خرج الاقتصاد العالمي عن مداراته التقليدية على الأرض لتضع الدول قدمها بقوة في ما يعرف بـ«اقتصاد الفضاء» الذي توقع البنك الدولي في أحدث تقرير له أن ينمو بقوة حتى يصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2030 بينما لم تضيع المملكة وقتا لحجز حصتها في ذلك المورد الاستثنائي حيث تخطط لدعم برنامجها الفضائي بثمانية مليارات ريال بحلول عام 2030 فى إطار خطة التنويع الاقتصادي التي تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي وخلق آلاف من فرص العمل ومزاحمة الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والهند نحو الفضاء باعتباره منجم استثمارات غير تقليدية.

شركات الفضاء

بلغ حجم اقتصاد الفضاء في العالم نحو 400 مليار دولار خلال عام 2019 وترجح التوقعات نموه ليصل إلى 1.1 تريليون دولار عام 2040 و2.7 تريليون دولار بحلول عام 2050. وكشف تقرير صادر عن شركة «سبيس كابيتال» الأمريكية أن الاستثمار الخاص في شركات الفضاء بلغ في 2020 نحو 8.9 مليارات دولار.

وقال تشاد أندرسون، الشريك الإداري للشركة، إنه رغم التوقعات بأن البنية التحتية للفضاء ستكون الأكثر تضررا من وباء كورونا، فإنه تبين أن عام 2020 سجل رقما قياسيا للاستثمار.

قادة اقتصاد الفضاء

خلال العام الماضي، شهد انتعاشة قوية رغم التداعيات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي كما استضافت المملكة الاجتماع الأول لقادة اقتصاد الفضاء، من خلال رئاستها لمجموعة العشرين في عام 2020 وذلك بإيجاد مبادرة استثنائية وتاريخية، لتسليط الضوء على اقتصاد الفضاء كمساهم وممكن للاقتصاد العالمي. حيث بلغ حجم اقتصاد الفضاء في دول مجموعة العشرين أكثر من 390 مليار دولار في عام 2019، تتضمن الإنفاق الحكومي وإيرادات القطاع الخاص، وهو ما يمثل 92% من اقتصاد الفضاء في العالم.

الفضاء أولوية سعودية

يمكن لاقتصاد الفضاء، أن يلعب دورا رئيسا في تشكيل آفاق جديدة للاقتصاد العالمي، وأن يبرز فرصا مميزة يمكن للجميع اغتنامها، وقد فطنت السعودية لذلك مبكرا ووضعت اقتصاد الفضاء كأولوية ضمن محور «تشكيل الآفاق الجديدة»، حيث نصت على: «تعزيز التعاون في مجال الفضاء»، كما أجريت دراسة على جميع أولويات برنامج رئاسة المملكة لمجموعة العشرين 2020، وتبين وجود «11» أولوية من أصل «22» أولوية يمكن أن يساهم اقتصاد الفضاء في إثرائها.

اقتصاد المستقبل

قدر بنك أوف أمريكا في مذكرة بحثية حجم اقتصاد الفضاء بنحو 424 مليار دولار حتى بنهاية عام 2019، ورجح أن يتم توليد العائدات الأساسية من خدمات الأقمار الصناعية والصواريخ، في ظل توقعات تنامي الطلب بكثافة على إنترنت الأقمار الصناعية، وتوصيل الطرود بالصواريخ.كما أن هناك مجالات واعدة للسياحة الفضائية وتوظيف تكنولوجيا الفضاء في تطوير قطاعات الإسكان والزراعة والتعدين والمناجم.

وعلى صعيد الاستثمارات، فقد شهدت قفزات هائلة فبعد أن كانت لا تتجاوز 1.06 مليار دولار خلال الفترة من 2000 حتى 2004، فقد فاقت 16.84 مليار دولار منذ 2015 حتى 2019.

ويأتي هذا النمو في الاستثمارات، بدعم من مشروعات واسعة لغزو الفضاء والصعود إلى كوكب المريخ.

مجالات اقتصادات الفضاء

يشير اقتصاد الفضاء إلى الاستثمارات في عدة أنشطة اقتصادية مرتبطة بالفضاء، تتضمن مجالات الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والإنترنت المعتمدة على الأقمار الصناعية، فضلا عن التنقيب والتعدين في الفضاء، وسياحة الفضاء بواسطة المركبات الفضائية. وتعتبر مصادر الطاقة المتجددة مجالا نشطا للأبحاث والدراسات والتطوير داخل وكالات الفضاء.

ويشمل أيضا إطلاق الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات والمراقبة الأرضية في ضوء الثورة غير المسبوقة في مجال الإعلام المرئي، إلى جانب الأقمار النانونية، حيث تم إطلاق ما يقرب من 100 قمر من هذا النوع خلال عام 2014. وتوضع الأقمار النانوية التي تستخدم في المراقبة الأرضية اليومية. كما تلعب تكنولوجيا الفضاء في مجالات التخطيط الزراعي، وإدارة الكوارث والأزمات، ومراقبة الأرض، وحركة النقل، والتخطيط العمراني الحضري.

صناعة الفضاء

تقود شركات عالمية الاستثمارات في اقتصاد الفضاء من خلال تنظيم رحلات سياحية للفضاء والاستفادة من تقنيات الإنترنت الفضائي، بقيادة إيلون ماسك مؤسس شركتي «تسلا»، و«سبيس إكس لعلوم الفضاء» التي تستهدف توصيل الناس إلى كوكب المريخ مستقبلا، وجيف بيزوس مؤسس متجر «أمازون» للتسوق الإلكتروني، والذي أطلق شركة «بلو أوريجن» للهبوط على سطح القمر. هذا إلى جانب ريتشارد برانسون مؤسس شركة «فيرجن للطيران»، إلى جانب شركة «مايكروسوفت».

ووصل حجم اقتصاد صناعة الفضاء في 2019 إلى نحو نصف تريليون دولار، بحسب تقرير مؤسسة الفضاء والتي تعتد أهم مؤسسة تتابع صناعة الفضاء عالمياً. وأظهرت تحليلات تقرير الفضاء أن النشاط الحكومي والتجاري في قطاع صناعة الفضاء حقق نموا بنسبة 73% في السنوات العشر الأخيرة.

يغطي تقرير الفضاء بشكل ربع سنوي كافة جوانب قطاع اقتصاد الفضاء، وصناعة الخدمات والصناعات المساعدة، أو التي تشترك في جزء من نشاطها مع قطاع الفضاء، إضافة إلى قوة العمل في تلك القطاعات، وأيضاً المنتجات الفضائية، وعمليات الإطلاق الحكومية والتجارية، والدراسات والأبحاث والتطوير. وتعتمد أغلب المؤسسات والهيئات الدولية على تقرير مؤسسة الفضاء في الحصول على معلوماتها عن القطاع، ووضع سياساتها واستراتيجياتها المستقبلية.

وبحسب أرقام التقرير فقد، زاد حجم هذا القطاع من الاقتصاد العالمي بنحو 9 مليارات دولار في 2019 مقارنة بعام 2018، ليصل إلى 423.8 مليار دولار، أي بنسبة نمو سنوي 2.2% فقد بلغ حجم اقتصاد الفضاء في 2019 نحو 414.75 مليار دولار.

أزمة كورونا

وبحسب التقرير، لم تؤثر أزمة وباء كورونا (كوفيد-19) على هذا القطاع الذي واصل نموه وإنتاج وإطلاق مركبات فضائية جديدة بمعدلات تقترب من المتوسط السنوي.

وارتفع العائد التجاري في قطاع صناعة الفضاء العام الماضي بنسبة 6.3%، ليصل إلى 336.89 مليار دولار مقابل 328.86 مليار دولار في عام 2018. ومن بين العائدات التجارية، حققت الخدمات ومنتجات صناعة الفضاء نمواً سنوياً بنسبة 1.7% لترتفع إلى 217.72 مليار دولار مقابل 214.18 مليار دولار في عام 2018. أما الصناعات المساعدة، والبنية التحتية، وهي أيضا ضمن العائدات التجارية لقطاع اقتصاد الفضاء، فحققت نمواً سنوياً كبيراً بنسبة 16.1% لتصل إلى 119.17 مليار دولار، مقابل 102.66 مليار دولار في عام 2018.

مع زيادة إقبال دول مختلفة على تطوير قطاع الصناعات الفضائية في اقتصادها، حققت أرقام إطلاق مركبات فضائية في مهام تجارية على مستوى العام نموا بنسبة 48%. فقد أطلقت 251 مركبة فضائية في مهام تجارية في عام 2019، مقابل إطلاق 170 مركبة مشابهة في عام 2018.

إطلاق المركبات الفضائية

عمليات إطلاق المركبات الفضائية الناجحة في النصف الأول من العام من 1 يناير إلى 30 يونيو 2020، لم تتأثر بأزمة وباء كورونا، وكانت في نطاق المعدل السنوي حسب السنوات الأخيرة. ففي نصف العام الحالي تمت بنجاح 41 عملية إطلاق، بينما المتوسط للسنوات الخمس الأخيرة هو 43.2 عملية إطلاق ناجحة.

وبلغت القوة العاملة في قطاع الفضاء في أوروبا في العام الماضي 47 ألفا و895 يعملون في الأغلب في مجالات التطوير والتصميم والتصنيع لمنتجات قطاع الفضاء. وحققت أرقام العمالة الأوروبية في القطاع الفضائي زيادة بنسبة 6.2% عن أرقام العام السابق 2018. وكانت الزيادة في أوروبا تقريبا ثلاثة أضعاف الزيادة في أعداد العاملين في صناعة الفضاء في الولايات المتحدة، التي حققت نموا بنسبة 2% العام الماضي مقارنة مع العام الذي سبقه.

رغم زيادة أعداد العاملين في قطاع الصناعات الفضائية في أوروبا، وعدم تأثر التوظيف في القطاع بأزمة وباء كورونا، لم يكن وضع التوظيف في القطاع في أميركا سيئا إجمالا. ففي الفترة من ديسمبر 2019 إلى نهاية مايو 2020، أي الفترة التي شهدت نسب بطالة عالية في الاقتصاد الأمريكي بسبب أزمة وباء كورونا، فقد 241 ألفا و600 من العاملين في الصناعات المساعدة وظائفهم. في المقابل، زادت أعداد العاملين في مجالات الصواريخ الموجهة، والمركبات الفضائية، وقطع غيارها، ومعدات الملاحة الفضائية، والبحث بمقدار ألف و400 وظيفة جديدة خلال تلك الفترة.

مرحلة سعودية جديدة

تملك السعودية سجلا حافلا مع الفضاء فقد سجلت المملكة اسمها كأول دولة عربية تشارك في رحلة الفضاء ديسكفري 1985، التي واكب انطلاقتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتمضي المملكة بعدها في ركب علوم الفضاء وأبحاثه، وتطور من أدائها العلمي بما يواكب برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، أحد برامج رؤية المملكة 2030.

وتشهد المملكة مرحلة جديدة من صناعة الفضاء واقتصاده، فما بين أعوام 2000– 2019 تمكنت من إطلاق 16 قمرا اصطناعيا سعوديا إلى الفضاء، بإشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية «كاكست»، سجل آخرها القمر السعودي للاتصالات SGS1، الذي أطلق في 6 فبراير 2019، حاملا توقيع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي كتب عليه عبارة «فوق هام السحب».

الهيئة السعودية للفضاء

أثمر اهتمام خادم الحرمين الشريفين بمشروع قطاع الفضاء في المملكة وتابعه منذ إسهام 30 عالما سعوديا في دراسة رحلة الفضاء الأمريكية ديسكفري عام 1985 عن تحقيق المملكة عديدا من الإنجازات العلمية في ذلك المجال، واستمر ذلك الاهتمام مع إطلاق «رؤية 2030» وصولا إلى أمر خادم الحرمين الشريفين بإنشاء الهيئة السعودية للفضاء لتكون الجهة الوطنية المسؤولة عن تطوير القطاع وتوجيه الجهود بما يحقق للمملكة الريادة والمكانة الدولية التي تستحقها.

وقدرت دراسة أجراها بنك مورجان ستانلي، «أن يتخطى اقتصاد الفضاء تريليون دولار عام 2040، بالتركيز على المداخيل الأساسية، التي ستكون من عوائد خدمات الأقمار الاصطناعية والصواريخ. وقال: إن هناك توجها نحو تطوير اقتصاد صناعة الفضاء، إذ يوجد عدة مصادر تقيس حجم هذا الاقتصاد، منها: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، التي توقعت عوائد الاستثمار أن تراوح بين 280 و300 مليار دولار، وشركة الأبحاث «يوروكونسولت» التي توقعت أن يصل إلى 360 مليار دولار.

تنويع إيرادات السعودية

أكد ولي العهد في حديث له، أخيرا، أن تنويع إيرادات المملكة أمر مهم وحيوي يعمل عليه صندوق الاستثمارات العامة من خلال دعم قطاعات جديدة ومنها الفضاء، وبين ولي العهد أن لقطاع الفضاء أثرا مباشرا على الاتصالات والتقنية، وهو مرتبط بكثير من القطاعات مثل: البيئة، والنقل، وغيرهما، وسيكون ممكنا أساسيا لعديد من القطاعات في المستقبل القريب.

وأشار إلى أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والجهات المتخصصة تعمل على اعتماد استراتيجية المملكة للفضاء للأعوام العشرة المقبلة وتكليف هيئة الفضاء بتنفيذها، وهي استراتيجية عميقة تستوعب طموح المواطن السعودي وتطلعه وشغفه بالمستقبل، وتولي أهمية كبيرة بتنمية رأس المال البشري في علوم الفضاء ومختلف مجالاته.

مجالات اقتصاد الفضاء

- إطلاق الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات والمراقبة الأرضية

- الأقمار النانونية، حيث تم إطلاق 100 قمر من هذا النوع خلال عام 2014

- تكنولوجيا المعلومات والإنترنت المعتمدة على الأقمار الصناعية

- التنقيب والتعدين في الفضاء، وسياحة الفضاء بواسطة المركبات الفضائية

- مصادر الطاقة المتجددة وما يتعلق بها من أبحاث ودراسات داخل وكالات الفضاء.

- التخطيط الزراعي، وإدارة الكوارث والأزمات، ومراقبة الأرض، وحركة النقل، والتخطيط العمراني الحضري

حجم اقتصاد الفضاء في العالم

400 مليار دولار خلال عام 2019

تريليون دولار بحلول عام 2030

1.1 تريليون دولار عام 2040

2.7 تريليون دولار بحلول عام 2050

صناعة الفضاء 2020

%6.3 ارتفاع العائد التجاري في قطاع صناعة الفضاء

336.89 مليار دولار مقابل 328.86 مليار دولار في عام 2018.

1.7 % نمو الخدمات ومنتجات صناعة الفضاء بقيمة 217.72 مليار دولار مقابل 214.18 مليار دولار في عام 2018

16.1 % نمو الصناعات المساعدة، والبنية التحتية إلى 119.17 مليار دولار، مقابل 102.66 مليار دولار في عام 2018.

47 ألفا و895 القوة العاملة في قطاع الفضاء في أوروبا ويعملون في مجالات التطوير والتصميم والتصنيع لمنتجات قطاع الفضاء