رصدت جمعية «أواصر» الخيرية، المعنية برعاية الأسر السعودية في الخارج (أسرا من أب سعودي وأم غير سعودية)، نحو 268 أسرة تستفيد من برامج الجمعية، وتضم نحو 511 فردا، وتتشتت في 21 دولة حول العالم. وأكدت «أواصر» أن تلك الأسر تعاني صعوبات جمة في الالتحاق بالوطن، لعدم مقدرتها على استخراج أوراق ثبوتية تؤكد الزواج والانتماء للمملكة، ومن ثم عدم حصولها على الجنسية السعودية نتيجة عشوائية الزواج، وعدم اتباع الأصول القانونية في إبرامه.

وتعاني تلك الأسر (من آباء سعوديين وأمهات أجنبية) كونها ضحايا مشكلات قانونية واجتماعية، بدءا من حرمانهم من التعليم، بالإضافة إلى معاملتهم كأجانب في بلدان أمهاتهم. كما أنهم لا يجدون غالبا من يتكفل بنفقاتهم ويتحمل مسؤولياتهم، ومن ثم يكونون عرضة للتشرد والانحراف والضياع.

مشكلات جمة

يقول رئيس مجلس إدارة الجمعية، وليد بن عبداللطيف السويدان، إن «أواصر» تعمل على رعاية الأسر التي تعيش خارج المملكة من أب سعودي وأم غير سعودية، وإعادتهم إلى أرض الوطن، وهي تقدم لهم مساعدات وخدمات متميزة ومتكاملة، لرعاية الأسر السعودية في الخارج التي تم تصحيح أوضاعها، وحصلت على أوراقها الثبوتية، سواء كانت هذه الرعاية مالية - اجتماعية - صحية - تعليمية أو إسكانا، بالإضافة إلى عملها على توعية المجتمع، من خلال اللقاءات وورش العمل، مما يجنبه الأضرار المترتبة على الزواج العشوائي من الخارج.

ويشير «السويدان» إلى أنه أهم المشكلات التي تعانيها الأسر السعودية في الخارج هي الدراسة، وعدم قدرتها على العودة إلى المملكة بصحبة الوالدة الأجنبية، وصعوبة العمل دون أورق ثبوتية، وصعوبة الحصول على أوراق ثبوتية وهم خارج المملكة، بالإضافة إلى اضطرار بعض الفتيات للزواج من جنسية والدتهم، ومن ثم تفقد الفتاة فرصة الحصول على جنسية والدها.

ويوضح رئيس «أواصر»: «الجمعية تتعامل مع هذه الحالات إذا تقدمت الأسرة إلى السفارة السعودية في البلد الذي تقيم فيه (بلد الأم)، وحصلت على تذكرة مرور، للدخول إلى المملكة، فتساعدها الجمعية ماديا وصحيا واجتماعيا من خلال الإسكان والمصروف الأسبوعي، وتغطية نفقات العلاج، وتقديم المساعدات الإدارية للحالة حال وصولها للمملكة حتى يتم تصحيح أوضاعها».

دراسة الحالة

يلفت «السويدان» إلى معاملات تلك الأسر حين تصل من السفارات إلى الجمعية، فإنها تُحال إلى القسم المختص في الجمعية، حيث إن هناك موظفين مختصين بالشؤون الاجتماعية، لدراسة الحالة من جميع جوانبها، والاتصال بولي أمر الأسرة، وإنهاء موضوعها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، حيث ترتبط الجمعية بمجلس تنسيقي بوزارة الداخلية، يرأسه وكيل وزارة الداخلية لشؤون المناطق، ويتكون المجلس من عدة جهات حكومية ذات علاقة مثل الداخلية والخارجية والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

منظومة حياة

يوضح أستاذ علم اجتماع الصناعة والتنظيم بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور مشبب الأسمري: «الحياة الزوجية منظومة حياة متكاملة بأبعادها الاجتماعية والثقافية والقانونية والاقتصادية، ومن لا يحسب هذه الأبعاد وآثارها فقد يدفع الثمن حتى بعد الزواج بوقت قصير، والحال قد يكون أكثر تعقيدا عندما يترتب على هذا الزواج طفل أو عدد من الأطفال، وما يتبع ذلك من صيرورة للحياة الزوجية بمتطلباتها المادية والمعنوية والتربوية والقانونية وغير ذلك. فكم من المشكلات والاختلافات في معطيات الحياة بين الأزواج على المستوى الداخلي نظرا لسوء التوافق، وإشكالية الاختيار الزواجي، فما بال عندما يكون الزواج من أجنبية قد تتجاوز حتى الجنسيات العربية والإسلامية».

ويضيف «الأسمري»: «الحياة الزوجية مسؤولية دينية وأخلاقية وأدبية، وبناء لحياة أسرة ومجتمع، وليست مجرد لذة عابرة، يترتب عليها كثير من الإشكاليات التي يدفع ثمنها الأطفال أولا ثم الزوجان ثانيا. صحيح قد يكون هناك بعض حالات النجاح، وهناك فسحة في الاختيار والمواصفات، ولكن مع الزمن تطغى الجوانب الفكرية والثقافية وطبيعة الاختلاف في سياق الحياة الاجتماعية على الجوانب الأخرى التي قد تمثل جوانب شكلية جمالية أو عقلية فكرية منفتحة، قد لا تتكيف مع سياق الواقع في مجتمع محافظ، وله كيانه الثقافي والاجتماعي، حتى ولو أظهر الزوج أو الزوجة في بداية الأمر تكيفهما مع هذا الواقع».

إشكاليات وتبعات

يشير «الأسمري» إلى «بعض اشكاليات وتبعات الزواج من أجنبية التي أكدتها المؤشرات والإحصاءات والدراسات، ومن أبرزها زواج المراهقين دون حساب تبعات المستقبل، وزواج كبار السن مع فارق عمري كبير لا يمكن أن يمثل حياة أسرية متوافقة ومستمرة، وإخفاء الزواج من أجنبية، وما يترتب على ذلك من إشكاليات، والزواج بدافع الحاجة المادية والفقر بغض النظر عن التوافق الزواجي، ومشكلات وتبعات الميراث بين الأسر المختلطة، والزواج بدافع الحصول على الجنسية، والزواج السياحي أو غيره من المسميات وما تمثله من آثار».

ويوضح: «من المشكلات كذلك ظاهرة هروب الزوجات، خاصة بالأطفال، والبعد المكاني والجغرافي، وما يترتب عليه من تكاليف مادية لم تكن في الحسبان، بالإضافة إلى التغرير بالزوج أو الزوجة بحياة وحقوق مثالية لا يعكسها واقع الحال، وعدم وضوح الحقوق القانونية، واختلافها من مجتمع إلى مجتمع».

ويشدد «الأسمري» على ضرورة وضع الحلول والخيارات الممكنة والميسرة للزواج على المستوى المحلي، حتى يحد ذلك من الإقبال على الزواج من أجنبيات، مع تثقيف وتوعية أفراد المجتمع بأبعاد هذه الظاهرة إيجابيا وسلبيا، وكذلك تبعاتها وآثارها على استقرار ومستقبل الأسرة والمجتمع.

مشكلات تنجم عن الزواج بأجنبيات

- قد يكون زواج مراهقين دون حساب تبعات المستقبل

- قد يكون زواج كبار السن مع فارق عمري كبير لا يوفر التوافق

- قد يكون بدافع الحاجة المادية والتغلب على الفقر بغض النظر عن التوافق

- ربما يكون بدافع الحصول على الجنسية

- مشكلات في الميراث بين الأسر المختلطة

- ينجم عنه بُعد جغرافي مكلف

- غالبا ما يقع فيه تغرير بأحد الزوجين

- عدم وضوح الحقوق القانونية واختلافها من مجتمع إلى مجتمع