خلاف المعتاد والمتوقع، كشفت دراسة بحثية وميدانية «حديثة» أن مدن واحة الأحساء الزراعية تفوق من حيث عددها قرى الواحة، حيث بين رصد ميداني أن هناك 27 مدينة مقابل 21 قرية، وأن سكان قرى الواحة (هم حضريون لا ريفيون)، وأن سكان المدن والقرى الشرقية والشمالية يمثلون 35 % من إجمالي سكان الأحساء.

وفي وقت يظن كثيرون أن «الهفوف، والمبرز، والعيون، والعمران، والجفر» هي مدن الواحة، إلا أن الحقيقة أن هناك مدناً أخرى كثيرة يظن كثيرون أنها قرى.

اعتقاد خاطئ

انتقد واضع الدراسة، عضو مجلس بلدي الأحساء «سابقاً»، عضو فريق الأحساء المبدعة في اليونيسكو، الباحث في التجمعات الحضرية والريفية علي السلطان احتفاظ المدينة بمسمى القرية، موضحاً لـ«الوطن» أنه «يعتقد البعض أن طباع ساكني القرى ستتغير مع تغيير المسمى من قرية إلى مدينة، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن معظم القرى حالياً هي في الواقع مدن، وأن من نسميهم قرويين هم مدنيون من حيث التعليم والصحة والثقافة والمسكن والمأكل والممارسات اليومية والحياة الاجتماعية والكرم وطيبة النفس والأريحية»، لافتاً إلى أن سكان قرى الأحساء، التي ينطبق عليها تصنيف القرية هم حضريون «مدنيون»، بسبب التنمية التي شهدتها المملكة عامة والأحساء خاصة.

قرى بلا قرويين

شدد السلطان على تحول كل قرى واحة الأحساء بلا استثناء من مجتمعات ريفية إلى حضرية بسبب توفر الخدمات، وانتقال سكانها من مجتمع زراعي ريفي إلى مجتمع يعمل في الوظائف العامة، هذه الحالة أوجدت قرى بلا قرويين وفق التنمية المتعاقبة التي تشهدها المملكة، ومنها رفع مستوى التحضر، مشيراً إلى أن بعض البلدات لا تزال تحت مسمى قرية بسبب عدم بلوغ سكانها 5 آلاف نسمة، بيد أن سكان هذه البلدات أصبحوا حضريين بسبب التعليم والصحة والمهن والوظائف الأخرى، وهذا مما تتميز به الأحساء من تسارع في التحضر وازدياد في عدد المدن، مبيناً أن هناك احتمالاً لانضمام قريتي الساباط والشهارين، إلى كشف المدن في التعداد المقبل، إذ من المتوقع أن كل منهما زاد عدد سكانها في السنوات الأخيرة إلى أكثر من 5 آلاف نسمة، وأن أكبر قرية في واحة الأحساء هي الساباط، وأصغرها السيايرة.

معلومات موثقة

أبان السلطان أن دراسته تهدف لتزويد المسؤولين بالمعلومات الموثقة التي تمنحهم فرصة اتخاذ القرارات على ضوئها بكل طمأنينة، إضافة إلى رفع مستوى الوعي لدى بعض المواطنين تجاه التجمعات الحضرية والريفية، موضحاً أن «من بين خسائر عدم تحول المسمى من قرية إلى مدينة، نوعية خدمات البلدية، وصندوق التنمية العقاري، والرهن العقاري، ومكانة الأحساء وحجمها، والتردد في عدم إقامة مشاريع استثمارية خشية عدم الجدوى، وسلبيات النظرة المحلية لمفهوم القرية في كثير من الأحيان».

مضيفاً «على مدى 35 سنة ماضية، حصل عدد من مواطني الأحساء على قروض لم يتجاوز سقف الواحد منها 200 ألف ريال للتعامل مع مواقع سكناهم على أنه قرية على الرغم من أنها موجودة في كشف المدن حسب موقع الهيئة العامة للإحصاء».

وأشار «خلال عملي عضوا في مجلس بلدي الأحساء في الدورة السابقة، زرت وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية لشؤون تخطيط المدن الدكتور صالح بن علي الهذلول (تقاعد حاليا)، وسألته عما نسميها في الأحساء قرى، بينما هي مدن، هل هي فعلاً مدن أم أنه لا ينطبق عليها مسمى المدينة؟، فكان جوابه: إنها مدن كغيرها من مدن المملكة».

ولفت إلى أنه قدم دراسته كعرض للمجلس البلدي السابق، طلبها فيه اعتماد مسمى مدن لبعض قرى الأحساء، ووافق المجلس البلدي لكن أمانة الأحساء أحالت الملف إلى مكتب استشاري لدراسته والتأكد من صحة الطلب، وهو ما أكده المكتب، وقد اكتملت الدراسة قبل انتهاء مدة المجلس بـ6 أشهر وتم تقديمها للأمانة، علاوة على مناقشة ملف تمدين القرى في اجتماع لجنة تحديد احتياجات القرى والهجر، وطرح الموضوع وإقراره في اجتماع المجلس البلدي في الدورة السابقة.

اعتبارات التصنيف

أشار المتخصص في تخطيط المدن، المهندس أحمد المطر لـ«الوطن» إلى أن هناك 3 اعتبارات رئيسة لتصنيف المستوطنات البشرية بين الأرياف والمدن، وهي عدد السكان، ومستوى الخدمات والمرافق، ونوعية عمل السكان، موضحاً أن هناك توجها عالميا نحو تحضر 70 % من السكان في مناطق حضرية بحلول 2050، لافتاً إلى أنه في المدن الكبيرة رغم تزايد المشاكل الحضرية مثل التلوث والضوضاء والازدحام المروري وغيرها إلا أن هناك فرصاً كبيرة للإبداع والتطور والنمو نتيجة للتنافس والسعي لاستغلال الموارد المتاحة.

وأضاف «عند اعتبار البلدات الواقعة في واحة الأحساء قرى فإن ذلك ينعكس على عدم التوازن في التنمية، فتجد المدن تستهلك معظم الميزانيات المخصصة في التنمية والصحة والتعليم وغيرها، في حين أن توجه الدولة أن الهدف هو المواطنون والمقيمون سواء في القرى أو المدن».

وأكمل: «طبيعي أن تستأثر المدن الكبرى بالخدمات والمرافق المركزية كالجامعات والكليات والمستشفيات والدوائر الحكومية، وما يميز بلدات الأحساء، هو قربها من حاضرة (الهفوف، والمبرز)، إذ لا تتجاوز المسافة الزمنية بينها أكثر من نصف ساعة، ومعظم سكان البلدات في الأحساء لا ينطبق عليهم العمل الريفي (الزراعة، صيد الأسماك، الحرف اليدوية)، فمعظمهم الآن يعمل في وظائف ثابتة في القطاع العام الحكومي أو القطاع الخاص في الشركات والمؤسسات».

فوائد التصنيف

أبان المطر أن من بين فوائد تغيير تسمية البلدات من قرى إلى مدن هو أن تأخذ نصيبها من التنمية أسوة بالمدن الكبرى، المشاركة بصورة أكبر في الفعاليات والمناشط التي تتم على مستوى المحافظة، ورفع مستوى نصيب الفرد من الخدمات والمرافق العامة كالمستشفيات والمدارس وغيرها، وإقامة المراكز الخدمية الرئيسية بين هذه البلدات كالكليات والمستشفيات والمعاهد وغيرها، موضحاً أن الدراسة التي قدمها السلطان ترتكز على أسس منهجية وهي الاعتماد على توجه الدولة من خلال الهيئة العامة للإحصاء على تسمية القرى والمدن من خلال عدد السكان وكذلك الاستئناس بتجارب الدول المتقدمة في تسمية المستوطنات البشرية، وبقي أن يتم إعادة النظر من الجهات الخدمية في تغيير النظرة نحو هذه البلدات باعتبارها مدناً، وبالتالي تقديم الخدمات والمرافق وتخطيطها حضرياً، مشجعاً فكرة دمج البلدات المتجاورة جغرافياً والمتصلة عمرانياً لتكون مدينة متوسطة الحجم تستحق أن تخدم بالمرافق المركزية لكي يخف الضغط على حاضرة الأحساء.

إيجابيات تحول مسمى القرية إلى مدينة

ـ تأخذ نصيبها من التنمية

ـ المشاركة بصورة أكبر في الفعاليات والمناشط

ـ رفع مستوى نصيب الفرد من الخدمات والمرافق

ـ إقامة المراكز الخدمية الرئيسة كالكليات والمستشفيات والمعاهد

زيادة حجم ونوعية الخدمات البلدية.

ارتفاع مكانة الأحساء وحجمها.

التوسع في تنفيذ المشاريع الاستثمارية.

إيجابيات النظرة المحلية لمفهوم المدينة عن القرية في الكثير من الأحيان.

ترتيب مدن الأحساء وفقاً لعدد السكان من الأكبر إلى الأقل:

الهفوف

المبرز

العيون

الطرف

الشعبة

الحليلة

البطالية

المنيزلة

العمران

الكلابية

القرين

الجشة

الجبيل

الجفر

القارة

التويثير

الرميلة

المنصورة

الجرن

المركز

الفضول

الحوطة

المطيرفي

بني معن

جليجلة

الشقيق