كثيرا ما يطرق باب عيادتي نساء يبثثن شكواهن وآلامهن وجراحهن من الأزواج والأبناء والأقارب والصديقات، رغبة في التفريغ وبحثا عن العلاج.

وفي كل جلسة تتكرر الشكوى ولكن بطرق مختلفة، فهي آلام عميقة تراكمت عبر السنين، ولكن ما زلن يتألمن منها أشد الألم وكأنها بالأمس حدثت، لم تداويهن الأيام، ولا المحاولة في النسيان، فما العلاج إذن؟ هل هي جرعة عقاقير تُنسيهن تلك الآلام والجراح، أم شكوى ومعاناة حتى نهاية العمر، فهل من دواء؟ يسألنني هل من دواء؟

نعم يا سيدتي ومن أنجح الأدوية على الإطلاق، فهل جربتي التسامح؟ فتأتيني إجابات مختلفة، منهن من تقول حاولت ولم أستطع، وأخرى تقول كيف وهم من فعلوا بي كذا وكذا، وثالثة تقول في كل مرة أسامح فيها تأتيني الأفكار فتثير آلامي.

الجميع يعلم أن انفعال الغضب والكره والحقد و الرغبة في الثأر وجميع الانفعالات السلبية، تولد الأمراض النفسية والجسدية فما الفائدة إذن؟

لكن التسامح ليست كلمة نتفوه بها فقط لنُخبر بها أنفسنا بأننا سامحنا، بل هي رغبة صادقة وإحساس وسلوك وكيفية.

هي مهارة لا يُجيدها إلا من يرغبُها ويسعى لتعلمها ويتعرف على منافعها النفسية والدنيوية والآخروية، إنها تُطهر النفس من الشوائب وتُريح البال وتبعث بالسكينة والهدوء والصفاء النفسي، وتجدد العلاقات وتبث فيها روح الأمل وتجعلها تستمر.

فالتسامح الحقيقي يؤدي إلى النسيان، فهل لنا أن نتعلم كيف نسامح؟ قال تعالى «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين».

ودعا رسول الله صلى الله علية وسلم إلى هذا الخُلق فقال (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا و لاتقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) رواه البخاري