من الثورات العلمية التي تجتاح العالم الآن، وتؤذن بمستقبل غريب، ليس كما نتخيله، جمع والتر تروت أندرسون خيوط كتابه «عصر الجينات والإلكترونات»، وغزله وهو يتحدث عن ثورة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونات والذكاء الاصطناعي، معرجا على ثورة البيولوجيا الجزيئية والهندسة الوراثية والطب، ومتحدثا عن الجسم البشري ونقل الأعضاء، والمجتمع البشري ومشكلات البيئة. يعرض النتائج ويسبر الأغوار، ويثير القضايا ويبلور الأفكار، ليكشف لنا كيف يتطور الإنسان الآن في عصر العالم الذي نحياه؟، وأين نحن؟ وإلى أين نمضي؟.

عواقب وخيمة

الكتاب، الذي ترجمه الدكتور أحمد مستجير، يشكك في المشروع المزدهر للهندسة الوراثية، حيث يجادل «أندرسون» بأن التكنولوجيا - في تكرار كيمياء الطبيعة - ستحول في الواقع عملية التطور البشري، مما يخلق ترابطا بين الإنسان والآلة. وفي حين أن هذا قد يسمح لنا بالقضاء على الأمراض القاتلة أو إنشاء «نظام عصبي عالمي»، لتحديد كيفية إدارة الموارد الطبيعية، يحذر «أندرسون» من أنه قد تكون هناك عواقب وخيمة، حيث قد يرفض بعض الناس، كما يفعلون الآن، قبول التكنولوجيا. ويرى أنه بالنسبة لأولئك الذين يقبلون تأتي مسؤولية لعب دور ما في هذا التطور أو أن يصبح الإنسان «صانعا للعالم». ويعتقد «أندرسون» أن هناك حاجة إلى الفحص الأخلاقي للتكنولوجيا، وأنه في النهاية يجب أن يكون هناك شكل من أشكال الحكم.

وقت مثير

يغطي «أندرسون» في كتابه، عبر قراءته الحياة المتغيرة للجسم البشري، وتطور الزراعة والصناعة، والتحولات المستمرة لكوكب الأرض، أحدث القضايا العلمية بوضوح وتسلسل، من علم الأحياء وعلم التحكم الآلي وتكنولوجيا المعلومات إلى الزراعة وحماية البيئة والأبحاث الجينية. وعلى الرغم من أن جميعها مجالات متخصصة، فإن «أندرسون» يوضح كيف تتفاعل مع بعضها بعضا، مشددا على أن كل ذلك يحدث في وقت مثير للبقاء على قيد الحياة.

ونظرا لأن «أندرسون» لا يمكنه التأكد من الخلفية التي يجلبها كل قارئ إلى كتابه، فإنه يقضي النصف الأول من كل قسم في مسح واحد أو اثنين من موضوعاته المترابطة، لكنه يحفظ العناصر التي لها أكبر تأثير في الأقسام الأخيرة.

تتجذر خلفية «أندرسون» الشخصية في الحركة البيئية، وموقفه المعتدل بشأن بعض القضايا منعش تماما مقارنة بالديماغوجية التي نتعرض لها يوميا. بينما قد لا تتفق مع تنبؤاته، حيث من المهم التفكير فيها ومناقشتها.

«الإنتروبيا» مقياس الفوضى

تتمثل أطروحة «أندرسون» الأساسية في أن البشر قد سيطروا على تطورهم، وأن آليات هذا التحكم هي التقارب بين علم الأحياء والتكنولوجيا، على نحو ما نرى اليوم في مجال التكنولوجيا الحيوية المتنامي. ويتداخل «أندرسون» عن كثب مع فكرة أن المعلومات هي عكس «الإنتروبيا» (إحدى المبادئ المهمة في الفيزياء والكيمياء، بالإضافة إلى إمكانية تطبيقها في مجالات أخرى مثل علمي الاقتصاد والفلك، فهي تعد جزءا من الديناميكا الحرارية، وفي الكيمياء الفيزيائية تعد مبدأ أساسيا، فـ«الإنتروبيا» هي مقياس الفوضى داخل نظام ما، وهي إحدى الخصائص الواسعة للديناميكا الحرارية، بمعنى أن قيمتها تتغير باختلاف مقدار المادة الموجودة داخل النظام)، ويتقاطع في ذلك مع مفهومه عن المعلومات، باعتبارها آلية التحكم التي نعدل بها بيئتنا البيولوجية، بمعنى أننا فعلنا ذلك في الماضي من خلال استخدام العدسات التصحيحية واللقاحات، لكن هذه ليست سوى خطوات صغيرة مقارنة بالخطوات التي قد نكون قادرين على القيام بها قريبا.

والتر ترويت أندرسون

ولد في الولايات المتحدة الأمريكية 1933.

يعمل رئيسا للقسم الأمريكي في الأكاديمية العالمية للفنون والعلوم.

ذاع صيته كاتبا ينقل أعقد الأفكار للقارئ العام.

يستكشف في محاضراته وكتبه التحديات والحدود التطورية للقرن الحادي والعشرين.

الرئيس الفخري للأكاديمية العالمية للفنون والعلوم (شغل منصب الرئيس 2000-2008).

زميل مؤسس لمعهد ميريديان الدولي.

زميل معهد العلوم السلوكية الغربية (لاجولا - كاليفورنيا).

عضو هيئة تدريس استشاري متميز بجامعة سايبروك في سان فرانسيسكو

اشتملت معظم جهوده الكتابية الرئيسة على:

1 - إدارة التطور البشري

2 - مغامرات أخرى للحيوان السياسي