تتزاحم قنوات التلفزيون ومواقع الإنترنت التي تقدم لمتابعيها تفسيراً للأحلام، مزدحمة بشتى المفسرين الذين لا يمتلك بعضهم أي خلفيات، ولا يعمل وفق أي ضوابط تجعل تفسيره محل قبول أو منطق، وكل ما في الأمر أنه يقوم على استغلال حاجة الناس لمعرفة ما جهلوه، وتلهفهم لإشارات يتلقونها عبر أحلام ورؤاهم، ويطلبون تفسيراً لها.

وفيما عرف تفسير الرؤى في الإسلام على أنه علم حمل اسم تعبير الرؤى أو تعبير الرؤيا، وهو علم شرعي إسلامي متكامل له قواعد مستنبطة من القرآن الكريم والحديث النبوي في الأساس، إلا أنه كونه غير معترف به أكاديميا، وعدم تدريسه بالجامعات والمعاهد المعتمدة، واقتحام عالمه من قبل كل من هب ودب، جعله شيئا مشاعا منحرفا عن العلم الشرعي في أطره المعروفة، والتي ثبتت شرعاً، والتي أجازت تصديق الرؤيا الصالحة مثل رؤيا نبي الله إبراهيم عليه السلام، حيث قال تعالى «يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى» (سورة الصافات - الآية: 102)، وكذلك تعبير نبي الله يوسف عليه السلام للرؤيا في قصة صاحبي السجن، وغيرها.

مصدر شهرة

في الآونة الأخيرة اقتحم كثيرون عالم تفسير الرؤى، وادعوا العلم بالتفسير ومعرفته، واتخذوه مصدرا للشهرة والمال، فيما توارى مفسرون ذوو علم ومعرفة بعيدا عن الظهور، كما غابوا في زحمة المدعين وسيطرتهم على وسائل الإعلام وقنوات التواصل.

يقول مفسر الأحلام عبدالرحمن بن ضريس لـ«الوطن»: علم تعبير الرؤى من العلوم التي يصعب على الإنسان دراستها أو تعلمها، حيث يعتمد في المقام الأول على أنه هبة (إلهام) من الله، إضافة إلى فراسة وذكاء المعبر، وهو علم ثابت في القرآن والسنة النبوية.

ويبين «علم التفسير من العلوم التي يهبها الله لمن يشاء من عباده، وفي الأصل هو علم ظني يحتمل الصواب والخطأ».

ويضيف «أتساءل وأستغرب كيف يتخذه البعض مصدر رزق، وقد طالبت كثيراً بقوانين وجهة مسؤولة لتنظيم باب التفسير والرقية لحاجة الناس، ولكثرة المتطفلين والمتطاولين على هذه العلوم».

الأحلام والأضغاث والرؤى

أضاف ابن ضريس أن «الأحلام أضغاث كلام وأحداث وأخلاط وتداخل وتناقضات لا يعرف أوله من آخره وهي من الشيطان، أما أحاديث النفس فهي ما يشغل الإنسان في اليقظة ويفكر فيه يأتيه على هيئة منام، أما الرؤيا فهي من الله إدراك أو رموز يلقيها الله في قلب العبد على يد ملك من الملائكة، ومن شروطها الترابط والوضوح والاستغراب، أما الإفراط في التفكير في النوعين من الأحلام سواء الحقيقية أو أحلام اليقظة فقد يثير اضطرابا نفسيا لدى الشخص ويحدث مضاعفات وأمراضا نفسية في المستقبل».

ويتابع «علمياً كل الناس تحلم، لكن في حدود الوسطية، لا إفراط ولا تفريط، والنسبة بين الجنسين في مجال الرؤى الصادقة متساوية، لكن المشكلة في عاطفة النساء، فأكثر ما يرد للنساء بالمنام ويصل للمعبرين لا تأويل له. أما أحلام الحيوانات فلا أعلم عنها، وأما الأطفال فالرؤى لديهم نادرة ودقيقة وأكثر تركيزا، وربما تفسيرها يخص الوالدين والإخوة، أما أصعب حالات الرؤى التي تمر على المفسر، فهي رؤى ذوي الإعاقة، فالتعامل معها صعب والتفسير لا يجيده إلا من كان حاذقا في مجال التأويل، فالتفسير حفظ الأسرار، وجبر الخواطر، والعلاج النفسي والتبشير والتحذير والتوجيه الصحيح، ألا يكفي أنه نورٌ من الله أتى ليخدم البشر في كل أمور حياتهم، وهو علم الدعوة إلى الله والاكتشافات، وعلم تعديل السلوك، وفتح أبواب القوى الكامنة بداخلنا».

رؤى النهار وليالي الصيف

يوضح ابن ضريس «الرؤى الصادقة تجدها بكثرة عند من يصدق حديثه، ويتصف بالأخلاق الحسنة ونظافة القلب والبعد عن الحرام وارتفاع نسبة الإحساس، وليس هذا الأمر مطلقاً. فالتفسير إلهام، والرؤيا لها إحساس يحس بِه المفسر من خلاله تحضر خواطر التفسير، أو فراسة التأويل (وهي معرفة الداخل من خلال النظر للخارج) فيستطيع التعبير والمقارنة بين صدق وكذب المنامات. ورؤى النهار أسرع تحققاً من رؤى الليل، ورؤى ليالي الصيف كذلك أسرع تحققاً من رؤى ليالي الشتاء، فمعظم الرؤى تتحقق في ظرف عامين، ونادر من يتعدى هذه المدة، كل ذلك ليس مطلقاً، وإنما هو علم ظني اجتهادي ويبقى العلم عند الله سبحانه وتعالى».

الابتعاد عن تشويه العقيدة

يكمل ابن ضريس «معظم الاكتشافات والحلول والتوجيهات وإصلاح العلاقات، ومشاكل من هم في القبور، وكشف الأعداء وعلاج الأمراض تأتي على شكل منامات صادقة صالحة من الله سبحانه، لكنها تحتاج لمن اختاره الله لكي يعبرها التعبير الصحيح والسليم الخالي من تشويه العقيدة أو إثارة المشاكل وكشف الأسرار. كذلك كل ما يخص أرزاق الناس وأحوال البشر وحالات الدول والرؤساء والحروب والأمراض والأمطار وغيرها، يرد فيها رؤى صادقة أحياناً تغيب عنا، وأخرى نخطئ في تفسيرها، وثالثة نكتم سرها، والقليل منها ما يظهر للناس».

منامات سبقت كورونا

يبين ابن ضريس أن «قصص الرؤى التي عرضت علي كثيرة، ولا يمكن حصرها، ومنها قصص غريبة تتعلق بكشف الأمراض ومعرفة العلاج، وأخرى بكشف أنواع الأذى وكيفية التعامل معه وغيرها، ومنها إثبات لعائلة أن لأبيهم ابنا لم يكونوا يعرفونه قبل وفاة الأب، ولم يثبته الأب في الدوائر الحكومية وتم التعرف عليه من خلال الرؤى، وآخر القصص ورد لي عشرات الرؤى عن مرض كورونا من أربع سنوات تقريباً».

رؤى المفسرين

أشار ابن ضريس إلى أن «أصعب الرؤى ترميزاً وتفسيراً، رؤى المفسرين، لأن ملك الرؤيا يضرب الرموز على حسب ذكاء الإنسان وفراسته وتعليمه وشخصيته، وأحياناً المعبر يبحث عمن يفسر له ربما لصعوبة التفسير أو للاستئناس بتأويله، فقبل ست سنوات رأيت أنني أصلي في مسجد خلف قاضي محكمة ثم أهداني بشتاً وشماغاً وساعة، وفسرت بالعلم والنور والهداية، ومن رؤى كورونا أني رأيت قبل سنتين أن مجموعة من الرجال تلبس براقع سوداء، ونعم تحققت في زمن كورونا لبس الكمامات ذات اللون الأسود».

فراسة انتهت بالتعبير

من جانبٍ آخر، تتحدث معبرة الأحلام أم عبدالله الموسى عن تجربتها في التفسير، قائلة «وأنا في المرحلة الثانوية كنت أتفرس بالألقاب وأحللها وأستخرج لها معان عميقة، ولا أعرف ما هذا الشيء الذي بداخلي، وكنت مهتمة بشراء كتب تفسير الأحلام، ثم فهمت أنني أمتلك فراسة وبُعد نظر، فقررت أن أستمر في هذا الأمر، وأرى كيف يعبر الآخرون وتعمقت في شتى العلوم الحياتية والطبية، ودخلت دورة فراسة تحت إشراف الشيخ المعبر يوسف السويلم، وحصلت على درجة امتياز، وانطلقت بعدها للعامة، وذلك منذ خمس سنوات، والتفسير بحد ذاته علم يوهب من الله ويصقل مع الخبرة، ويقنن من خلال الدورات والقواعد والأسس».

خليط الأضغاث والرؤى

ذكرت أم عبدالله «أن أكثر الأحلام تكون من النساء، وهي خليط بين الأضغاث والرؤى، ويكثر لديهن الخلط بين المواقف الحياتية والكائنات الحية ووسائل النقل والمجوهرات، أما الرجال فأقل بنسبة، وقد يميز الرجل الرؤى من غيرها، وتكثر لديهم الحيوانات المفترسة والسفر والمزارع والبيوت، كما تدخل رؤى الخيانة الزوجية وتحدث بين الطرفين، وهو سلوك فردي ليس له علاقه بطبيعة الأشخاص حوله، وقد تكون المرأة غير مقصرة مع الرجل ثم يحدث الأمر والعكس يحدث، فكثيرا ما اكتشفت خيانات وحاولت أن أوضح أن ضبط النفس هو الأسلم والتعامل بحب وحكمة حتى يكسب الطرف الآخر ولا يخسره، وأن الخيانة غالبا ما تكون سحابة صيف تمر ولا تضر».

تمييز الصادقة من الكاذبة

أفادت المعبرة أم عبدالله أن «الرموز يختلف تفسيرها من شخص إلى آخر ولا يوجد قاعدة ثابتة، كما يمكن أن تكون هناك أحلام مختلقة تتضمن حشو كلام يراد به قصدا معينا، وقد يعرفه المعبر أحيانا، فقد اكتشفت مرة حلما كاذبا، كان يقصد به تشويه صورة امرأة.. مثل هذه الأحلام نادرة لأن الناس يعرفون أن المعبر يميز بينها وبين الحقيقية، فقد يحدث أن يحلم اثنان من أفراد العائلة أو أكثر نفس الحلم، وبعضهم يحلمون بشخص ثم يتكرر الموقف، فهناك امرأة روت لي أنها ترى قريبها المتوفى ثم تحدث حالة وفاة بالعائلة ويتجدد عليها ذلك الموقف، وأنا برأيي هي ميزة يطلعها الله لمن يشاء».

ولا ترى أم عبدالله أن هناك فرقا بين الرؤى سواء أكانت في فترة النهار أو المساء، لتحقق الوقوع بأي زمن، وكل ذلك في علم الغيب، وقالت «إذا نظرنا لطبيعة النوم في النهار فإنه يكون بعد شبع أو إرهاق عمل، وقد يعتريه شيء من الكوابيس، بعكس أحلام الليل الني تأتي واضحة ومرموزة وفيها شيء من الدقة».

رؤى تحققت

ذكرت أم عبدالله «إذا صعب أمر على شخص في حياته، يمكن أن يرى له حلا في منامه، وأذكر مرة أن فتاة أرسلت لي رؤيا أنها تلبس فستانا أزرق لكن لم يعجبها، فقلت يتقدم لخطبتك شاب لكن فيه مشكلة بالدم وممكن تترددين بالقبول، وفعلًا جاءتني بعد فترة وقد تحقق التفسير، وبعد البحث اكتشفنا أن فيه سكر بالدم، وكان يخفي عنها هذه المعلومة، فكان الأمر سببا لرفضها له، وكذلك رؤيا أخرى، تكررت على امرأة يتكرر لديها رؤى انفجارات ومياه فيضانات فسألتها: هل عندك مشكلة بالحمل وعمليات إنجاب فاشلة؟، قالت: نعم عملت 3 أنابيب وكلها تنفجر، فأخبرتها أن تلجأ للرقية الشاملة لأنه إذا تكرر الرمز دليل تنبيه من الجسد بتكرار آيات مخصوصة».

وأضاف «أما بخصوص التفسير للرؤى العامة فأنا أتحاشى ذلك لأن الرائي لا يستفيد منها استفادة مباشرة، لكن أحيانًا أفسرها، فمثلاً زيادة رواتب العسكريين فسرتها وتحققت بعد يومين، وفيروس كورونا أخبرت أنه غاز أو جزيئات تنتشر بالجو ويقل التواصل مع الناس وتحقق بعد 6 أشهر، وفسرت كذلك أنه سيفرض عددا قليلا في الحج أو العمرة وتحقق».

وأوضحت «هناك رؤى من خلال التفسير، فيها فرج للشخص حول مشكلة ما، فكان هناك عائلة تشتكي من النفور والتعثرات، وكانوا يرون بالمنام أفاعي وكلابي وأجنة مواليد ملفوفة، وفسرتها أنه سحر معلق وممكن عندهم قولون ومتاعب جسدية متنقلة، لأن الأفعى تأخذ شكل الأمعاء والجنين يكون معلقا بأمه، بعدها تقول الرائية اتفقت مع أهلي أن نقرأ سورة البقرة في يوم، وبعدها رأينا في مكان بالبيت عملا سحريا وأبطلناه».

واتفقت أم عبدالله، مع المفسر ابن ضريس بأن المفسر «يحلم، وأحيانا يجهل التفسير لنفسه، ويحب أن يسمع من غيره».

أنواع الرؤيا

الرؤيا الصالحة

هي ما يراه الشخص الصالح في منامه من المبشرات

حديث النفس (أضغاث أحلام)

فقد ينام الإنسان وهو مهتم بشيء ما فيرى حلما في النوم في شأنه

تخويف من الشيطان

تكون من لعب الشيطان بالإنسان وهو كثير في الفجار

تفسير الأحلام

ـ علم حمل اسم تعبير الرؤى أو تعبير الرؤيا

ـ علم شرعي إسلامي متكامل له قواعد مستنبطة من القرآن الكريم والحديث النبوي

ـ غير معترف به أكاديميا

ـ لا يدرس بالجامعات والمعاهد المعتمدة