جميعنا على علم بأن الأقمار الصناعية لها عمر افتراضي مثل بقية الأشياء، ولكن هل تساءلت ما الذي يحدث لهذه الأقمار الصناعية بعد انتهاء عمرها الافتراضي؟ هل تبقى في نفس المدار أم يتم تدميرها أم تسقط بنفسها؟.

لم تكن فكرة التخلص من الأقمار الصناعية في السابق ذات أهمية، وذلك لوجود عدد محدود من الأقمار الصناعية تدور حول الأرض، ولكن مع وجود آلاف الأقمار الصناعية في فضائنا في عصرنا الحالي، أصبح من الضروري العمل على التخلص من الأقمار الصناعية التي قارب عمرها الافتراضي على الانتهاء، وذلك لتجنب حدوث اصطدامات، مما يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل الكبيرة والتي تسمى بتأثير كيسلر.

عند انتهاء العمر الافتراضي للأقمار الصناعية الموجودة في المدارات البعيدة، يتم إرسالها إلى مدار أبعد يسمى بمدار المقبرة أو مدار النفايات حيث يبعد هذا المدار مئات الكيلومترات عن أبعد قمر صناعي من الأرض، والسبب في إرسالها إلى مدار المقبرة، لأنه يحتاج إلى وقود أقل لإطلاقها إلى هذا المدار، مقارنة بمحاولة إبطائها وإسقاطها في الغلاف الجوي، وفي حالة الأقمار الصناعية الموجودة في المدارات القريبة من الأرض، يتم استخدام الوقود المتبقي للتحكم بها وإبطاء سرعتها، لتسقط في الغلاف الجوي للأرض وإحراقها بسبب الاحتكاك عند دخولها الغلاف.

ولكن أين تسقط الأقمار الصناعية الكبيرة أو الأشياء الكبيرة، والتي لا تحترق بالكامل عند اختراق الغلاف الجوي؟

هل سمعت من قبل عن نقطة نيمو؟ هي أبعد نقطة من أي يابسة وتقع في المحيط الهادي وهي بقعة غير مرئية في المحيط ويصعب الوصول إليها حيث تبعد عن أقرب يابسة مأهولة بما يزيد على 2000 كلم وتصل إلى عمق 4000 متر مما يجعلها مكاناً مناسباً لمقبرة الأقمار الصناعية وبقايا المركبات الفضائية، وسميت بهذا الاسم على اسم الشخصية الخيالية «الكابتن نيمو» والتي ابتكرها المؤلف الفرنسي جول فيرن.

على مدى العقود العديدة التي كانت فيها مقبرة الفضاء قيد الاستخدام، تم تحطيم مجموعة متنوعة من النفايات الفضائية هنا.

حيث بدأت عمليات إلقاء النفايات الفضائية في نقطة نيمو عام 1971م ومنذ ذلك العام وإلى يومنا هذا، أصبحت هذه المنطقة الموقع الرئيس لهبوط بقايا المركبات الفضائية، ولقد تم إغراق ما لا يقل عن 260 مركبة فضائية.

وكل ما يتعين على وكالات الفضاء المختلفة القيام به للاستفادة من مقبرة الفضاء، هو العمل على خطة لإلقاء الأقمار الصناعية في هذه المنطقة. حيث سيحترق معظم الأقمار الصناعية وغيرها من نفايات الفضاء، في الغلاف الجوي بسبب الاحتكاك أثناء اختراقها للغلاف الجوي، مما يعني أنه لا يوجد الكثير من بقايا المركبات الفضائية تسقط في نقطة نيمو.

ومع ذلك عندما يتعين على وكالات الفضاء التخلص من الأقمار الصناعية الكبيرة، فإن قطعًا منها قد تسقط في المنطقة.

على سبيل المثال، محطة الفضاء الروسية MIR والتي تم إسقاطها في نقطة نيمو عام 2001م، ومن المتوقع إسقاط محطة الفضاء الدولية في نقطة نيمو عند انتهاء عمرها الافتراضي.

أحد الأشياء المثيرة للاهتمام هو أن رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية، هم الأشخاص الذين يصلون إلى أقرب مسافة من نقطة نيمو، حيث إن ارتفاع المحطة الدولية للفضاء تبعد عن الأرض بمسافة حوالي 400 كلم.

*مستشار غير متفرغ، الهيئة السعودية للفضاء