في مقال نشرته مجلة هارفارد بيزنس لتوني شوارتز وإميلي باينز، عن تطوير مهارة القيادة تحت ضغوط العمل والأزمات، يشير المقال «إلى ردود أفعالنا مع الأزمات والعمل تحت الضغط المستمر، وأن شخصياتنا تعمل من خلال ثلاث شخصيات، تحاول السيطرة على الأمور التي تواجهها». فالشخصية الأولى هي شخصية الطفل، وهي من أقل الشخصيات قدرة على مواجهة الأزمات، وأكثرها عجزا وعرضة للمخاطر والتهديد، ولكنها الأكثر مرحا وبراءة، وهذه الشخصية تكون معتمدة على الآخرين عند تعرضها لضغوط العمل، ومع الوقت يصبح الموظف قادرا على التعامل مع ضعفه، ويتكيف مع المخاطر المحيطة به فتتشكل الشخصية الثانية، وهي شخصية المدافع والتي تصبح مهيمنة على الفرد، وهي شخصية منتجة وناجحة، ولكنها متيقظة وتفاعلية بشكل مفرط تجاه أي تهديد، ويعيب هذه الشخصية أحيانا عدم القدرة على التفكير بعقلانية، وعند التوتر والضغط تفقد القدرة على السيطرة، فتظهر مشاعر الغضب واللوم والانتقاد تجاه الآخرين. ومع نضج التجربة يتقمص الموظف الشخصية الثالثة، وهي شخصية الراشد والتي تتميز بقدرات على إدارة الأمور والأزمات، وقدرة على التحكم بالانفعالات وضبطها، والسماع للآخرين بتجرد دون إطلاق الأحكام المبكرة عليهم. وميزة شخصية الراشد أنها قادرة على تقبل الآخرين بكل ما فيهم من أخطاء وعيوب، وتلك الشخصية لديها القدرة على إيجاد الأمان والطمأنينة لزملاء العمل في أصعب الظروف والأزمات.

ردود أفعالنا كبشر تجاه المواقف والأزمات التي نتعرض لها، يجعلنا في أمس الحاجة إلى نعمل بشخصية واحدة، ونمط واحد في التعامل مع تلك الأمور، بل يجب علينا أن تتشكل شخصياتنا حسب تلك التجارب، وأن تكتسب النضج والحكمة مع كل تجربة. وفهم نوع الشخصية التي تطغى علينا في التعامل مع الضغوط والأزمات مهم جدا، فعندما نجد أنفسنا نشعر بالقلق والخوف والتهديد، ونقارن أنفسنا بغيرنا ونحاول أن نقلده، فهذا يعني أن شخصية الطفل هي المسيطرة. أما إذا كنت تنهج أسلوب المواجهة والسماح للمشاعر السلبية كالاستياء والانتقاد وتحميل الآخرين المسئولية، فهذا يدل على أن شخصية المدافع هي المسيطرة على الموقف. أما إذا استطعت ضبط مشاعرك، والتفكير بعمق وحكمة مع الأمور، والتعامل مع التحدي بصبر وثبات، وبحث عن الحلول الجذرية من أجل إحداث النمو والتطوير، فهذا يدل على أن شخصية الراشد أو البالغ هي المسيطرة على الموقف.

وللوصول إلى مرحلة الرشد القيادي، لا بد من الاعتراف بأخطائنا وسلبياتنا، وأن نبدأ في التدريب على ضبط سلوكياتنا، وردود أفعالنا، وأن نتجنب إطلاق الأحكام المبكرة، وأن نظهر التعاطف والحكمة، وضبط النفس عند التعامل مع الآخرين، وأن نتجنب كبت مخاوفنا، وضعفنا ومحاولة إنكارنا لعيوبنا وتحميل الآخرين نتائج أفعالنا، وبدلا من ذلك علينا العمل على تقوية مواطن الضعف، من خلال التدريب والتأهيل والتعلم المستمر، وعلينا أن نتحمل المسؤولية عندما نقود فريقا لتحقيق هدف ما. وأخيرا علينا أن نتذكر أن شخصياتنا هي من تدير حياتنا، وقد توفر لنا الحماية والأمان، ولكنها أيضا قد تمنع تطورنا وتقدمنا.