ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من المقاطع والصور لمعلمين ومعلمات ترتسم على محياهم علامات التأثر والحزن نهاية كل عام دراسي؛ لوداعهم وفراقهم طلابهم وطالباتهم، وهو ما شكك كثيرون بحقيقته، ورأوا أنه أمر مفتعل بعيد عن الصحة والمصداقية، مشددين على أن المعلمين مثل الطلاب ينتظرون بفارغ الصبر اللحظات الأخيرة لكل عام دراسي لقضاء إجازاتهم الصيفية المطولة.

في المقابل، رأى آخرون أن دموع المعلمين والمعلمات قد تكون حقيقية نتيجة تأثرهم خصوصا حين يرتبطون مع الطلاب بعلاقات ود صادقة تجعلهم يتأثرون بالفراق.

أمر مستحدث ومتصنع

يشدد المعلم عبدالله يحي آل داشل على أن «الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن الإجازة متنفس مهم لكل عامل، ولا شك أن الجميع ينتظرونها بعين الشوق واللهفة بعد جهد قدموه خلال عام دراسي كامل مع ما فيه من متاعب ومصاعب».

وتابع «ما نشاهده ممن يدعون المثالية ويتصنعون الحزن لفراق المدرسة والطلاب، وادعاء أن هذا الأمر متعب لهم نفسيا، وأنهم لا يريدون الابتعاد عن جو الطلاب والمدرسة يبقى أمرا مستحدثا يستهويه أصحاب التصنع لأهداف يعرفها الجميع من حب الظهور».

وتساءل «لماذا الحزن، فالمعلم يفترض أنه حقق ما يريد، والطالب سيذهب ناجحاً لمن يريد، وبالتالي يجب أن تسود مشاعر الفرح والابتهاج لأن الجميع حققوا أهدافهم مع نهاية العام الدراسي».

دمعة التوقف الإجباري

يبرر المعلم عبدالرحمن صالح عبدالقادر مشاهد التأثر والحزن لكن في حالات خاصة، ويقول «قد نشاهد عددا من المعلمين الأكفاء الذين قضوا سنوات طويلة في حقل التعليم حتى أن بعضهم زامل لاحقا عددا من طلابه وتلاميذه في نفس المدرسة، وقد ينتابه الحزن الكبير بالفعل عند وداعهم طلابهم حين يحالون إلى التقاعد أو يتعرضون لعائق صحي يجبرهم على الابتعاد النهائي، حيث يكون وداعا إجباريا لزميلائه وطلابه ومقر عمله الذي قضى فيه سنوات أدى فيها رسالته وأمانته».

ويكمل «أما ما نشاهده اليوم من فلاشات ومقاطع مفتعلة يتم فيها تمثيل الحزن لوداع الطلاب فهي مقاطع زائفة ومخادعة، ولا تنسجم مطلقا مع انتظار الجميع للإجازة بفارغ الصبر».

معلمو شوفوني

يبين المعلم عبدالله صالح الفقير أن كل معلم ومعلمة يستحقون التحية والتقدير، لأنهم أدوا واجبهم السامي بكامل واجباتهم، وأدوا رسالتهم بكل أمانة وإخلاص، باذلين كافة الجهود لتحقيق الأهداف، وبذلوا جهدهم بما يحقق مصلحة الطلاب والطالبات، وقال «دمعة المعلم الصادق المخلص الوفي لا تنزل ولا تنحدر من عينيه إلا لأمر واحد، وهو عندما يرى بأم عينيه أحد طلابه وقد تقلد منصبا إداريا أو عسكريا أو طبيا أو هندسيا أو في أي مجال آخر، وتذكر أنه كان له دور فيما وصل إليه تلميذه، هنا يستحق بأن تذرف عيناه فرحا وسعادة، أما أي أمر آخر فلا أعتقد صدقه، وما نراه من البعض يبقى مجرد هراء، فالمعلمون والمعلمات يترقبون بفارغ الصبر انتهاء العام الدراسي لالتقاط الأنفاس والاستمتاع بالإجازة مع ذويهم».

وأكمل «ما يرسمه البعض من حزن يبقى لوداع العام الدراسي والطلاب يبقى في رأيي مجرد تلميع أو حتى يقول مدمن الفلاشات (شوفوني)، ظنا أن هذا يحقق له انتشارا في مواقع التواصل الاجتماعي، وبرأيي أنه حزن مرسوم يكذبه الإنهاك الذي يتعرض له المعلم خصوصا بعد إقرار الفصول الثلاثة المنهكة لهم ولطلابهم».

لحظات وداع

تخالف المعلمة نجوى حسن مهدي آراء من سبقوها، وتؤكد أن تأثر المعلمين والمعلمات لفراق طلابهم وطلباتهم مع نهاية العام الدراسي يحدث، وقد يترجم هذا التأثر بالبكاء والدموع، وتقول «لا شك أن تلك المواقف تحدث بكثرة بين المعلمات وطالباتهم أكثر منها بين المعلمين، فقد تتشأ علاقة ود وحميمية كبيرة بين المعلمة وطالباتها فتكون لحظات نهاية العام الدراسي صعبة لأنها لحظات وداع وفراق، وعلى وجه الخصوص عندما تودعهم ويكون عليها أن تكمل رسالتها التعليمية في مكان ومقر آخر بعيد».

وتضيف «لا شك أننا جميعا ننتظر الإجازات بمختلف أنواعها ومدتها لنلتقط فيها أنفاسنا ونستمتع بلحظاتها مع الأبناء وكافة الأسرة والأهل، لكن هذا لا يمنع أننا نتأثر حين نفارق أحبة آخرين هم طلابنا».

مشاهد تدعو للضحك

يذهب المعلم مهند عبدالله الكستبان بعيدا ويري أن مشاهد الحزن والتأثر بالوداع عند نهاية العام الدراسي مشاهد تدعو للضحك والتعجب والسخرية، ويقول «أي حزن نتحدث عنه عقب نهاية عام دراسي مطول بُذل فيه كثير من الجهد والتعب، وطال فيه الإرهاق الجميع، وآن أوان الاستمتاع بالإجازة، وهو وقت يستحضر الفرح والسعادة وليس البكاء والدموع».

ويختم «تلكم المشاهد التي يتم تصويرها تخفي وراءها مقدارا كبيرا من الفرح يظهر على وجه هؤلاء المتأثرين بعد ثوان قليلة فقط من مغادرتهم مقر المدرسة».