بضعة أمتار فقط، امتد عليها جغرافيا دكان الحبص، لكنه امتد على نحو أكثر بقليل من 50 عاما تاريخيا، كان خلالها أيقونة أحسائية، يقصده كثيرون ليعثروا فيه على ما لا يجدونه عند غيره في أحيان كثيرة.

على مدى سنوات طويلة سخر العم إبراهيم بن محمد بن أحمد الحبص، رحمه الله، وقته وجهده لدكانه الذي افتتحه في الخمسينيات الميلادية، واستمر حتى بعد نشوب الحريق في القيصرية عام 1422 للهجرة، حيث نجا الدكان من التأثر بألسنة النيران التي اجتاحت السوق، لكنه توقف أخيرا حين أزالت بلدية الأحساء السوق بالكامل لإعادة بنائه بالكامل مرة جديدة، وانتقاله إلى السوق البديلة (سوق الخضار المركزي سابقا) خلف سوق القيصرية، لكن الدكان في موقعه الجديد لم يستمر أكثر من عامين لانخفاص مبيعاته، على الرغم من توسطه السوق، وتركيزه على بيع المقتنيات التراثية.

الأكثر شهرة

بقي دكان «الحبص»، الأكثر شهرة في سوق القيصرية التاريخي وسط الهفوف، وعنه يتحدث أحد أبناء الحبص، وهو عبداللطيف الحبص لـ«الوطن»، ساردا بعض ذكريات والده، قائلا إن والده سكن في الرياض، وعمل في بداية حياته مع الأسرة السعودية المالكة في أعمال الضيافة، قبل أن ينتقل إلى الأحساء في الخمسينيات الميلادية، ليؤسس دكانا في سوق القيصرية.

وأرجع سبب تسمية عائلتهم إلى «الحبص» إلى شدة بياض جده «أحمد»، إذ كانوا ينتمون إلى عائلة «الزريجة»، وكانوا يسكنون في سباط العجاجي في مدينة الهفوف، قبل انتقالهم إلى حي النعاثل الشعبي.

ألمانيا والصين

يشدد عبداللطيف على أن والده كان يجلب بضائع دكانه من البحرين والكويت، اللتين كانتا تستوردان البضائع المختلفة من ألمانيا والصين، وتصل إلى البحرين عبر السفن، ومن بين بضائعه الأكثر مبيعا في تلك الحقبة الزمنية، الأتاريك، والفتايل، والأسرجة، والزجاجيات، والدراجات الهوائية، والخيوط، والمسابيح، وقطع الغيار، والخردوات المختلفة، وكان والداه من أوائل الموردين للألعاب النارية في الأحساء، وبات المسوّق الأول للألعاب النارية في دول الخليج، ويأتون من مختلف دول الخليج خصيصا لشراء الألعاب النارية.

400 كيس خيش كبير

أبان الحبص، أن معدل مبيعات دكان والده اليومية يصل إلى أكثر من 300 ريال، وهو رقم مبيعات كبير في ذلك الوقت، لو قدر حجم التركة في الدكان الصغير، الذي لا تتجاوز مساحته الإجمالية عدة أمتار، أكثر من 400 كيس خيش كبير، إضافة إلى عشرات الكراتين.

24 ساعة

أضاف الحبص، أن الدكان كان يفتح لمدة 24 ساعة طوال شهر رمضان وأيام الأعياد، وفي الأيام الأخرى يفتح بواقع 16 ساعة متواصلة، من الساعة 7 صباحاً حتى الـ11 مساءً، قبل أن يغلق الدكان ويتجه إلى المنزل، وفي بداية العمل في الدكان، كان لا يحرص على إغلاق باب الدكان بعد الانتهاء، ويكتفي بساتر قماشي لإغلاق الواجهة، ولم يتعرض إلا لحالات سرقة محدودة جدا، قبل أن يصنع له بابا لإغلاق الدكان في الفترة الأخيرة، وكان يعفو ويتنازل عن السارقين لوجه الله، وكان موقع الدكان محطة لتبادل الأحاديث لرجال الحراسات في السوق وتناول الشاي والقهوة.

اقتناء التراثيات

بيّن الحبص أن دكان والده، كان محط اهتمام المهتمين باقتناء التراثيات، وملاك المتاحف، إذ أن بعض المتاحف في الأحساء جلّ مقتنياتها من مبيعات دكان الحبص، وأسرته تحتفظ بعدد من المقتنيات التراثية والنادرة، ويشاركون بتلك المقتنيات في المعارض التراثية المحلية، تحت عنوان «من ذكريات دكان الحبص»، مستعرضا قصة مهندس أوروبي يعمل في شركة أرامكو بالظهران، الذي كان يبحث عن قطعة غيار محددة، موقع توفرها وبيعها في دولة ألمانيا، وعلى سبيل المزاح، أبلغوه أن دكان «الحبص» في سوق القيصرية، قد يتوفر فيها مثل تلك القطع، وكانت المفاجأة، توفر هذه القطعة بمواصفاتها في دكان الحبص، وقد اشتراها الأوروبي بـ500 ريال.

لا يسمح بدخول الزبائن

ذكر الحبص أن والده، رغم تعدد البضائع في الدكان الصغير، وتكدسها بشكل غير مرتب في كافة أرجائها، إلا أنه لم يكن يجد أي صعوبة في العثور عليها، وهو جالس في موقعه داخل الدكان، لافتا إلى أن تصميم الدكان الصغير، لا يسمح بدخول الزبائن إليه، وكان والده يتخذ موقعا للجلوس فقط، وانتشار البضاعة في كل أرجاء الدكان.

وأضاف أن دكان والده، حظي باهتمام واسع من وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية العالمية قبل حريق القيصرية وبعد الحريق، وأفردت تلك الوسائل عددا من الصفحات في الصحف الورقية بلغات متعددة.

بطاقة

- إبراهيم بن محمد بن أحمد الحبص

- مواليد الرياض 1345

- متزوج من 4 نساء، ولديه 6 من الأولاد، و3 من البنات

- توفي في الـ17 من رمضان لعام 1426

- عاش 81 عاما

الدكان

- امتد عمره لأكثر من 50 عاما

- افتتح في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي

- يقع في سوق القيصرية التاريخي وسط مدينة الهفوف

- كانت بضائعه تستورد من البحرين والكويت

- وصل معدل مبيعاته اليومية إلى 300 ريال