كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تمكين المرأة الاقتصادي، وهل هذا الحديث كان نتيجة لحاجة معينة؟ أم استجابة لدراسات أثبتت أنه حل لمجموعة من الإشكاليات الأسرية بالمجتمع؟ أم الأمر لا يعدو مسايرة للسياق الدولي الحقوقي؟.

المهتمون بشأن التنمية يرون أن تمكين المرأة الاقتصادي من أهداف التنمية المستدامة، فهي العملية التي تشير إلى امتلاك المرأة الموارد، وقدرتها على الاستفادة منها وإدارتها بهدف تحقيق الإنجازات، فلا أحد ينكر أننا نواجه مشكلة حقيقية تتعلق بالتنمية الوطنية الشاملة، ومن ثم علينا أن نصوغ الاقتراحات من منطلق روية 2030، والتي تهدف لتحقيق التنوع وتحسين التنافسية، وحب العمل والإنجاز، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالبعد التنموي للمواطن والمواطنة.

فالتمكين ليس موجة، بل هو حاجة للنهوض بوضع المرأة ورفاهيتها ومكافحة الفقر، فالتمكين مصطلح برز في المحافل الدولية، ويحدده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأنه مجموعة التدابير التي تخص المجال الاقتصادي والحقوقي للمرأة، ففي المجال الاقتصادي يشير لتوفير الفرص الاقتصادية التي تمكنها للوصول إلى التمويلات والعمل اللائق والمناسب لها والمنتج بنفس الوقت، وفي المجال الحقوقي يشير إلى كل ما يتعلق بالملكية والإرث واستغلال الأراضي.. إلخ.

ولا يمكن فصل التمكين الاقتصادي للمرأة عن باقي جوانب التمكين الأخرى بالمجتمع؛ فهو مصطلح شمولي، فالتمكين للمرأة يجب أن يطبق عمليا، وليس مجرد شعارات نظرية لا معنى لها، فمنذ القدم والسيدات يمتهن أعمالا عدة كالتجارة والحياكة والمشغولات اليدوية والمصنوعات بمهارة عالية، ومع تعليم المرأة أصبحت شريكا مهما وحيويا في سوق العمل، ولعبت أدوارا قيادية محلية ودولية.

وتشير عدة دراسات إلى أن تمكين المرأة الاقتصادي يحقق الأمن الأسري، فالعمل ضرورة حياتية يعمل على الإسهام في حل كثير من المشاكل المالية والالتزامات الأسرية، والمساهمة في تحمل الأعباء المعيشية، والإنفاق على الأبناء بطريقة لائقة تفي باحتياجاتهم التعليمية والمعيشية، وقناعتهن بضرورة المشاركة في المسؤولية الاجتماعية، ويدعم التمكين حق المرأة في تحديد خياراتها بنفسها والوصول إلى الموارد، وإتاحة الفرص لها للاستفادة منها، ورفع مستوى دخل الأسرة، ويساعد تمكين المرأة اقتصاديا على زيادة دخل أسرتها؛ لأنها عادةً تستخدم الدخل الذي تحصل عليه في دعم أسرتها، إضافة إلى دور القوة النفسية في مفهوم التمكين الاقتصادي، كإحساس فردي بالقوة يترجم سلوكيا باحترام الذات والثقة بالنفس.

لذا يجب الاهتمام بتدريب المرأة وتأهليها بشكل جيد مهنيا، وتقديم التسهيلات الممكنة كافة لدعم المشاريع والتسويق، وتقديم مشاريع من خلال التوجية والإرشاد الاقتصادي للمرأة في المناطق الأقل حظا في الاستقلال المالي، وتعزيز مشاركتها ضمن القوى العاملة.