المؤسسات التعليمية والصحية اليوم أهم المؤسسات التي يجب أن تخضع، بين فترة وأخرى، إلى التطوير العلمي والعملي الممنهج، الذي يسهم أن تكون دوما فى مواكبة عصرية فى شتى مجالاتها، بعيد عن التغيير الذي مفهومه يرتكز فى الغالب على الاجتثاث، مما يصعب معه الربط والتوازن والمواكبة، من خلال المعطيات الإيجابية التي تنمي الاستشراف الفاعل البناء المستدام، بعيدا عن الارتجالية التي عادة تكون أضراراها أشد فتكا وسلبية.

لذلك كانت الدولة - وفقها الله - ممثلة في ولاة الأمر - حفظهم الله، ثم المسئولين المخلصين المؤتمنين على إدارة تلك المؤسسات، حريصة على دعم كل ما من شأنه خدمة الصالح العام. وبإيجاز مختصر، لو عرجنا على مراحل دعم وتطوير التعليم، لوجدنا سيرة خالدة ومسيرة موفقة، حظيت بالعديد من المشاريع الضخمة، التي تطلبت دراسات وأبحاث وورشا ودعما ماديا وبشريا كبيرا، ولا شك كثير منها حالفه التوفيق، ومنها ما لازال يحتاج إلى إعادة نظر، ولعل آخرها اعتمادات مليارية كبيرة، من المفروض أن تأتي بآثار إيجابية ملموسة، حيث إن التعليم لا يمكن أن يكون حقل تجارب، بل ورش عمل ومتابعة وتطويرا روتينيا ومواكبة، لا تغييرا مفاجئا.

وقد جاءت «رؤية 2030» لتحيي الآمال، وتجدد التطلعات إلى مستقبل مشرق - بإذن الله. هذا الأسبوع، أعلنت وزارة التعليم عما سمي «التقويم الدراسي الجديد»، الذي حقيقة كان مفاجأة من حيث التوقيت والإجراء الشامل لشقيه العام والجامعي، حيث كان من الأولى التريث فى الإعلان، وتحديد التطبيق عند إعادة الدراسة إلى وضعها الطبيعي، حيث إن هنالك تغييرا مفاجئا وكبيرا حدث فى الموسمين الماضيين نتيجة خشية تفشي وباء «كورونا»، تمثل فى الدراسة عن بُعد، مما ترتب عليه فاقد تعليمي، سيتم تقديره بعد العودة للمدارس، ومعرفة أثر ذلك، خصوصا على تلاميذ الصفين الأولين من التعليم الابتدائي أو حتى المتوسط والثانوي، وكذلك على طلاب الجامعات، سواء المستجدين أو الخريجين، ولا سيما أننا لاحظنا نسبة التخرج بامتياز مع مرتبة الشرف تفوق المواسم الماضية بشكل لافت، وهذا حتما يتطلب وقتا للدراسة والتقصي.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى التقويم نفسه يعمل به منذ سبع سنوات تقريبا، وهناك دراسات توضح أن هنالك سلبيات كبيرة، وماذا إذا كان تم الاطلاع على تلك التجربة، ولا سيما أنها فى دولة تعد متقدمة فى مجال التعليم، ودوما تعتز مؤسساتنا التعليمية بمناشطها وجوائزها التي تحصدها.

لذلك أرى أن التريث مطلب ملح، وعلى وزارة التعليم، التي نتعشم أن تتقبل الآراء، أن تعطيه أهمية، لما فيه الصالح العام، وأن تؤمن بمنهجية النقد مثلما ترغب فى تبنيه كمنهج من خلال المنهج المقرر مستقبلا «التفكير الناقد». هذا وبالله التوفيق.