فرق ولد بين أبويه القاصرين عقليا، بحكم ولايته عليهما، حسب ما يورده المحامي، المستشار القانوني محمد المطيري، واصفا الأمر بأنه واحدة من أغرب القضايا التي واجهته في المحاكم.

ويستذكر المطيري التفاصيل، فيقول «الابن الذي باشر التفريق بين والديه انتقلت إليه الوصاية عليهما عن طريق جده لأبيه، حيث تقدم الجد بالعمر، وبات عاجزا عن الولاية عن ابنه بعد أن تقدم به العمر وأصبح عاجزا عن الولاية على ابنه المجنون، فنقل الولاية للحفيد ليكون وصيا على والديه، حيث عرضت وصايته على المحكمة المختصة التي قبلتها (كان الوالدان قد ارتبطا وهما من القاصرين عقلا بالجنون)، وبعد أن كبرا، زادت الحالة الصحية والنفسية للزوج سوءا، وبات يعتدي على زوجته، فقرر الابن الوصي التفريق بينهما، وقام بتطليق والدته من والده، وواصل رعايتهما متفرقين».

وأشار المطيري إلى أن الزواج بين المجانين يلجأ له الأولياء حين يرجون أن يرزق القاصر المجنون أو المعتوه أبناء يقومون برعايته بعدهم، ويشترط في الزواج أن يحقق مصلحة للمتزوجين، فلو كانت الزوجة مثلا في سن اليأس ولا تحمل أو إذا كان القاصران المجنونان قد رزقا قبلا بمن يقوم عليهما من أبنائهما من زواج سابق فقد انتفت المصلحة من الزواج.

تعامل صعب

يعد زواج المجنون من أصعب التعاملات التي يفصل فيها القضاء، فالجنون حسب الشرع والنظام يفضي إلى بطلان أي وضعية قانونية من المجنون، فلا يصح منه عقد (النكاح) الزواج، ولا يقع منه طلاقه، وهو معفي من النفقة والهبة والحضانة، ولا يصح بيعه وشراؤه، ولا تصح ولايته، وهو غير مؤتمن على ماله وتربية أبنائه، لكن من حقه أن يكون شريكا في أهم العقود التي تبرم بين البشر فيحق له أن يتزوج النساء.

وجاء مشروع الأحوال الشخصية الذي أعلن أخيرا مؤيدا لاهتمام الإسلام بكل أفراد المجتمع، دون تفريق بالحقوق بين سليم وسقيم، ومن ذلك حقوق المجانين في الزواج كونه يتفق مع نظام الأسرة في الإسلام.

وأكدت المحامية، المستشارة الشرعية بدرية القصير، أن زواج المجنون والمعتوه لا يصح، ويصبح باطلا إن عقده بنفسه، لأنه فاقد الأهلية سواء كان المتزوج ذكرا أو أنثى، ولا بد أن يباشر عقد الزواج وليه، ويجوز تزويج المجنون والمعتوه بإذن المحكمة بعد أن تتحقق من المصلحة في الزواج، وإذا أصيب الزوج بالجنون، أو بالشيزوفرينيا، فإن نكاحه لا يبطل بذلك، لكن للزوجة حق الفسخ أو طلب الطلاق.

الضرورات الخمس

اهتمت الشريعة بكل مقصد يحافظ على ضرورياتها الخمس، حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، وزواج المجنون والمعتوه والسفيه والمغفل فيه صيانة لضرورة العرض، وفيه تنظيم لمطلب غريزة الجنس، وفيه حفظ لهذه الضرورة، وعليه يجوز زواج المجنون بشرط وجود الولي الذي يثبت مصلحة ذلك الزواج، ويكون قيما على الزوجين القاصرين بعد الزواج. ويجوز تزويج المجنون بإذن القاضي إذا ثبت بتقرير طبي رسمي أن في زواجه مصلحة له. وبين مشروع الأحوال الشخصية السعودي أنه يصح زواج المجنون من خلال ولي أمره، وذلك لأنه غير مؤهل لتولي أموره بنفسه، وتكون الولاية على القاصر في عقد نكاح فاقد الأهلية كاملة أو جزء منها للأب، ويقصد بها الإشراف الكامل على شخص القاصر والعناية بكل ما له علاقه بماله، وتنتقل من الأب لمن يراه صالحا للوصاية. ويشترط في الولي على النفس أو المال أن يكون كامل الأهلية أمينا قادرا على القيام بمقتضيات ولايته المنوطة به متحدا في الدين مع المولى عليه، فلا يجوز وصية من يختلفون في الدين، والأصل أن تكون الولاية والوصاية بغير أجر، إلا إذا حدد الموصي لوصيه أجرا مقبولا عرفا فيجوز للمحكمة بناء على طلب الموصي أن تقرر له مكافأة عن قيامه بالوصاية على الزوج المجنون والقيام بشؤونه، وإذا قصر الولي أو الوصي بواجباته أو تعذر قيامها بها يجب على المحكمة عزله، كما أن للوصي التنحي متى شاء، وإن تعذر وجود ولي على الأزواج تكلف المحكمة من يقوم بهذا الدور، وإن ثبت ضرر أحد الزوجين، تفرق بينهما المحكمة.

طلاقه لا يقع

جاء مشروع الأحوال الشخصية مؤيدا لما عليه أهل العلم من أن طلاق المجنون أو المعتوه أو من زال عقله لا يقبل، والطلاق صحيح أذا أثبته وليه، ويجب توثيق الطلاق في المحاكم المختصة، واشترط نظام الأحوال الشخصية لصحة الخلع من الزوجين كمال الأهلية.

من يصلح للولاية

- ألا يكون محكوما عليه بالإدانة في جريمة مخلة بالشرف والأمانة

- ألا توجد بينه وبين القاصر عداوة يخشىمنها على مصلحته

- يتولى الولي أو الوصي شؤون القاصر وتمثيله

- الولي على المجنون هو الأب أو من تعينه المحكمة

- الوصي هو من يعينه الولي الأب (الولي الأصلي) عند عجزه أو بعد وفاته

- ألا يكون محكوما عليه بالإعسار بسبب عدم قدرته على إدارة ماله الخاص

- ألا يكون محكوما عليه بالعزل من ولاية القصر بسبب التفريط في حفظ أموالهم

لا يقع الطلاق في الحالات التالية

01 - طلاق غير العاقل أو غير المختار (المكره)

02 - طلاق من زال عقله ولو بمحرم

03 - طلاق من اشتد غضبه

شروط قبول زواج المجنون

01 - قبول الطرف الآخر التزويج منه بعد الاطلاع على حالته

02 - كون مرضه لا ينتقل منه إلى نسله

03 - كون زواجه فيه مصلحة له

04 - دعم الشرطين الأخيرين بتقرير من ذوي الاختصاص