قبل توحيد المملكة علي يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله تعالى، وجعل قبره روضة من رياض الجنة- كان الناس لا يأمنون على أموالهم وأهليهم، فهناك جهل مُركب، وفوضى عارمة، القوي يأكل الضعيف، قطاع الطرق في كل حدب وصوب، يروعون المسافرين وينهبون أموالهم، ذئاب وأسود في صورة بشر، قلوب كالحجارة بل أشد قسوة، لا يرحمون لا رجلاً ولا امرأة ولا طفلاً رضيعاً، ولا شيخاً كبيراً، همهم كل همهم الحصول على المال والمتاع بأي طريقة، وعلى أية حال. لكن بعد توحيد المملكة؛ علي يد الملك البطل عبدالعزيز وُحِّد الصف، واجتمعت الكلمة على راية التوحيد، حينها ذاب التناحر والحقد والكره، ونعرات الجاهلية؛ فأصبح الأمن مستتباً، لا وجود للظلم والإجرام؛ وشرع الله ينفذ في حق كل من سولت له نفسه؛ ممن ألِف الظلم واستساغ الجريمة. فالسارق تقطع يده، والقاتل يقتل، ومن يسعون في الأرض فساداً، كقطاع الطرق، ومن على شاكلتهم، فعقابهم بنص القرآن قال تعالى: «والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (38) المائدة وقال تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (33) المائدة.

ولازلنا -ولله الحمد- ننعم بالأمن والأمان منذ عهد الملك عبدالعزيز، ومن خلفه من ملوك المملكة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود-حفظهما الله-، فلا وجود لقطاع الطرق والمجرمين، كلٌّ آمن على نفسه وأهله وأمواله، ننام والأبواب مشرعة، وسياراتنا ومركباتنا على قارعة الطريق، ونقطع آلاف الكيلو مترات ونحن في أمن وأمان لا ينغص رحلة سفرنا أدنى منغصات الحياة، لكن ظهر لنا قطاع طرق من نوع آخر، تطرق لهم ابن القيم بقوله:

«بين العمل وبين القلب مسافة، وبين القلب وبين الرب مسافة، وفي تلك المسافات قطاع طرق، يقطعون الطريق على السائرين، يقطعون الطريق أن يصل العمل إلى القلب، وأن يصل القلب إلى الرب، فتجد الرجل كثير العمل، وما وصل إلى قلبه من عمله شيئاً، لا خوف، ولا رجاء، ولا حب، ولا يقين، ولا رضا، وقد تستولي النفس على العمل الصالح فتصيره جنداً لها فتصول به وتطغى، فترى الرجل أعبد ما يكون، أزهد ما يكون، أطوع ما يكون، وهو عن الله أبعد ما يكون».

فالحذر كل الحذر من هذه العينة من قطاع الطرق، فما أكثرهم في زماننا !.