الفعل يحدث في الكثير من مدننا لأن طبائع الساكنين من المواطنين والوافدين متقاربة، لذا أرى أنه لابد من التأكيد على أصحاب المنازل بوضع أكياس مخلفاتهم داخل أقرب حاوية، إلا إن كانت الحاوية مملوءة، فتبقى بمنازلهم لريثما يحين وصول الناقلة (وقد حددت ساعتان لمرورها) حتى لا تبقى طويلا بالشارع فتتصاعد الروائح منها بسبب حرارة الشمس مما سيؤذي المارة.

إضافة إلى توزيع مطويات على المنازل تتحدث عن هذا وما يماثله كل فترة. هذا من جانب، ومن آخر هناك من التشويه البصري ما الله به عليم، وأشهرها وضع تلك الملصقات على إشارات المرور وعلى أعمدة الكهرباء، وعلى رأسها ملصقات أصحاب السطحات التي ملأت كل مكان حتى أنني وجدتها على أرض مرصوفة بالإسفلت، جازما لو أن إنسانا وقف جوار جدار دون حراك لوجد وفي خلال دقائق أنه يحمل عشرات الملصقات على ظهره، ويبدو أن أصحاب السطحات يتسابقون، أيهم يلصق أكثر، علما أن أسعارهم نار، ويماثلهم مقاولو الملحقات والترميم، وهؤلاء شوهوا أسوار الكثير من المنازل، ومثلهم مشترو الأثاث المستعمل والمصاعد.

وحتى نقضي على هذه الظاهرة السيئة ذات التشويهات المتعددة، تفرض غرامة على كل ملصق لصالح الجهة المتضررة، وهواتفهم مسجلة على ملصقاتهم والسلام.