تعريف الاهتمام بأمور الأمة، هو تحفز العقل والذهن والذي يولده الشعور بالمسؤولية.

صاحب الفكر المستقبلي يصعب عليه الاندماج والرضا بالواقع غير المرضي، كما تصعب عليه الاستكانة بحجة الظروف والعادات والتقاليد. فتجد أن الشغل الشاغل لذلك العقل هو كيفية أداء مهامه المستقبلية وكيف يصنع الفارق الكبير.

صاحب العقلية الإبداعية يرى ما لا يراه الآخرون، ويكون سقف طموحه متجاوزا لغيره. بل إنه يشعر بمرارة الهموم والمعاناة أكثر مما يشعر بها غيره، فتكون وقودا ومحفزا له لمزيد من الإبداع والابتكار. إن هموم الكبار دائما كبيرة كما إن هموم الصغار صغيرة. إن التبصر في أمور المستقبل مهم جدا لتلك العقول، كما إن شعور التوتر من التحديات قد يكون طبيعيا لا سيما وهناك دائما شيء غامض أو غير متوقع يمكن أن يحدث في المستقبل، مما يجعل ذلك العقل يغوص أكثر في التحليل والتبصر بكل المخاطر والتحديات المحتملة.

كان الكثير من الغموض يقلقنا ويخيفنا، ماذا بعد البترول؟ وماذا عن مستقبل أولادنا وأحفادنا؟ وكيف سيكون الوضع في ظل التحديات والمتغيرات؟ وكيف هو حالنا في ظل الأعداء المتربصين بنا هنا وهناك؟ وكيف سنحافظ على مسار النهضة والتطور والرفاهية للمجتمع؟. ولهذا فإن الوقوف على كل هذه التحديات المقلقة ومناقشتها بشفافية يخفف من حدة الخوف والقلق من المستقبل، الذي هو في نظر الكثير منا مجهول بينما في نظر المتبصرين قد يكون واضح الملامح.

هذه العقول المبدعة ترى أن الغرض من وجودهم هو إدراك أن الحياة هي فرصة عظيمة للرقي ويجب ألا نستسلم للتحديات والمخاوف فنعيش على هامشها، وألا نكرر الأخطاء السابقة فنظل نتنفس الإكدار والمنغصات نفسها.

تلك العقول المبدعة تؤمن بأن التسويف وعدم مواجهة المخاطر سيجعلانا في يوم ما نعض أصابع الندم بسبب أننا لم نخطط جيدا لمستقبل أفضل. العقول المبدعة نظرت إلى مستقبل أجمل من خلال الاستفادة بعبرات وعظات الماضي، ومن خلال دراسة الوضع الراهن، ومن خلال الإجابة عن كل الأسئلة المحيرة والمبهمة، ومن خلال إزالة كل الأوهام والخرافات والتقاليد البالية التي كانت تعوق الرؤية وتقيد العقل.

العالم بأجمعه يمر حاليا بكثير من المنعطفات الحاسمة والتي تتطلب قرارات شجاعة وحكيمة، وقد تكون أحيانا قاسية وفي المقابل هناك قلة قليلة يملكون قدرا كافيا من الحكمة لاتخاذ قرارات مصيرية وجوهرية.

عندما تحدث ولي العهد حفظه الله عرف الجميع عن رؤيته للمستقبل وعن تطلعاته وهمومه والتي يجب أن يشاركها المجتمع من أجل قادم أفضل بإذن الله. إن الشعوب والمجتمعات تكون محظوظة عندما تجد في تاريخها رجالا عظماء يهتمون بالأمور العظيمة، ويملكون العديد من الصفات والقدرات التي تجعلهم قادرين على صنع فارق كبير في تاريخ أمتهم وفي رقي مجتمعاتهم.

للنجاح عوامل عدة من أهمها العزيمة والاهتمام وخلق البيئة الملائمة ولكن لعل أهم عناصر النجاح هو وجود ذلك القائد القادر على تحويل تلك الفرص والتحديات إلى واقع نعيشه ونحياه.